علي الزبيدي
احتفلت ألمانيا بالأمس القريب بمرور ٣٢ عاما دون انقطاع الكهرباء ومثلها فعلت اليابان التي احتفلت بمرور ٦٠ عاما دون انقطاع التيار الكهربائي عن بيوت مواطنيها وهما من الدول التي دمرتها الحروب وهذه مصر استطاعت إنتاج الطاقة الكهربائية بطرق عدة من الطاقة الشمسية وقوة الرياح اضافة الى الطريقة التقليدية بقدرات فائضة عن الحاجة وهي الان بلد مصدر للطاقة الكهربائية ويوميا نسمع ونقرأ في الاخبار ان الدول تتسابق على طريق امتلاك خطوات التقدم العلمي والتكنولوجي لأستثمار كل فوائده وهذا ديدن الدول التي تحترم نفسها وتحترم شعوبها و لكننا في عراقنا عراق المحاصصة والمكونات والاثنيات والطوائف والمذاهب والكتل والاحزاب التي اطلت برؤوسها بعد الاحتلال لتشكل أسوء مرحلة مر بها العراق منذ قيام دولته الحديثة ويوميا تطالعنا الاخبار احتلال العراق لمواقع متقدمة ليس في التقدم بل في التخلف فبعد ١٧ عاما ولا زال المواطن فيه لا ينعم في هذا الصيف اللاهب بساعات متواصلة من التيار الكهرباء في عموم مدن العراق رغم أن ما صرف على قطاع الكهرباء يعادل ميزانية ثلاث دول من دول الجوار بل وأكثر وكأن موضوع الكهرباء وعدم إنجاز إعادة بناء المنظومة الكهربائية هو قرار سياسي وليس قرار صناعي تكنلوجي وهل يصح ان نبقى في إطار عمليات ترقيعية لم تجدي ولن تجدي ابدا مع وجود كم هائل من الفساد داخل الوزارة والذي أشارت إليه لجان مجلس النواب وهيئة النزاهة فمعضلة الكهرباء مستمرة ما دامت رؤوس الفساد تطل من هنا وهناك ومادام قرار مكافحة الفساد يحبو ولم يبلغ مرحلة المواجهة مع الحيتان الكبيرة .
وما يصح في موضوع الكهرباء يصح في كل مفاصل الدولة وخاصة التي لها مساس مباشر مع المواطنين ومنها وزارة الصحة التي اثبتت وخلال الحكومات السابقة والحالية انها وزارة لا تلبي حاجة المواطن في توفير مستلزمات العلاج والرعاية الصحية بالشكل المطلوب وهذه مرحلة وباء جائحة كورونا اثبتت ايضا ان نظامنا الصحي متخلف كثيرا عن مثيلاته في دول الجوار على سبيل المثال وليس على مثيلاته في الدول الاسكندنافية والسبب الفساد المستشري في مفاصل هذا القطاع ولنا في أسباب استقالة الوزير الدكتور علاء العلوان دليل واضح على حجم الفساد ورغم كل ذلك فإننا اليوم نقف وقفة تقدير واحترام للجيش الأبيض الذي ضحى وما زال يضحي من أجل إنقاذ أرواح الناس من هذا الفيروس اللعين.
وان شر البلاء هو ان تعرف مكان الخلل وتؤشر عليه بكل وضوح ولكن أصحاب القرار يغضون الطرف وكأن الأمر لا يعنيهم ولهذا نرى مراتب العراق دائما في تخلف فمن اسوء مدينة للعيش الى اسوء برلمان ومن ارتفاع نسبة الامية بين الشباب واليافعين الى زيادة تعاطي وترويج وتجارة المخدرات والذي نتج عنها زيادة الجريمة وتفكك العوائل بزيادة نسبة الطلاق بمعدلات مخيفة وغيرها الكثير من أنواع البلاء واسبابه وحتى على مستوى الحكومة الإلكترونية فان العراق ورغم كل الميزانيات السنوية الفلكية فهو يحتل اليوم الموقع ١٤٢ من ١٧٠ دولة . أليس في ذلك بلاء ووباء مع فقدان الكهرباء وكان الله في عون العراق والعراقيين ووقاهم شر الوباء والبلاء والكهرباء والفساد الفاسدين.
المقال منشور للكاتب في جريدة الدستور البغدادية