زيد الحلي
ـــــــــــــــــــــ
في عيد الصحافة العراقية ( 15 حزيران ) من كل عام ، يتبادل الصحفيون العراقيون التهاني ، إنه عيدهم ، وفي العيد ، تتسع رقعة زهور الالفة ، وتغرد طيور الحب وتصبح الأجواء مسكونة بفرح طفولي ، لكن الكثيرين من زملاء اليوم لم يقفوا على خلفية قرار الاحتفال بهذا اليوم ، ومتى تم ذلك ، ومن هو صاحب فكرة الاحتفال ، وهؤلاء الكُثر قد يمثلون ما نسبته 95 بالمائة من اسرتنا الاعلامية الحالية ..!
وللأمانة التاريخية أذكر حقيقة ، القليل جداً من بقىّ على قيد الحياة من الصحفيين يعرفها ، وهي أن قرار الاحتفال بعيد الصحافة اتخذه الصحفيون العراقيون في مؤتمرهم الثامن في عهد المرحوم الرئيس عبد الرحمن عارف ، وتحديدا في 26 نيسان عام 1968 ويشرفني أنني كنت أحد المشاركين فيه باعتباري عضواً عاملاً.. وفي الدورة المذكورة تحققت مكاسب مهنية عديدة نساها الكثيرون ولم يذكرها أحد ، لعل أهمها تشغيل العاطلين ممن لم تستوعب الصحف الحكومية التي أصدرتها (المؤسسة العامة للصحافة) عام 1967 والتأمين الإلزامي على حياة الصحفيين والحصول على تسهيلات للقبول في (قسم الصحافة) بجامعة بغداد للصحفيين العاملين ، ممن كانت معدلاتهم واطئة ، لا تؤهلهم للقبول في الجامعة ( 50 فما فوق ) وأيضاً حصلت النقابة على تخفيض 50 بالمائة للصحفيين في طائرات الخطوط العرقية في الرحلات الداخلية والخارجية، و50 بالمائة في المؤسسات السياحية (فنادق الدرجة الأولى، والمصايف) وعدم فصل الصحفيين من العمل…الخ.
اما عن حكاية الاحتفال الاول في عيد الصحافة ، فأقول إنها لم تكن احتفالية عفوية، فقد سبقتها تحضيرات، استمرت أكثر من ثلاثة أشهر، ففي آذار عام 1969، تشكلت في نقابة الصحفيين العراقيين، وكان امين سرها الاستاذ سجاد الغازي ، لجان عدة ، واحدة لإعداد دراسات وبحوث عن صحيفة الزوراء ، وتاريخ الصحافة العراقية ، وأصدرت هذه اللجنة كتباً عديدة ولجنة إعلامية وأخرى للإعداد والاستقبال.. وقد كنت ضمن أعضاء اللجنة الأخيرة.
في يوم 14 حزيران 1969، أي اليوم الذي سبق اول احتفال، كانت اللجنة التي رأسها الزميل العزيز ضياء حسن ، طيب الله ثراه ، تفقدت قاعة الخلد وأوصت أن يجري الاحتفال في المسرح الصيفي للقاعة المذكورة التي ابتلعتها حاليا ( المنطقة الخضراء ) ، وفعلاً احتضنت حدائق هذه القاعة ، الغائبة الآن مكاناً ، والحاضرة وجداناً في الضمير الثقافي والفني العراقي، احتفالية عيد الصحافة العراقية الأول .
ومن طرائف الأشياء، ما حدث عند تكريم رائدة الصحافة النسوية في العراق وكانت السيدة (مريم نرمة) حيث طلبت هذه السيدة التي كانت تستند على أكتاف أحد أقاربها وهي على منصة المسرح ، الكلام ، فقُدم لها المايكروفون وكانت الاحتفالية تبث على موجات الأثير مباشرة : إذاعة وتلفزيوناً فشكرت بصوت
متهدج (.. الرئيس المفدى أحمد حسن البكر…الخ) كان عقلها الباطن يقول إنها مازالت في العهد الملكي، ولم يدار ، الاستاذ سعد قاسم حمودي نقيب الصحفيين ، وكان رئيساً لتحرير صحيفة ( الجمهورية ) طيب الله ثراه ، وهو يقدم لها جائزتها ، مفاجأة الحديث غير المتجانس وسط تصفيق الحضور سوى ….الابتسام !.
لقد شهدت الاحتفالية أغنيات بديعة خاصة بالصحافة العراقية ، لأول مرة، لكنها اختفت مع الأسف، رغم كونها أغنيات تتحدث عن الصحافة لا غير، ومن الذين ساهموا في الغناء عفيفة اسكندر وعبد الصاحب شراد وغيرهما … واستمر الحفل حتى صياح الديك..!
تحية لأستاذنا الفاضل سجاد الغازي ، صاحب فكرة الاحتفال بعيد الصحافة .. اطال الله في عمره البهي ، والبسه ثوب العافية .