كتب: جبارالنجدي
سعدون جابر موهبة قرينة بالأصرار والذكاء انه قبس من الضوء يرف مثل فنار ثابر ونجح حيث لم ينجح احد سواه في الجمع بين الألوان الغنائية العراقية جميعها كان ينقل اهتمامه من لون الى آخر تحدوه المعرفة في اختيار مايصلح منها وما يعاف فألى جانب صوته الرخيم كان حاذقا في اقتناص الفرص التي تقع في موقعها وتصيب غرضها وهذا ماتأكد من خلال ماأختاره من الحان وماأستله شعرا من صناع الكلام والأعجب من ذلك انه لايلتفت الى مايمكن ان يصادفه من متاعب ويتخطاها بيسر وسهولة
اجرينا معه حوارا صريحا وبدءنا بسؤاله عن المحطات المهمة في مسيرته الفنية الكبيرة وأهم الملحنين والكتاب فيها ؟
– اولى المحطات كانت في برنامج ركن الهواة ومقمه كمال عاكف رحمه الله ومن خلاله تعرفت على الموسيقي الكبير ابراهيم الراوي رئيس الفرقة الموسيقية والموسيقي العبقري (كريكور ) ورافقني في هذه الفترة الدكتور فاضل عواد وعارف محسن وسعدي حميد وداود القيسي وكثيرون غيرهم اما ثاني محطة فهي تعرفي بالملحن الكبير كوكب حمزة عندما جاء الى الأذاعة ليسجل اغنية للمطرب فؤاد سالم كنت اعمل في الكورس وحفظت الأغنية خلال التمرينات عليها (البروفات) وفي الأستراحة مسكت العود وغنيتها فأنتبه كوكب والتفت نحوي وقال (شنو تعرف تغني) من الحاني وهل تعرفها ؟ قلت اعرف اغني أفيش بروج الحنية فقال : من اين عرفتها قلت له من ستار جبار حيث اعطاها له في البداية وهكذا توطدت العلاقة وقال لي امام الجميع والله لوكنت اعرفك قبل تسجيل اغنياتي لأعطيتك جميعها وقد اتحفني كوكب الرائع بعدة الحان هي افيش والطيور الطايره والكنطره بعيده
اما المحطة الثالثة فكانت محطة الكبير محسن فرحان وفي هذه المرحلة ظن الكثيرون ان سعدون جابر سيموت فنيا بعد مغادرة كوكب حمزة العراق في عام 75 وكنت قد تعرفت على الملحن محسن فرحان قبل ثلاث سنوات من مغادرة كوكب حمزة العراق والجميع يعلم ان محسن فرحان قد اعطاني روائع لحنية لاتقدر بثمن مثل عيني عيني / دمعه وكحل/انته العزيز اتغيرت /البارحه وكثير غيرها ومن ثم جاءني الرائع كاظم فندي وسعدون قاسم اللذين اتحفاني بروح الريف مغلفة بروح المدينة فيا لهما من رائعين
والى جانب هذه المحطة كانت هناك محطة اخرى ممثلة بتعرفي على الشاعر علي الغوار الذي رفدني بالأغاني البدوية حتى قال الناس ان سعدون جابر قد غنى اغلب الخارطة الغنائية العراقية من اللون الريفي المحدث الى المقام العراقي والاغنية التطريبية الحديثة ويمكنني القول ان المحطة الرابعة هي محطة بليغ حمدي وهي محطة للأنفتاح على الأغاني العربية وفق طموح لغناء الحان عربية واشعار من الكويت والسعودية وسوريا ومصر ومازال في النفس محطات أتمنى ان أتوقف عندها ولها حديث آخر واود ان اشير الى ان اهم الكتاب في الأغنية العراقية الذين غنيت لهم هم : زهير الدجيلي كامل العامري عريان السيد خلف كاظم الكاطع سعدون قاسم فالح حسون طاهر سلمان مهدي السوداني جبارالنجدي وعذرا لمن نسيت اسمه من الشعراء الأعزاء
* سفير الأغنية العراقية متى حققت هذا اللقب ومن اطلقه ؟
– هذا اللقب لم اسع اليه ولم يكن على بالي ابدا انه جاء من قبل الصحافة العربية والجماهير العربية فأينما اذهب في عالمنا العربي لأغني يقدموني بسفير الأغنية العراقية وأكثر من كتب عني من العرب قد لقبوني بسفير الغناء العراقي مع ان السفير الاول هو ناظم الغزالي والكبنجي
* حدثنا عن المسلسلات التي انتجتها ؟
– في 1996 انتجت مسلسلا اسمه السفير ناظم الغزالي لعبت فيه دور الغزالي وغنيت فيه 18 اغنية بين اغنية ومقام وعندما جاء الناقد الموسيقي المرحوم عادل الهاشمي الى الأستوديو وسمعه المخرج ستار جابر اغاني الغزالي بصوت سعدون جابر تأثر كثيرا وقال لي انا ظلمتك كثيرا لقد ظل الهاشمي يشتمني طوال عشرين عاما في كتاباته فقال لي هذا الغناء الحقيقي وانا اعتذر وفي عام 1998 انتجت مسلسلا عن مسعود العمارتلي وغنيت فيه 16 اغنية ولعبت فيه دور شخصية مسعود المركبة الضائعة بين شخصيتين هما المرأة والرجل في آن واحد كان المسلسل من اخراج المرحوم كريم حمزة وقد اخفق في أظهار حقيقة هذه الشخصية للناس وقبلها في عام 1998 انتجت مسلسلا لشاعر الحداثة العربية بدر شاكر السياب والذي لم يكتمل الا بعد عشر سنوات من انتاجه لوجود مشاكل قضائية ما ادى الى تلف الأشرطة وتغير نظم التصوير والغريب في الأمر ان المسلسلات الثلاث اخذت بسببها الى المحاكم
* هل شهادة الدكوراه كانت قريبة من المحفل الغنائي وكيف ؟
– كانت الماجستير من جامعة سالفورد البريطانية وهي عن الأساليب الغنائية في جنوب العراق مثل الحياوي والغافلي واللامي وهكذا خافظت على جزء من الغناء العراقي بأنتشاله من الضياع وقدمته للمكتبة العالمية منوطا مع تحليلات موسيقية لكي يستطيع ان يقرأه ابن الصين وأبن العرب بكل سهولة اما الدكتوراه فكانت عن اغاني المرأة العراقية احصيت منها العشرات بل المئات من الأغاني وهي الثروة الغنائية الضائعة والتي تكاد ان تضيع برمتها فلا احد يغنيها حاليا ولأن الام هذه الأيام اذا ارادت ان تغني لوليدها تردد ماتسمعه من اغاني هذه الأيام وبذلك ضاعت الدللول واخواتها والحمد لله استطعت ان ادون جزءا كبيرا منها وأحفظها للأجيال
* بعد جيلكم الغنائي بقليل ماهو المطرب الذي شد أنتباهكم ؟
– بعد جيلنا انتبهت لصوت كريم منصور فهو جميل وحساس ويعرف ماذا يغني اتمنى له الموفقية
* خلافا لمجايليك مازلت تعمل بنشاط في مجال الأنتاج الغنائي وتقيم الحفلات حول العالم مالسر في ذلك؟
– اقمت مالايحصى من الحفلات ولكن ثمة حفل لاانساه مطلقا وهو في مدينة الرياض من المملكة العربية السعودية عام 1984 شاركني فيه طلال مداح والكبير محمد عبده ولان الجمهور السعودي قد تعود على طلال ومحمد ويواجه سعدون جابر لاول مرة امتلأ المسرح وفي اول اغنية امتلأت السماء بآلاف (العكل) وهي ترفع للسماء لتحيتي ولما سألت ماهذا قالوا هذا يعني انت فنان زين والعقال لايرفع من الرأس الا للرجل الذي ينال تقديرا كبيرا انها بالفعل لحظات لاتنسى ابدا
وفي عام 1988 اقيم لجلالة الملك فهد حفلا تكريميا بحضور الرئيس صدام فغنيت وعندما انتهيت من الوصلة الاولى اراد الملك فهد ان يحييني واقفا ولكن ركبتاه لم تسعفاه في ذلك اما ذهابي الى فلسطين فكان مبعثه التضامن مع الفلسطينيين الذين يقتلون وتهدم بيوتهم وقابلني الرئيس الفلسطيني محمود عباس وتشرفت بمقابلته
* ماهو رأيكم بأغاني الشباب حاليا ؟
– اصحابها جميلين ملابسهم اجمل ومضامين اغانيهم هزيلة وبالصدفة استمعت الى اغنية جميلة بصوت سيف نبيل مؤخرا
* بماذا تفكر الآن ؟
– افكر في انشاء مسرح اودار للثقافة والفنون تضم مسرحا وقاعة فنون واستودو موسيقي واشياء اخرى ملحقة