الكاتبة والمعمارية المغتربة فاتن الصراف : كنت مخنوقة ولم أتنفس بشكل طبيعي الا عند وصولي الى مدينتي العزيزة البصرة
كتب – سعدي السند :
الكاتبة والمعمارية فاتن الصراف غادرت البصرة قبل أكثر من30 عاما ولم ترها الا بعد وصولها لها مساء أول أمس الجمعة قادمة من دولة الأمارات العربية المتحدة وهي آخر محطة استقرت بها منذ عدة سنوات وأول شيء ألزمت نفسها على تنفيذه – كما تقول – أن تشاهد البيت الذي كانت تسكنه مع أهلها منذ ولادتها عام 1966 في المعقل / منطقة حي المركزي / وذهبت له وتقول : وجدت ملامح المنطقة قد تغيرت وبرغم ذلك تعرفت على بيتنا القديم وهو مازال على حاله واستأذنت للدخول ومن ثم صعدت الى سطح البيت لأشاهد ذكرياتي مع العبارات التي نقشتها أو حفرتها على عدد من الطابوق عندما كنت طالبة في اعدادية المعقل للبنات وقد فرحت بشكل لايوصف عندما وجدت منقوشاتي مازالت كما هي لكنني لم أجد شجرة البمبر التي كنت أحبها وأداريها والتي كتبت مذكراتي وسيرتي الذاتية بأسم هذه الشجرة في كتاب أسميته (شجرة البمبر) وقد صدر عن دار الحكمة في لندن عام 2017وكنت أتمنى فيه أن يعرفني من لايعرفني عبر هذا الكتاب الذي أوجزت أو فصّلت فيه سنوات عمري وذكرياتي وكما يعرف الجميع اننا كنساء وكرجال ايضا وكأناس محافظين بشكل عام من الصعب أن نبوح بكل شيء عن حياتنا وعلاقاتنا الاجتماعية ومنها الخاصة جدا وكانت مسودات شجرة البمبر موجودة وقد حذّرني الكثير من المقربين والمعارف من صعوبة البوح بهذه التفاصيل الشخصية ومنها العائلية وحكايات الحب البريئة وكيف تمت خطوبتي وزواجي والحمد لله وكيف انني فقدت جنيني الأول وكيف عوّضني الله سبحانه بتوأم وكيف هاجرت وفي جيبي أقل من 100 دولار .
وتضيف فاتن : كل هذا وغيره ومايخص سفري لأول مرة في حياتي الى الأردن وسكنت في شقة صغيرة مع نساء لااعرفهن وبحمام مشترك وهناك الكثير ايضا في مسودات كتابي شجرة البمبر ومن ذلك الكثير هو جلوسي على رصيف شارع المتنبي في بغداد لأقرأ كتابا لاأتمكن من شرائه و وكيف اصبحت اول مقاول في بغداد وانا مازالت في مقتبل شبابي وهناك الكثير والكثير في مسودات الكتاب ومازالت كلمات التحذير تصلني بعدم نشر الكتاب والمفارقة ان زوجي الذي كان يقرأ المسودات شجعني على طبع الكتاب وقال اجمعي كل المسودات واطبعي الكتاب نعم اطبعيه بالرغم من وجود الكثير من الامور الشخصية فيه وفعلا قدمته للطبع وتم طبعه ونشره وتوزيعه ووجدته بعد توزيعه انه يحفظ ذاكرة المعقل والبصرة وبقية الاماكن والاحداث الى الجيل الجديد ومنها مرثيات حروب ونزاعات أتعبتنا كثيرا ومنها ايضا سنوات الحصار القاسية وغير ذلك الكثير .
وبينت فاتن : وأنا كمعمارية ساهمت بحملة اعمار العراق بعد سنة 1991 ودخلت في مواقع فيها صواريخ لم تنفجر بعد واستطعنا ان نعمر الكثير ولم (نستورد) خبراء .
وتضيف فاتن في حديثها : عند وصولي الى البصرة عبر مطارها وعند دخولي صباحا الى بيتنا القديم حاولت جدا أن أتمالك نفسي عن البكاء وحاولت أن لا (تنزل) دمعة مني كنت مشتاقة لناسي وجيراني واساتذتي ولكل الأصدقاء وهم اخواني وكنت مشتاقة أن ألتقي بمبدعي ومبدعات البصرة ومن شتى الأجيال الذين تعرفت عليهم عبر العالم الأفتراضي (الفيس بوك ) / ويمكنني أن أقول ومن أعماقي أنني كنت مخنوقة منذ 30 عاما ولم أتنفس بشكل طبيعي الا عند وصولي الى البصرة .
(فاتن) من مواليد البصر 1966 وأنهت دراستها الأبتدائية والثانوية في المعقل وتخرجت من قسم الهندسة المعمارية / جامعة بغداد 1989 وعملت في شركة الفاو العامة لمدة أربع سنوات وساهمت في حملة اعادة الأعمار بعد حرب الخليج الثانية ومن ضمن اعمالها في تلك الفترة المشاركة في اعادة اعمار عشرة مصانع في عامرية الفلوجة / مبنى برج بغداد/توسعات أبنية جامعة بغداد في الجادرية / واعادة تأهيل مدرسة كلية بغداد/ وافتتحت مكتبها الخاص بالمقاولات الهندسية في بغداد 1996 وغادرت العراق عام 1999 الى الأردن ومنه الى دبي حيث استقرت هناك وشغلت وظائف في شركات معروفة في الأمارات وكان آخرها العمل لأكثر من أربع سنوات كمدير عام لدائرة التصميم والتنفيذ الداخلي للمكتب الهندسي الخاص للشيخ محمد بن راشد آل مكتوم وأفتتحت شركتها المتخصصة بأعمال التصميم التنفيذ الداخلي في دبي 2009 وقامت من خلالها بتصميم وتنفيذ العديد من المشاريع في الامارات العراق واستراليا ونشرت سرديتها الشخصية عام 2017 في كتاب حمل عنوان (شجرة البمبر) الصادر عن دار الحكمة في لندن وصدرت لها عام 2018 رواية (كوخ العم نجم) عن الدار العربية للعلوم / ناشرون.
ويذكر ان قصر الثقافة في البصرة ضيّف مساء السبت 19/كانون الثاني/2019 الكاتبة المعمارية المغتربة فاتن الصراف في جلسة هيّأ لها منتدى البصرة الثقافي بالتعاون مع القصر.وفي جلسة أدارتها وتحدثت فيها الشاعرة منتهى عمران رئيسة منتدى البصرة الثقافي وبحضور جميل من عدد كبير من مبدعي ومثقفي مدينة البصرة بدأتها (منتهى) بتعريف الحضور الكريم بشيء عن السيرة الذاتية للمحتفى بها الكاتبة و المعمارية مؤكدة في البدء بأن (الصراف) حضرت للتحدث عن تجربتها الأدبية وتوقيع كتابيها (شجرة البمبر وكوخ العم نجم ) .