بقلم هاني الترك *
جو هوكي سفير استراليا لدى واشنطن من اصل فلسطيني ارمني يبلغ من العمر 53 عاماً .. والده ريتشارد هوكي الذي توفي العام الماضي.. الذي كنت اعرفه شخصياً .. كان اسمه الأصلي «ريتشارد حقّي» او مشتق من الانكليزية Haqqi او Haqqian الذي هاجر من القدس الى استراليا عام 1948.
خدم جو هوكي في السياسة الاسترالية والسلك الديبلوماسي مدة 26 عاماً .. فكان وزيراً للخزانة في عهد حكومة رئيس الوزراء الاسبق طوني آبوت.. وحلّ مكان كيم بيزلي سفير استراليا السابق للولايات المتحدة.. وكان الجميع يتوقع ان يتدرّج هوكي في المنصب ليصبح رئيساً للوزراء.. ولكن الظروف السياسية لم تكن لصالحه .. وعيّن عام 2016 سفيراً لاستراليا في الولايات المتحدة.. وتنتهي مدة خدمته الديبلوماسية في شهر يناير كانون الثاني العام المقبل.
وقد اجرت معه مجلة الويك اند استراليان لقاءً مفصلاً عن فترة خدمته كسفير في اهم دولة في العالم الولايات المتحدة.. وخصوصاً وقت انتخاب ترامب رئيساً للولايات المتحدة.
عندما كان مالكولم تيرنبل رئيساً للوزراء اراد ان يهنئ ترامب بالفوز بالانتخابات.. ولكن لم يكن رقم هاتف ترامب معروفاً للحكومة الاسترالية ولا كذلك لـ هوكي المعيّن حديثاً.. اتصل هوكي باللاعب الاسترالي المعروف بالولايات المتحدة غريغ نورمن الملقب بـ (الشارك) وحصل على رقم هاتف ترامب.
وفي بدء خدمة هوكي كسفير واجه اهم تحدي يواجه استراليا بل يواجه العالم نتيجة انتخاب ترامب رئيساً للولايات المتحدة.. فلعلنا نذكر الاتفاقية التي ابرمتها استراليا مع ادارة اوباما بإرسال طالبي اللجوء من مانوس ونارو الى الولايات المتحدة.. الا انّ ترامب رفض في البدء المضي قدماً بالاتفاقية.. وجرت المكالمة العدائية العنيفة بين تيرنبل وترامب.. حيث قام ترامب بغضب بإغلاق الخط الهاتفي مع تيرنبل.
وكان دور هوكي اصلاح العلاقات المميزة التي باتت متعثرة بين الحليفين التاريخيين الولايات المتحدة واستراليا.. وكانت مهمة هوكي اقناع ترامب بهذا التحالف العريق الذي شاركت فيه استراليا الحروب مع الولايات المتحدة.. وكان ترامب يجهل العلاقة التاريخية بين البلدين.. فمن خلال اجراء حفل مشترك حضره ترامب وبمناسبة الذكرى 75 على معركة كورال سي Coral Sea التي حاربت فيها القوات الأميركية والاسترالية ضد القوات اليابانية بجانب بابوا نيو غيني. اقام هوكي الحفل.
جمع هوكي افضل الطاقات الاسترالية في الولايات المتحدة في الحفل الذي كان عريف الحفل فيه صاحب وسائل الاعلام الاسترالي المعروف روبرت ميردوخ الذي قدّم الرئيس ترامب .. واضافة الى ميردوخ شاركت شخصيات استرالية اخرى معروفة في الولايات المتحدة.. مما ادى الى اقتناع ترامب بأهمية العلاقة الاستراتيجية التاريخية بين الولايات المتحدة واستراليا.. حضر الحفل ايضاً تيرنبل.. حيث نمت صداقة وود بين الرئيسين.
كثّف هوكي من علاقته مع رئيس بلدية لوس انجلوس الذي يتصعّد نجمه كمرشح للحزب الديمقراطي لرئاسة الولايات المتحدة Eric Garcetti .. تحسّنت العلاقة بين البلدين جرّاء اعمال هوكي الفعالة لأستراليا.. حتى انّ ذلك ادّى الى تحسين العلاقة بين هوكي وتيرنبل التي كانت قد تعثرت عندما فاز تيرنبل بالانتخابات عام 2015 ولم يعيّنه تيرنبل وزيراً للخزانة مما حدى بـ هوكي التقاعد من معترك السياسة.
ومن ضمن اعمال هوكي الإيجابية انه قدّم جائزة Companion of Australia لصديقته المغنيّة السابقة اوليفيا نيوتن جونز المصابة بسرطان الثدي.. حيث اقام حفلاً دعى اليه 40 شخصية من الاصدقاء المقربين لها وقال لها وقت تقليدها الجائزة انها اكثر شخصية متفائلة عرفها في حياته.. وهي بدورها عرّفته على اصدقائها الأميركيين .. واقامت له مأدبة عشاء ومن بينهم المغني الاسترالي المعروف في اميركا كيث اوربن.
مما دعم من العلاقة بين استراليا والولايات المتحدة ان هوكي عندما كان وزيراً للخزانة عام 2015 صمّم تمويل اعادة استعمال المواد من خلال مشاركة القطاع الخاص مع القطاع العام.. مما اثار اهتمام ترامب والبيت الابيض من التجربة الاسترالية ونقلها الى الولايات المتحدة.
طوّر هوكي من علاقته مع كبار الموظفين في البيت الابيض وكان يرى ان حضوره المناسبات الهامة في الولايات المتحدة طريقة مثلى للولوج الى معقل السياسة الاميركية وخصوصاً الرئيس ترامب فإن هوكي سفير غير عادي .. فقاد حملة سفارة استراليا في الولايات المتحدة بمناسبة مرور 100 عام على العلاقة التاريخية بين الولايات المتحدة واستراليا منذ الحرب العالمية الاولى.. اذ شاركت استراليا والولايات المتحدة في كل حرب خاضتها الولايات المتحدة وكانت مهمة هوكي تعريف الاميركيين بأهمية استراليا للولايات المتحدة.. فعقد علاقات وطيدة مع شخصيات اميركية فعالة في المجتمع الاميركي.. وتمكّن هوكي من اقناع ترامب باستثناء استراليا من ضريبة الحديد والصلب والألمنيوم.. مع انها ثمرة جهود مشاركة حكومة تيرنبل.
ركّز هوكي على اهمية التجارة مع الولايات المتحدة .. وعلى سبيل المثال عقد مؤتمراً تجارياً لـ 30 مدير شركة استرالية استعرض فيها سياسة ترامب الاقتصادية الناجحة.. ولذلك يعتقد انّ ترامب سوف يُنتخب مرة اخرى رئيساً للولايات المتحدة.. وقد تطورت العلاقة الشخصية بين ترامب وهوكي.. اذ اصبح يلعب معه الغولف.
وخلال خدمته تفجّرت ازمة بين استراليا والولايات المتحدة اثر الإدعاء بالتدخل السياسي الروسي في الحملة الانتخابية التي ادت الى نجاح ترامب ضد المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون.. كان ترامب يظن ان المفوّض السامي الاسترالي لدى لندن ألكسندر داونر هو الذي سرّب المعلومة الى الصحافة العالمية مما حدا بترامب بإيقاع اللائمة على استراليا.
وقد شهد هوكي ايضاً اتصال ترامب برئيس الوزراء الاسترالي سكوت موريسون يهنئه بالفوز بالانتخابات.. فقد امضى هوكي اربع سنوات في خدمة الديبلوماسية الاسترالية و26 عاماً في الخدمة السياسية .. وقال انه لا يندم على اي لحظة قضاها في معترك السياسة او السلك الديبلوماسي.. ومن المتوقع ان يبقى هوكي في نيويورك للعمل في القطاع الخاص. اذ انّ حكومة موريسون اعلنت عن تعيين آرتر سينودينوس سفيراً لاستراليا في واشنطن بعد انتهاء خدمة هوكي في شهر يناير كانون الثاني المقبل .. فقد خدم هوكي استراليا بطريقة فعّالة في فترة غير عادية من تاريخ الولايات المتحدة تحت حكم دونالد ترامب.
محرر استراليات في جريدة التلغراف الاسترالية