وطن برس أونلاين

جريدة عربية مستقلة

أهم الأخبار ثقافة وفنون

(( ماذا بعد الجائحة ..؟! )) بقلم عبد السادة البصري

 عبد السادة البصري

بين عامي 16 و19 الهجريين ، ثلاث سنوات ، هذه السنوات الثلاث خلقت عالمين متنافسين في تقديم خدمتهما للبشرية من خلال العلم والأدب والفلسفة في ذلك الزمان !!
في عام 16 هجرية بنى عتبة بن غزوان مسجد البصرة ، الذي يعتبر أول مسجد بُني خارج الحجاز ،وفي عام 19 هجرية بنى سعد بن أبي وقاص مسجد الكوفة ليكون الثاني !!
من هذين المسجدين ومابين أعمدتهما ودكاتهما خرج أصحاب مدرستي النحو ( البصرة والكوفة ) ، كما خرج المعتزلة وأخوان الصفا ودارسو علوم الفلك والضوء والكيمياء والحيوان والفيزياء والفلسفة وغيرها !!
لم أتطرق لهما لكونهما مسجدين كبيرين ، بل لكونهما أرسيا دعائم العلم والأدب والفلسفة بعيدا عن الماهيات الأخرى ، وساهم العلماء وتلاميذهم الذين خرجوا منهما في خدمة البشرية بأمور كثيرة منها محاربة الأوبئة والجوائح التي كانت تجتاح هاتين المدينتين وغيرهما من المدن !!
اليوم وبعد أن خرج الناس سالمين معافين مشافين من وباء كاد أن يفتك بالبشرية جمعاء ، لولا حكمة العلم وخدمة الإنسانية الحقيقية لبعضها البعض بعيدا عن كل الدنايا ، من شرور الحقد والكراهية التي يخلقها التباعد والعنف الطائفي و القومي والأيديولوجي !!
كورونا ، أو كوفيد 19 فيروس ضئيل لا يرى إلاّ بالمجاهر ذات التقنية العالية جدا ، حطّم غطرسة وعنجهية عقول عفنة لا تعرف غير الجشع والمال والشر وإيقاع الأذى بالناس ، وفضح أناساً ماتت ضمائرهم لا يمكن أن تحسبهم على الإنسانية الحقّة أبداً من خلال فسادهم وغشهم وسرقاتهم وطمعهم وتخدير الناس بالكلام المعسول الذي لا يمت للحقيقة بصلة !!
لهذا علينا أن نعي الأمور جيداً ، وننتبه لأنفسنا قبل فوات الأوان ،وحينها لا ينفع الندم ، وأن نسعَ لبناء الإنسان أولاً ، من خلال العلم والمعرفة ، وان نبعده عن الخرافات والخزعبلات التي أوقعته في محنة كادت أن تودي به ، فالعلم والمعرفة لا يأتيا إلاّ من خلال بناء المدارس والمعاهد والكليات ، والاهتمام الحقيقي والملموس بالعلم والعلماء ، والأدب والأدباء ، والفن والفنانين ، وتقديم الدعم الكامل لهم ، لأنهم صنّاع حياة وجمال !!
وأن نفرز الأموال لبناء المستشفيات وتأثيثها بكل ما وصلت إليه التكنولوجيا الحديثة من مواد فحص ومختبرات وأدوية وعلاجات وغيرها !!
الجائحة مرّت بسلام ، ولكن قد يكون هناك جوائح أخرى ، لهذا علينا نعي جيدا أن خدمة الشعوب والإنسانية لن تأتي من فراغ أبداً ، ولا بالكلام والخطب الرنّانة والحكايات التي أكل الدهر عليها وشرب ، ولا بالفساد والمحاصصة وبث روح النعرات الطائفية والعرقية والاثنية ، بل بالعمل الجاد والنزيه والمخلص ونكران الذات والضمائر الحيّة وحب الأوطان والشعوب ، وليس بمؤمنٍ مَنْ يُلدغُ من جحرٍ مرتين !!!!!!

  • شاعر واديب من العراق 

اترك ردا

Developed and designed by Websites Builder Ph:0449 146 961