وطن برس أونلاين

جريدة عربية مستقلة

أهم الأخبار تحقيقات

الى مدينتي البصرة المستباحة ..ملح البصرة.. وفاء أم عقوق ؟؟

وديع شامخ*

البصرة -طريدون- الرعناء نموذجاً

البصرة اجمل مشاتي العالم ، هكذا كان الدرس 
مروا على البصرة جميعهم فكانت الطيبة ملح الوفاء ولم يذكروا ملوحة الماء، كانت المدينة بصرياثا ، حرثاً صالحاً للجميع ، بساتينها ملك مشاع وهوائها انقى من العطر . وشطها خزانة الدجلتين .
وللبصرة طبع السكّر في اهلها ، ووفاء الملح ، وليس لها في السمين الابيضين. مكيدة
مع وفرة ماثلة في العطاء بلا حدود .
نفطها يُحرّر فقراء المعمورة ، سمكها حين ُيعلّب ُيشبع قارة أفريقيا ، *خرّيطها ُيذهب الوحشة عن المهاجرين في اصقاع الدنيا .
لؤلؤة الخليج عربيا كان أم فارسيا وعروسة المدن قبل عصر النفط والنزوات و مدن الملح والتيه .
وهي أول ولاية في العصر الإسلامي أنشأها العرب المسلمين خارج حدود الجزيرة العربية، ” وكانت منطقة البصرة قبل ان يشرع العرب بتمصيرها تشمل سبع دساكر بمعنى سبع (قرى) قديمة.(الطبري، 60، 1939). في الخريبة اثنتان وبالزابوقة واحدة وفي بني تميم اثنتان وفي الازد اثنتان، وكانت هذه الدساكر السبعة مأهولة وذات منازل ثابتة وقد حدد ماسنيون مواقع هذه الدساكر، الا انها تحولت الى خمس مناطق عسكرية قبلية تدعى الأخماس في العصر الأسلامي كما ذكر ماسنيون “
البصرة مدينة قبل احتلالها وتمصيرها ،وهي مدينة الانهار بوفرة عالية ، قيل ان عدد الأنهار بلغ آنذاك نحو من عشرين ألف نهر وينابيع شعر ومعرفة ، ومساكن للثوار ، ومهبط الحالمين وملتقى العلماء والمؤدبين.
فيها ما يكفي ان تفتخر قارة بأكملها من الكنوز، وفيها من الندرة والوفرة ما يكفي من المبدعين في حقول الحياة المختلفة
ما يقول ابن بطوطة :(احدى أمهات العراق الشهيرة الذكر في الأفاق الفسيحة الأشجار المؤنقة الاخناء ذات البساتين الكثيرة، والفواكه الكثيرة… وليس في الدنيا أكثر نخيل منها. والبياعة في ضلال الأشجار يبيعون الخبز والسمك والتمر واللبن والفواكه). (ابن بطوطة، 185-181، 1968).
…………………………
كان للبصرة أسماء اخرى ايضاً فمن ذلك كان تدعى بالخريبة قبل الفتح الإسلامي ، وبعد بنائها سميت بأسماء كثيرة منها أم العراق ، خزانة العرب عين الدنيا ، ذات الوشامين ، البصرة العظمى ، البصرة الزاهرة ، الفيحاء ، قبة العلم ،كما تدعى الرعناء وذلك لتقلب الجو فيها أثناء اليوم الواحد وخاصة في فصل الربيع ، ولعل أجل ما حملت منطقة البصرة الكثير من الاسماء، منها (باب سالميتي) وهي كلمة مأخوذة من الاكدية (شابليتيوم) أي البحر الأسفل فيكون معناها (باب البحر الأسفل).. وعرفت باسم ميناء طريدون اذ ذكرها كتاب الرومان والإغريق باسم تريدون أو ديري دوتس، ولقد استعار القاص جابر خليفة جابر اسمها في مجموعة قصصية له بعنوان ” طريدون “، وقد قلبها العرب إلى (تردن) و (تردم) و (تدمر) والاسم الأخير عرفت به البصرة كأحد أسمائها كما جاء في تاج العروس للزبيدي، كانت البصرة تسمى في القديم (تدمر) وفي مسند زيد بن علي قال (ويقال لها أي البصرة تدمر ويقال لها حزام العرب، وقد اطلق عليها ايضا البصيرة. البصيرة من أسماء البصرة القديمة وقد أعاد بناءها اردشير ملك الفرس الساسانيين وسماها (وهشتا باذ اردشير) وذكرها الأزهري في تاج اللغة بـ (الخريبة)، وهي جزء من البصرة كان يطلق عليه البصيرة الصغرى، وقال حمزة الاصفهاني إنها كلمة فارسية (بس راه) وردها يعقوب سركيس إلى الكلدانية اذ تعني الاقنية أو باصرا (محل الأكواخ) إن كلمة بصرة أو بصيرة كلمة أكدية مشتقه من كلمة (باب وصيري) فاصبحت (صابي صيري) أي سكان الصحراء فيكون اسمها (باب الصحراء). هناك اشارة الى وجود مدن مندثرة تحت أنقاض البصرة القديمة، فعندما جاء عتبة بن غزوان المازني عام 14هـ إلى منطقة البصرة شاهد أنقاض مدينة قديمة كانت حسب روايات محمد بن اسحاق سبع دساكر، وذكر وجود قصر (سنبيل) في رواية أبي عبيدة على انه حصن فارسي في الجاهلية على مرتفع وهو داخل البصرة، وقد سكنها بنو تميم و بني العنبر وغيرها.
ولكن ابنها الحكواتي الكبير محمد خضير ابتكر لها اسما يناظر خلودها ” بصرياثا” .
…………………………………………………
البصرة أيضا لم تكتف بمجد ثقافي وشعري وحضاري وفني عبر رموزها على مر التاريخ ، فهي مدينة الفرح بأعراسها وبكسلاتها وبحدائقها ونزواتها وشوارعها المنفلتة المزاج من الوطن الى الكورنيش الى اقصى جنون ابي الخصيب، صعودا الى شجرة آدم وجمال
الشطين في قبلة واحدة . ولكنها ايضا ساحة للثوار ومدينة الغضب الفكري العارم فمنها خرج الخوارج والزنج والقرامطة، وكان لاخوان الصفا وخلان الوفا جولة في رسائل العشق . ولها من مناقب التيه والوجد والعرفان مدارس وفيها من الملل والنحل ما يكفي الدرس في التعايش السلمي المجتمعي او ما يصطلح عليه الان ” التعددية الثقافية”
البصرة درس في تكامل مجتمعي مهيب وعيد” الكسلا نموذجا ” .
…………………………
نبؤة الخراب
وعن خراب البصرة وما بعده وما قبله حدثنا شيخ التاريخ المعتوه بقوله ” أما خراب البصرة فرواياته ثلاثة أنواع: خرابها بالغرق. وخرابها بثورة الزنج. و(خرابها) بوقوع خسف وتدمير فيها”
فأية رعونة وايّة قيامة لبصرة اليوم ؟
البصرة غير الصالحة للخضرة والماء ، وما تبقى سوى الوجه الحسن .
خرابها الآن منظم للقضاء على الماء أولا والبقية تأتي.
البصرة رعناء مرتين ، مرة حين سمحت للآلهة ان تمرح بمزاج فصولها ، وثانية عندما فتحت ابوابها للغزاة على مر العصور .
…….
*- الخريّط : حلوى جنوبية خالصة بلون اصفر ومذاق خاص ، تصنع من نفاش الهور .

  • كاتب وشاعر عراقي مقيم في استراليا

اترك ردا

Developed and designed by Websites Builder Ph:0449 146 961