بغداد – وكالات:
نشرت صحيفة “أوبزيرفر” تقريراً عن الاحتجاجات العراقيّة ضدّ فساد النخبة الحاكمة، وقالت إن التظاهرات في العاصمة بغداد أصبحت أمراً عادياً. وفي التقرير الذي أعدّته سيمونا فولتين، جاء فيه أن الناس بدأوا الأسبوع الماضي وقبل احتجاجات الجمعة التي كانت الأكثر دمويّة في الأسابيع الثلاثة التي خرج فيها المتظاهرون، بتخزين الطعام والمياه وظهرت الحواجز الإسمنتية في الليل من أجل حماية المناطق القريبة من المنطقة الخضراء، فيما أخذ الباعة المتجوّلون ببيع الأعلام العراقية ووصلت الحافلات الصغيرة المحمّلة بالمشاركين في التظاهرات إلى جانب ال”توك توك” والدراجات الناريّة.
وتعلق الصحيفة أن العراق بات وسط موجات من التظاهرات خرج فيها الآلاف مصمّمين على تغيير النظام السياسي والذي ظهر بعد الإطاحة بنظام صدام حسين عام 2003. وقال متظاهر اسمه أحمد عزيز كاظم: “جئنا هنا لكي نحتج على ضياع البلد وخرجنا للإطاحة بالحكومة”. وتقول الصحيفة إن بداية التظاهرات كانت موجهة ضد الفساد وغياب الوظائف والخدمات الأساسيّة. وبعد الرد القمعي المتوحش من الحكومة عليها تداعت الدعوات من المشاركين فيها لاستقالة الحكومة. وفي الوقت الذي شهد فيه العراق موجات من الغضب على الحكومة، إلا أن الاحتجاجات الأخيرة غير مسبوقة من ناحية رفع الشعار الوطني المعادي للطائفية والتي شاركت فيها غالبية شيعية حانقة على المؤسستين السياسية والدينية اللتين حملتا مسؤولية العجز والفساد طوال ال 16 عاماً الماضية. ولكن رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي الذي وصل إلى السلطة قبل عام تقريباً قاوم الدعوات التي تطالبه بالتنحي وحذّر من حالة الفوضى التي ستعمّ البلاد لو استقالت حكومته. ونظراً لمواصلة المتظاهرين احتجاجاتهم وإصرارهم على مطالبهم فمن المتوقع استمرار الاضطرابات لمدة طويلة. ورغم دعوات الانضباط إلا أن حصيلة يوم الجمعة كانت 53 شهيدا مما زاد عدد الشهداء إلى 200 منذ اندلاع الاحتجاجات قبل ثلاثة أسابيع.
وفي العاصمة بغداد تركز المتظاهرون في ساحة التحرير حيث رفعوا الأعلام العراقية وواجهوا قوات الأمن بالزي الأسود. وقال جبار: “لقد هاجمونا منذ الصباح”. وكان يتحدّث وسط أصوات الرصاص وقال: “هل تسمعين الصوت، يبدو أنهم على جبهة قتال”. وفي يوم السبت قامت الشرطة بنشر عناصرها وحاولت تفريق المحتجين بإطلاق الغاز المسيل للدموع. وفي محاولة أخيرة منه لإرضاء المحتجين ألقى عبد المهدي خطاباً وعد فيه بسلسلة جديدة من الإصلاحات بما في ذلك تقليص رواتب الموظفين من أصحاب الدرجات العليا وتشكيل محكمة خاصّة لمحاكمة المسؤولين الفاسدين وإجراء تعديل وزاري. إلا أن وعود الحكومة بعدم استخدام القوة المفرطة انهارت في الساعات الأولى من صباح الجمعة، حيث قامت قوات الأمن برمي المحتجين بقنابل الغاز المسيل للدموع وقتلت البعض. وحاولت قوة جديدة لحماية المتظاهرين الوقوف والتلويح بالأعلام العراقية والورود البلاستيكية ولكن بدون جدوى “لقد حاولنا، نحن نموت فلماذا يطلقون النار علينا، إنهم أسوأ من صدام” صرخت محتجة. وفي تطوّر يظهر السخط على الدور الإيراني في العراق، صرخ محتجون مطالبين برحيل إيران والتوقّف عن التدخل في الشؤون العراقية. وكان المتظاهرون يرددون “إيران برة برة بغداد يجب أن تظل حرة”. وتعتبر الأحزاب الموالية لإيران من أقوى الكتل في البرلمان العراقي، فيما تمّ دمج أجنحتها العسكرية في الجيش العراقي. ووجهت اتهامات لبعضها بتشكيل خلايا أزمة لقمع المتظاهرين من خلال نشر القناصة حول تجمعاتهم بداية الشهر الحالي. ولم يمنع استخدام القوة المحتجين عن الدفع بمطالبهم وقال كاظم “لم نخف من تنظيم ”داعش فلماذا سنخاف من هؤلاء اللصوص” و”يعتقدون أنهم بضربنا سيخيفوننا إلا إنهم يزيدون من تصميمنا”. ويذكر أن آلاف الطلاب نزلوا إلى الشارع، في مدن عدّة في العراق من بغداد إلى البصرة في جنوب البلاد مروراً بالديوانية والناصرية، وهتفوا «لا مدارس، لا دوام، حتى يسقط النظام»، وذلك في إطار الاحتجاجات المتواصلة في البلاد من الخميس، وغير آبهين بتحذيرات السلطات. وحمل طلبة الجامعات في بغداد وواسط والنجف وكربلاء والمثنى والديوانية وبابل وذي قار وميسان أعلام العراق في ظل إجراءات أمنية مشدّدة، حيث اكتظت الشوارع وساحات الاعتصام بآلاف من المُتظاهرين.
وأعلن المجلس المركزي لنقابة المعلمين العراقيين الاثنين الإضراب العام في عموم مدارس العراق لمدة أربعة أيام تضامناً مع المتظاهرين. وحذّر نقيب المعلمين عباس السوداني في تصريح صحفي أمس، وزارة التربية من إصدار أية عقوبات ضد المضربين من الهيئات التدريسية. وقال السوداني، إن «نقابة المعلمين دعت كافة الهيئات التدريسية والتعليميّة في أنحاء العراق إلى إضراب عام وشامل، في المدارس حتى نهاية الأسبوع الجاري».