حكومات أهل الجنوب… على قلتها طالما كانت حكومات إنقاذ وطني وحل أزمات وتحقيق مكاسب وطنية…
عبد الستار التميمي *
في كانون من عام 1948 لم يكن يعرف العراقيون أن صالح جبر في توقيعه لمعاهدة بورتسموت إنما كان يريد تحقيق الإستقلال النهائي وإرجاع السيادة الكاملة بيد العراقيين…ولو إطلع المعاصرون الآن على ما تضمنته بنود المعاهدة من إنجازات كبيرة تسجل لصالح العراق شعبا وحكومة لأقاموا نصب للراحل صالح جبر على ما حقق…فكل ما جاء في هذه المعاهدة كان مخالف لكل رغبات بريطانيا ومصالحها التي تحققت في معاهدة 1930 الجائرة…
لعل فقرة تضمنتها المعاهدة لم أسمع بها سابقا ولم يعرفها ربما حتى أصحاب الإختصاص…وهي قيام العراق بحث بريطانيا على الإنسحاب من فلسطين وإحلال الشرطة العراقية محلها هناك والطلب من وزارة الحربية البريطانية تزويد الجانب العراقي بخمسين ألف بندقية لغرض توزيعها على الثوار الفلسطينيين في مواجهة الأعمال الإرهابية للعصابات الصهيونية العاملة على الأراضي الفلسطينية..وقد كان هذا الأمر فيه ضرر كبير للمنظمة الصهيونية ومخططاتها آنذاك لذلك حركت أذنابها لإسقاط المعاهدة الموقعة بين العراق وبريطانيا بحجة مساسها بالسيادة العراقية والقرار السياسي العراقي..حتى أن أحد الساسة الصهاينة قد صرح مرة في قوله:- كادت معاهدة بورتسموت أن تمنع قيام دولة إسرائيل لولا أن سذاجة وعاطفية العراقيين التي ساعدتنا في إلغاءها بل وتوجيه تهمة الخيانة ضد الموقعين عليها…
ناجي طالب:- وفي قراءة محايدة لما قام به الرجل من إنجاز مهم تحت وطأة ظرف صعب وإستثنائي كان يعيشه العراق آنذاك عام 1967 والأزمة المالية تعصف بكيان البلد الذي شارف على الإفلاس وتوقف النشاط الإقتصادي في كافة نواحيه..ومما زاد الأمر سوء تصرفات الشركات النفطية الإحتكارية التي خالفت كل الإتفاقات السابقة بين الطرفين والتجاوز على ما جاء بقانون رقم 80 المعمول به بما يفقد العراق سيادته على الأراضي التي شملها هذا القانون ومنع الشركات الإحتكارية من العمل فيها تنقيبا أو إستخراجا أو إقامة منشآت تخص الجانب الإنتاجي. وللخبرة الدبلوماسية التي تمتع بها ناجي طالب لكونه قد تسلم حقيبة الخارجية فترة من الزمن فقد وجد فيه عبدالرحمن عارف خير مفاوض أمام خبث ومكر الشركات الإحتكارية وقد دخل فعلا في جولات متعددة من المفاوضات مع هذه الشركات وكان بحق هو المخطط والمصمم لقرار(تأميم النفط)الذي سرقه البعثية منه وجيروه لصالحهم وكأنهم هم من صنعوا هذا الإنجاز الذي أعلن عنه البكر في حزيران 1972..بل حتى أن الإعلام العراقي في وقتها وربما لحد الآن يعتبر أن عبدالرحمن عارف هو المفاوض الأول مقابل الشركات النفطية الإحتكارية…
عادل عبدالمهدي:– يمكن أن نعتبر إختياره رئيس للوزراء هو إختيار لحكومة أزمة أو حكومة طوارئ أو حكومة تحقيق حلول أو تحقيق إنجاز عجزت عنه الحكومات السابقة..دفعه لذلك ساسة البلد والقائمين على حكمه بعد عجزهم عن تحقيق شيئ وبعد تراكم الأزمات والأخطاء وتوغل الأمراض وإستيطانها في جسد الدولة وبعد أن سئمت الأمة من تكرار نفس الوجوه منذ ما يقارب 15 عام… هل يكون عبدالمهدي كما سابقيه…وتستمر روح العمل وتحقيق الإنجازات وحل الأزمات التي طالما حققتها حكومات أهل الجنوب على قلتها في مسيرة التاريخ المعاصر للعراق؟
**********************************
1- صورة للمرحوم صالح جبر المتوفى عام 1957
2- صورة تجمع رئيسين للوزراء من أهل الناصرية…الدكتور عادل عبدالمهدي…والمرحوم ناجي طالب
*باحث عراقي مقيم في بغداد