قدم الرئيس التونسي المؤقت المنصف المرزوقي ‘اعتذار الدولة’ للفتاة التي اغتصبها شرطيان في قضية أثارت جدلا واسعا في تونس وفجرت انتقادات لأجهزة الأمن والقضاء. وقال بيان صادر عن رئاسة الجمهورية إن المرزوقي قدم ‘اعتذار الدولة’ للفتاة وخطيبها لدى استقبالهما بمعية الناشطة الحقوقية سهام بن سدرين. وحسب البيان, فقد ‘أبدى المرزوقي أسفه البالغ وإدانته الشديدة لتصرفات لم تمس إلا من شرف مرتكبيها وحيا أعوان الأمن الأمناء الذين رفضوا التستر على زملائهم’. واعتبر البيان أن ‘الخلل ليس في المؤسسة الأمنية وإنما في عقلية بعض أفرادها الذين لم ينتبهوا إلى أنه قد حصلت ثورة في البلاد من أجل أن يعيش كل أبناء وبنات تونس أحرارا ومكفولي الكرامة’. وشدد بيان الرئاسة على أنه ‘لم يعد هناك في بلادنا من مجال للتسامح لا مع المغتصبين ولا مع من يتسترون عليهم أو من يريدون قلب الحقائق’. وأضاف ‘ستتابع رئاسة الجمهورية هذه القضية عن كثب حتى لا تطغى أية اعتبارات سياسية فوق اعتبار سيادة القانون ورد الحق لأصحابه وثقة التونسيين في مؤسسات دولتهم’. وكانت الفتاة قد تعرضت للاغتصاب من قبل عنصرين من الشرطة في 3 سبتمبر/أيلول الماضي، في قضية هزت الرأي العام التونسي ووجهت فيها انتقادات واسعة للأجهزة الأمنية ووزارة الداخلية. وتم إيقاف ثلاثة عناصر تداول اثنان منهما على اغتصاب الفتاة، وابتز الثالث خطيب الفتاة المغتصبة الذي كان برفقتها ماليا.ولكن الفتاة تواجه اتهامات ‘بالمجاهرة عمدا بفعل فاحش’ لأن أعوان الشرطة الموقوفين يقولون إنهم ضبطوها برفقة خطيبها في سيارة في وضع غير أخلاقي وهو ما تنفيه الفتاة وخطيبها. وفي حال ثبوت الإدانة فإن الفتاة قد تواجه عقوبة السجن ستة أشهر. وقد أحيلت الفتاة وخطيبها مع عنصري الشرطة إلى قاضي التحقيق في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول الجاري لسماع أقوالهم, وتطالب منظمات المجتمع المدني بحفظ القضية وإخلاء سبيل الفتاة ومعاقبة عنصري الشرطة. وتجمع عدد من الناشطين السياسيين والحقوقيين، وبعض أعضاء المجلس التأسيسي أمام مقر المحكمة الابتدائية في وقفة احتجاج على محاكمة الفتاة التي تحولت من ضحية إلى متهمة، وللتعبير عن مساندتهم لها والتنديد بمثل هذه الممارسات التي تنتهك حقوق الإنسان. ورفع المشاركون في الوقفة الاحتجاجية شعارات منها ‘تونسية حرة.. حرة.. والرجعية على بره’، و’الشعب يريد قضاء مستقل’، و’المرأة التونسية لا تُهان.. تنتصر أو تموت’. وحاول المتظاهرون اقتحام مقر المحكمة الابتدائية بتونس العاصمة، غير أن قوات الأمن التي كانت منتشرة بكثافة في محيطها حالت دون ذلك. ويواجه الشرطيان في حال ثبوت الاتهام ضدهما عقوبة تصل إلى الإعدام أو السجن المؤبد. يأتي ذلك, بينما قالت الناشطة الحقوقية سهام بن سدرين في وقت سابق إن الفتاة تعرضت لضغوط من قبل قاضي التحقيق للتنازل عن دعواها.