من عمان الى استراليا قصتي مع رحلة العلاج التي توجت بثلاثة زهور ورابعهم معجزة من معجزات الخالق
*كتابة وحوار / أشواق شلال الجابر:
يعتبر مرض عدم الأنجاب أو (العقم) من أهم أمراض العصر وا خطرها حيث يؤثرسلباً على الأستقرار العائلي ويجعل حياة الزوجين بائسه لاسيما اذا تدخل الاهل في الموضوع وقد يؤدي في بعض الاحيان الى الطلاق، ويهددالمرض الانسانيه بشكل عام وخاصة المجتمعات التي تكثر فيها الحروب لانه سوف يحد من النسل والتكاثر ولم يعوض الاعداد الكبيره من الضحايا الذي سقطوا جراء الحروب أو الصراعات الطائفيه التي تحدث هنا وهناك ، ومنذ القدم انصب موضوع مسؤولية عدم الانجاب على الزوجة فقط حتى صدور تقرير لمنظمة الصحة العالمية اعلن فيه بأن للرجل قاسم مشترك في تحمل المسؤولية لتصل نسبة العقم لديهم من (25 % الى 30 % ) وهذا الرقم في زياده مستمره لنجد أمامنا العديد من التساؤلات حول ما الأسباب التي تؤدي الى زيادة نسبة العقم وعدم الأنجاب ،
في الحقيقة والواقع أن حلم الأنجاب يرواد كل زوج وزوجه لكنه يصبح هماً وكابوساً حين تمر ثلاث سنوات على عمر هذا الزواج دون ان يثمر بشئ واحياناً يبدأ الزوجين بالشعوربالقلق في العام الاول من الزواج وهنا تبدأ المشاكل ورحلة البحث عن العلاج وصولا لحل هذه المشكله التي سوف تتعقد بمرور الوقت والسنوات ويشعر الزوجان خلالها بالملل والاكتئاب واليأس وربما الى ابغض الحلال عند الله وهو الطلاق .
ولكن لكل مشكلة حل ، ولكل مرض علاج ومع تتطور الطب واساليب العلاج اصبح لهذا المرض حلولاوعلاجاً وليس حل واحد . يقول المثل “اسأل مجرب ولاتسأل حكيم ” ومن حكمة هذا المثل يسرني ان انقل لكم تجربتي الشخصية ورحلتي الشاقة لحل مشكلة عدم الانجاب التي عانيت
منها لاكثر من عقد من الزمن والتي بدأت من العاصمة الاردنيه عمان وانتهت بمدينة سدني الجميله في بلدنا الجديد استراليا ، وفي عاصمتها كانبيرا ، ولكن هذا لايعني اني انصح بعدم مراجعة الاطباء المختصين في مجال العقم وعدم الانجاب بل العكس صحيح فالخطوة الاولى تبدأ من طبيب العائلة وتنتهي في احدى مراكز الاخصاب وعلاج العقم .
واتمنى في البداية ان تقرؤا هذا التحقيق الصحفي لانه يمثل تجربتي الخاصة اولا وبعد ذلك ارجوا ان تتخذوا القرار الصحيح لمن يعاني من هذا المرض لتبدؤا رحلة العلاج مثلما بدأتها وما التوفيق الا من الباري عز وجل .
خلال وجودي في عمان وعملي في جريدة الزمان الدولية كلفت بتغطية مؤتمر طبي علمي يخص مشاكل العقم والاخصاب في الوطن العربي وبصراحة كان المؤتمرفرصة العمربالنسبة لي حيث اني سألتقي بخيرة الاطباء المتخصصين في هذا المجال ، وفي مقدمتهم الدكتور فايز ابو حمدان وهو طبيب اردني ويعمل مديرا للمركز التخصصي للاخصاب والوراثه في منطقة الشمساني وسط العاصمة عمان ، واجريت معه حواراً صحفياً حول تناول الاساليب والعلاجات المتبعه في المركز وبخاصة في مجالات العقم والاخصاب وهنا جزء من الحوار الذي نشرته في جريدة الزمان الدولية .
• ماهي الاساليب وطرق العلاج المتبعة لعلاج حالات العقم ؟
– هناك اساليب وعلاجات تشمل العلاج الطبيعي لعقم الرجال والنساء والعلاج الجراحي لعقم النساء وتحريض الاباضة ، وحقن السائل المنوي داخل مع او بدون تحريض الاباضة ، الاخصاب خارج الجسم بعددة طرق ، عملية الحقن المجهري للحيوانات المنوية المستخرجة من الخصية والمعالجه المجهرية للجنين في الرحم
، وتجميد البويضات والحيوانات والتشخيص الوراثي للاجنه داخل الرحم .
? ما اسباب عدم الانجاب
– ان اسباب عدم الانجاب كثيرة ومتعدده فحوالي ( 40 % -50% )من الاسباب تتعلق بالزوجة وتكون اما اسباب عضوية او وراثيه او نقص في الهرمونات ، او انسدادم في قناة فالوب نتيجة الالتهابات او امراض اخرى , ومن الجدير بالذكر ان 10 % من هذه الاسباب نفسية اما نسبة 30% الى 40% الاخرى فسببها الزوج وهناك ايضا اسباب وراثية او عضويه أو خلل هرموني او انسداد
في قنوات ايصال الحيوان المنوي و 20% من الاسباب تكون متواجده لدى الزوجين معا ، ومن المعروف ان الخصوبه تتناقص مع تقدم في السن عدا الضغوط الاجتماعية والتلوث البيئي الذي يؤثر على الخصوبه خصوصا لدى الرجال والتشخيص الدقيق لسبب العقم هو اهم اسرار نجاح العلاج .
*ماهي نسبة نجاح العلاج
– ان نسبة حدوث الحمل لكل دورة شهريه تتراوح بين 25% الى 30% وهذه النسبة تتضاءل مع تقدم العمر ،
أما نسبة النجاح فتعتمد على درجة الأخصاب عند الرجل أو المرآ ة وهي تتراوح بين 25% الى 40% وتعتمد على نوع العلاج ونوع الدواء وعدد ونوعية البويضات والاجنه المنقوله وهكذا فأن النسبة تزداد مع زيادة عدد المحاولات ، وتصل الى 65% بعد اربع محاولات . وخلال حديثي مع الدكتور فائز ابو حمدان بدأت دموعي تنهمر واجهشت بالبكاء وقال لي لماذا هذه الدموع ؟ قلت له ( دكتور تزوجت منذ اكثر من عشر سنوات ولم انجب طفلاً لحد الان وانا احب زوجي كثيراً واتمنى ان انجب طفلاً لكي تكتمل سعادتنا فقال لااستطيع ان اشخص حالتك الا بعد مجيئك الى المركز وبعد ان حدد لي موعدا قبل سفره بيومين الى المانيا لحضور مؤتمر علمي هناك فعدت الى البيت سعيدة ، وكم كانت فرحتي كبيره واخبرت زوجي بما حدث وقال لي سنذهب له في الموعد المحدد فذهبنا اليه وبعد اجراء الفحوصات العينية لي ولزوجي وقال لي ، لا توجد مشكله كبيره وانشاء الله سترزقين اولادا ، ولكن بطريقة ( اطفال الانابيب ) واعتقد انها ستكون ناجحه بأذن الله ، لكن لظروف خاصة بنا لم نعمل العملية واوقفنا العلاج رغم ان الدكتور ابو حمدان عمل لنا سعر خاص ووفر لنا اجواء مناسبة للعلاج بالتعاون مع الدكتور الاردني زهير ابو فارس الذي اشرف شخصيا على مراحل العلاج .
وفي العام 2006 غادرت الاردن الى استراليا وخلال رحلتي بالطائره البحرينيه ( الخليج) التي استغرقت (23) ساعه كانت هواجسنا واحلامنا كبيره ، وكلما كانت الطائرة تقترب بنا من مدينة سدني الاسترالية ينتابنا شعور بالفرح بقرب تحقيق كل احلامنا وما كنا نصبوا اليه عندما كنا لاجئين في عمان . ووصلنا الى مطار سدني وأستاجرنا شقه في مدينة فيرفيليد ذات الاغلبيه العراقية وشعرت وكاني في احد ضواحي بغداد وبعد مرور ايام قليلة جدا قررت ان اذهب الى عيادة الدكتور طلعت صادق ووجدته انسان اكثر من رائع وشرحت له معاناتي وقدمت له كل الفحوصات التي اجريتها في عمان ؟ أبتسم وقال سنبدأ من جديد وعاد الامل من جديد يدخل حياتي وبدات ارى الحياة جميلة مرة اخرى حين بدأت برحلة العلاج التي استغرقت اكثر من ثمانية شهور وبعد اجراء التحاليل والفحوصات الطبيه تم تحويلي الى الدكتور الاخصائي نجيب بولص في فيرفليد الذي حولني بدوره الى مستشفى ويستمد في براماتا ، وبعد انتظار دام اكثر من شهرين قابلت الدكتور الاخصائي هاورد سميث وقال لي في وقتها ان نسبة نجاح عملية ( ivf) هي (15%) وهذه نسبه ضيئله جدا ومع هذا لم أياس من النسبة وتوكلت على الله وباشرت في العلاج الذي استمر اكثر من اربعة شهور وبعدها اجريت العمليه وتكللت بالنجاح وانجبت طفله جميله اسميتها “مريم ” وعلى فكره نجحت العملية من اول مره رغم ضعف نسبة نجاحها ولكن الله كان في عوننا ليعوض صبرنا خيرا ً بطفلة جميلة نورت حياتنا وادخلت البهجه والسرور الينا ، ولا انسى هنا دور الدكتور الاردني الرائع مصطفى السباجي الذي كان يعمل في قسم علاج العقم والاخصاب في مستشفى ويستمد والكادر الطبي والفني الذي اشرف على العملية ولاتتصورون كم كانت فرحتنا كبيرة حين اجريت الفحوصات وظهرت النتيجة ايجابية واني حامل لاول مرة في حياتي ، وخلال عامين فقطاجريت ثلاث عمليات لارجاع أجنتي المجمده التي احتفظ بها ولكن مع الاسف باءت المحاولات جميعها بالفشل كان علي البدء من جديد في رحلة جديدة مع (ivf ) وقابلت الدكتور مره اخرى ( هاورد سميث) وبعدها باشرت بالعلاج والعملية من جديد وهذه المره كانت فرحتي كبيره ولاتصدق حيث اثبتت التحاليل المختبريه بأني حامل بتؤام ولاتتصورا مقدار فرحتي وسروري
وبدأت احسب الايام يوم بعد يوم واسبوع تلو اسبوع وفي الاسبوع السابع والعشرين من الحمل شعرت بأوجاع وذهبت الى مستشفى ويسميد ودخلت قسم الطوارئ وبعد اربعة ايام من دخولي المستشفى قرر الاطباء اجراء عملية قيصريه لولادتي وابلغني الدكتور بان واحد من الطفلين بوضع غير مستقروهنا اجهشت بالبكاء وشعرت بالحزن ولكن ارادة الله كانت اقوى من الجميع والحمد لله ولد التؤامان بخير واسميتهم ( مصطفى وهبه ) لكنهم وضعوا في الخدج لمدة ثلاثة اشهر بمستشفى ويستميد ومستشفى ليفربول ،ورويداً رويدا بدأ التؤامان يكبران رويدا رويدا ليصبحا بوضع يؤهلما للعيش معي في البيت حيث قرر الطبيب أخراجهما من المستشفى يوم الاثنين الخامس والعشرين من شهر كانون الثاني – يناير- من العام 2010
وعمت الفرحه جميع الاهل والاصدقاء وكانت فرحتي كبيره ولاتصدق ابدا، فلقد رزقني الله عز وجل بثلاثة زهور، وفي العام 2011 قررت ان اعيش في ولاية اخرى ، سنتين تركت سدني وانتقلت الى العاصمه الاستراليه كانبيرا وخلال تلك الفترة قررت أن أقوم بعملية جديده (ivf) وفعلاً بدأت بالخطوة الاولى وأخذت موعداً مع الدكتورة الاخصائية ( سايمون ) وبعد مقابلتها مرتين في الاول من شهر نوفمبر والثالث والعشرين من الشهر نفسه قررت ان ابدأ البرنامج وباشرت بالعلاج وأخذالادوية وتم تحويلي الى أحد مراكز العقم والأخصاب ، وفي بداية شهر كانون الاول – ديسمبر – كان لدي موعد مع مركز العقم والاخصاب لاجراء تحاليل الدم ومن ثم يحدد لي موعد بدء البرنامج ، ثم اخبروني ان اذهب الى قسم الحسابات لدفع الرسوم وبعد ان اخبروني بقيمة الرسوم التي تبلغ نحو 11 الف دولاراسترالي ، فقلت اني لااملك هذا المبلغ ، فقالوا لي ان هذا المركز خاص وليس حكومي ، فاجهشت بالبكاء ورجعت الى البيت حزينة ومرهقة واجهشت بالبكاء لاني لاأملك ثمن هذا البرنامج ، وبعد ساعة جاءني اتصال من المركز يخبروني فيه ان مركز الاخصاب والعقم في سدني وافق على اجراء العملية وماعليك الاالاتصال بهم، وفعلاً اتصلت بهم واعطوني موعد في شهر تموز – يوليو – من العام الحالي 2012 الذي يشارف على الانتهاء ، وخلال اعياد عيد ميلاد السيد المسيح عليه السلام شعرت باوجاع وتعب شديد وارهاق ولاادري لماذا ؟ وذهبت الى قسم الطواريء بمستشفى كانبيرا فقلت لهم ان نسبة السكر عندي عالية جدا وانا متعبة جداً فقاموا باجراء بعض الفحوصات الكامله ، وكم كانت مفاجئة لي ولزوجي وللكادر الطبي حين اكتشفوا باني حامل و بالشهر الثالث .
و ان صحة الطفل جيده والحمد الله ، لقد شعرت بفرحة لاتوصفها الكلمات لان الحمل هذه المرة جاء بشكل طبيعي وبدون عمليات ولاادوية وهذه هي المفاجئه التي ذهل بها اصدقائي واهلي واحبائي ، والحمد الله والشكر لقد أتممت فترة الحمل بسلام ، وكانت سعادتي وفرحتي اكبر عندما أنجنبت صبياً جميلاً اسميته ( آدم ) .
اليست هذه معجزة اعطاني اياها رب العالمين ، لقد فرحنا بالطفل وكأنه طفلنا الاول ، نعم ان مشاعري لاتوصف حتى ان الطبيبة الاخصائية التي راجعتها لاجراء العملية ولم تصدق ماحدث ، ولهذا قررت أن أكتب هذا الموضوع واضعه بين أيديكم لكي تصبح قصتي عبرة لمن فقدوا الامل في الانجاب ولكني أقول لهم قول الشاعر ” ما أضيق العيش لولا فسحة الامل ” ، فالحمد الله على مارزقني من نعمة الشعور بالامومه ، وفي ختام قصتي لابد لي من توجيه الشكر والامتنان لكل من وقف معي وزارني طوال فتره علاجي التي بدأت من عمان وانتهت في سدني وكانبيرا وفي مقدمتهم زوجي وصديقة عمري بان ووالدتها خاله سلمى وألاخ العزيز ابو هدى وزوجته الغاليه أم هدى والسيد حسين خوشناو رئيس تحرير جريدة الفرات الاسترالية والاعلامي غازي ميخائيل الذي تنبأ بجنس المولودة الغالية ( مريم ) وصديقتي اكنس التي فارقتها في سدني والدكتور طلعت صادق والدكتور شامل ستراك والدكتوره ريم عبد الرحيم واختي الدكتورة شذى الجابر اخصائية النسائية والتوليد وزوجها المرحوم الدكتور حسن العامري و الدكتور قاسم السالم والشكر الجزيل للدكتور الاردني فايز ابوحمدان والدكتور زهير ابو فارس وصاحب الفضل الكبير الدكتور مصطفى السباجي الذي اشرف على العمليات التي اجريتها في سدني وعذراً لجميع الاخوه والاصدقاء الذين وقفوا بجانبي وفاتني ان اذكر اسمائهم لان القائمة تطول ، وهذه دعوه صادقة لكل زوج وزوجة حرموا من نعمة الاطفال للتقدم خطوة في مسيرة الالف ميل ، فالصبر والايمان وعدم اليأس يحققان المستحيل في تحقيق الحلم . واتمنى ان لااكون قد اطلت عليكم ، ولكن هذه هي قصتي كلها واتمنى ان تنال رضاكم ومالتوفيق الى من عند الله والله هو خير الرازقين وبهذه المناسبه أود أن أقول لكم أنا الأن بصدد أعداد وكتابه كتاب يخص العقم والانجاب من خلال تجربتي وسيكون اسم الكتاب ( تجربتي مع العقم والانجاب ) ، واتمنى أن ينال رضاكم وينور الطريق نحو الاخرين .
* صحفية وباحثة علمية عراقية تقيم في استراليا