وطن برس أونلاين

جريدة عربية مستقلة

تحقيقات

مؤامرة 22 تموز 1979( الحلقة الاولى )

الحقيقة المرة كما يرويها أحسان وفيق السامرائي 

” كانت حلقات متوالية الدم والدموع-14 تموز1958- مشاهدة واقعية مختصرة للواقع الذي عشناه الا انني فوجئت بفيض من الرسائل المشحونة.. المؤيدة والرافضة.. توالى الانصباب فالكل يعبر عن نفسه بين حب للملكية والجمهورية , الامر الذي اوصلني الى حقيقة مره.. تقول ان شعبى لا يريد ان يّقر الوجه المحايد للتاريخ الا من وجهة نظر حزبية..!!
واليوم نعيش ارضية وطن محتل وجروح وتساؤل مرير فكيف للمؤرخ والمشاهد البسيط ان يكتب تاريخه بعد عقد من الزمان..
..الى اين ؟
1-
كانت المزايدات الحزبية وألاخطأء والشعارات التلهفية هي من صدّعت الوحدة الوطنية عندما تواجدت –النفعية والانتهازية والفردية- لتتحكم بالمصير الذي انتهينا له,الا ان الاسوء الذي ظهر واضحا في قرار- الزعيم عبد الكريم قاسم –الرحمة فوق القانون- عندما أوقف تنفيذ أعدام- البعثيين الذين حاولوا اغتياله في 31 اذار1959 كما اوقف تنفيذ اعدام ألشيوعى منذر أبو العيس– المتهم في جريمة اخرى
فكان هذا القرار هو الاسوء في تاريخ العراق الذي أدى الى أنهيار القانون وبدء عصر الجريمة المتجددة ثم أورثه- لصدام حسين – الذي ألقى بالانسان العراقي الى أتون المذبحة ثم أورثه للنظام الاوتوقراطي.. بعد الاحتلال..!؟
2-
أن مشهد القتل ..قد وهبنا مؤشرأ لعصر جديد أعتقد- العراقيون -بانه سيظل مشرقأ بعد انتقامهم من ألاسرة الملكية الحاكمة الا أن المحرار لم يتوقف وانما أستمر بالصعود ..لان الجماهير المطلقة السراح التي هللت للحم البشري وأهاجتها رائحة الدم الساخن اكتسبت تلك اللحظات ..غزيرة الذئب الذي تعّود أكل اللحم البشري فلم يعد يرضى عنه بديلا !!
3-
-ذات صباح رمادي من شتاء 1949 كفنه ضباب محروق ,بدا الرجل المعلق أقرب الى صندوق مستطيل مغطى بالحبر الاسود وقد تدلت قدماه في الفراغ..
من نافذة -باص الامانة الاحمر-* وأنا في طريقى الى مدرستي الابتدائية في الاعظمية رايت ذلك المشهد المفزع أمام بوابة السجن المركزي .
وبعد 30 سنة من صلب- زكي بسيم- أحد قادة الحزب الشيوعي, كان على المسيح العراقي أن يصلب عدة مرات ..*
-4
– كنت ومجموعة من الشباب نتدافع في مبنى- المعبد البهائي- الذي حولته المخابرات الى -مركز تحقيقي- صباح يوم 26 تموز 1979متداخلين بعضنا ببعض مثل طيور بليلة عندما دفع أحد الجلادين بالدكتور غازي أبراهيم ايوب.. وقد عصّبت عيناه أمامنا وصوت- نعيم حداد -عضو القيادة القومية – يقول..
-هذا متهم أعترف بمشاركته في مؤامرة22 تموز 1979 ولم نعد بحاجة له -هيا اطلقوا النار عليه..!
وضع جندي المخابرات مدفعه الرشاش على مؤخرة راس المتهم وتهيأ للرمي الا ان- سعدون شاكر- وزير داخلية –صدام- أسرع قائلا للجندي ..ولك أزمال ” لقد وضعت الرشاش على- الصلي- ثم تلقف السلاح وأعاد ترتيبه على -المفرد..
– والان أطلق النار !؟
لم أكن حتى تلك اللحظة قادرا على التفكير بان الموت سيكون سريعا أو ممكنا دون محاكمة.. الا ان دوى الرعد قطع الزمن فرأيت الرجل يسقط مثل شجرة مقطوعة بلا أهة او حركة وقد أمتلا جو القاعة برائحة الدم والبارود ..والدم الاحمر يسح نازلا من المسرح الى حيث كنا نقف..!
وبعد عشرة دقائق من ذلك المشهد أعيدت التمثيلية عندما دفعونا للنزول من أقفاصنا لنتفرج على أربعة رجال -ممددين -على وجوههم وقد تيبس الدم الاسود!*
وصوت – نعيم حميد الحداد –يصيح ..هكذا سيكون مصير من لا يعترف بمشاركته بالمؤامرة؟
ان مشهدي الموت ألاول والثاني قد رسما زاويتين في الثورة الوثنية التي عبدناها وهدمنا ألهها وصلبناه ,ومن ذلك اليوم أنهمك شعبنا في حياكة الموت بعد أن نصب نفسه-قاضيا- تحكمه الغيرة والحقد ..؟
5-
لقد غاب ذلك المشهد الدموي وغاب معه رعيل من الشباب منذ ثلاثين سنة,الا ان حقيقة مفجعة ظلت شاهدة.. لاغرب مؤامرة لم يقدم فيها دليل ملموس للاتهام اذ لا جربمة بلا جسد.لان –صدام- وجهاز مخابراتة ظل يسالنا.. حدثونا عن المؤامرة ..؟
وليس ذلك غريبا أمام التاريخ لان –ستالين- نفذ ذات الجريمة في بداية 1933 من اجل السلطة الفردية.. وكذلك فعل هتلر وفرانكو وباتيستا..و.
6-
كانت 17 تموز 1968 حركة تحول جديدة في تاريخ العراق بعد سلسلة المذابح التي وقعت منذ 14 تموز1958 من- سحل وقتل واعدام -شارك فيها” الحزب الشيوعي” حتى” ثورة الانتقام..في 8شباط1963التي قادها “حزب البعث العربي الاشتراكي!*
وللامانة التاريخية نقول بأن- الزعيم عبد الكريم قاسم- لم يكن شيوعيأ أو قوميأ أنما عسكري طموح غايته الحفاظ على جمهوريتة الخالدة وبقاء ة في السلطة الا أن وقوعه بين قواطع الاحزاب السياسية المتصارعة جرته الى التخبط والاندفاع الانفعالي, ثم أستيقظ في 29 تموز1959 ليعلن من- كنيسة مار يوسف- شجبه للمذابح التي قادها–الفوضويون–في بغاد والموصل وكركوك والبصرة واربيل.. وبدلا من أن يؤدي خطاب –الزعيم-دوره في أطفاء النار أشعل نارا لانتقام والثارات العشائرية ؟!
7-
بعد حركة 17 تموز 1968..كانت الدراسات والمباحث الوطنية قد وصلت الى حدها الاخير في ضرورة وضع الحد على ماساة الماضي وبناء جبهة قومية وطنية بين الحزب الشيوعي وحزب البعث والحزب الديمقراطي الكردستاني ..لتامين بناء عراق جديد فتم اطلاق سراح السجناء السياسين وتأسيس الاحزاب والمنظمات الوطنية الا ان مخلفات الامس ظلت متهيئة للتخريب ..
الا ان .. صوت..الرفيق عبد الخالق ابراهيم السامرائي عضو القيادتين القومية والقطرية لحزب البعث ارتفع قائلا.( ان كنا نعتقد بأننا قمنا بثورة للتغيير فالضروة الوطنية تقتضي من أحزابنا التراجع عن الظهور لتمكين المنظمات الوطنية العمالية والفلاحية والمهنية من العمل بين الجماهير وأطلاق حرية الصحافة على أن يعهد لوزارة مستقلة من الكوادر الاختصاص قيادة السلطة لحين اجراء انتخابات حرة ووضع دستور ومجلس وطني يمثل الشعب..*)
ولا ضرورة الان لطرح تاثيرات هذا الموقف الديمقراطي ألاصيل وانعكاساته على المحاور التى قادها -صدام حسين- ومنظمة -حنين –الارهابية عندما دأبت على أفتعال مؤامرات وهمية وتصفية القوى الوطنية.. وقد تحسس الجهاز الحزبي تلك الارتدادات من خلال متابعاته لتسّلط المخابرات وضرورة خلق المعابر الثورية مع القوى الديمقراطية فارتفعت ألاصوات داخل الحزب وخارجه تطالب بالخروج من الواقع وتصحيح المسار وكان الامل بعد زيارة الرئيس السورى -حافظ الاسد-..هو تامين الوحدة بين سوريا والعراق وتنفيذ المشروع الوطني وتامين سياسية فكرية وسياسية مع العالم الاشتراكي وبينما كنا تنتظر التنفيذ فوجئنا بوقائع تمت بسرية تامة.. فقد أعتقل -محي عبد الحسين الشمري ومحمد عايش عضوا القيادة القطرية بتكتم كبير..
8-
صبيحة 17 تموز 1979 تمت دعوة القيادات الفرعية للحزب في الشمال والجنوب والوسط للاجتماع كل على حدة لنبلغ بقرار
تنازل- الرئيس أحمد حسن البكر وصعود- صدام حسين- للسلطة بصورة –كيفية- دون الاستناد الى النظام الداخلى أو سماع راي المؤتمر العام للحزب لانتخاب المؤهل- حزبيأ واداريأ- فوقع الخبر الصاعق من حيث لم نتو قع..
وقد برر. حكمت العزاوي.. مسؤول تنظيم الجنوب بان الاجراءات تمت لتلافي الموقف السياسى الخطير الذي يمر به العراق فكان من الطبيعي ان تثار المناقشات التي أنحصرت في مجموعة من التساؤلات عن مصير الوحدة مع سوريا وماهية الموقف السياسي والموقف الاخير من أعفاء بعض أعضاء القيادة القطرية وكيفية تنازل الرئيس البكر – وبدا واضحا أن أمرا ما قد وقع ولا يريد الرفيق حكمت -كشفه..متعللا بأن الاجوبة ستصلكم وقد أدركنا بعد أعتراضنا على تلك الصيغ وجود سر يتمثل بانتخاب – صدام حسين – الذي كثر التكهن حول مصيره اذا ما توحدت سوريا والعراق.. وقد واجهتنا عاصفة من الانتقادات من القواعد الحزبية بعد عودتنا الي البصرة…
وفي المساء أذاع التلفزيون العراقى اخبار التغيير..!
9-
صبيحة 21 تموز 1979 وصلنا نداء من مكتب أمانة السر لحضورنا كقيادة لمؤتمر في- قاعة الخلد- ثم أضيف للدعوة أعضاء الشعب والمكاتب.
وقبل الدخول الى القاعة بدا سريان الشكوك لان بعض اعضاء القيادة القطرية كانوا يسالوننا عن سبب الدعوة لانهم لم يبلغوا حتى الساعة السابعة صباحا بموضوع اللقاء علما بان اجتماعا للقيادة القطرية انتهى في الحادية عشر من ليلة الامس..*
ولاول مرة نشعر بحركة غير طبيعية سادت المكان لان القوات الخاصة ورجال المخابرات –المددجون- بالسلاح قد غصت بهم المداخل والممرات.. علما بان الحزب حرم دخول غير الحزبين اوالسلاح الى المؤتمرات وكان الضجيج قد طغى على الطقس بفعل تواجد عناصر غريبة زجت في القاعة دخل بعدها -صدام بشكل متعال ومفتعل وسط عاصفة من التصفيق غيرالمسموح به!!.

اترك ردا

Developed and designed by Websites Builder Ph:0449 146 961