وطن برس أونلاين

جريدة عربية مستقلة

أهم الأخبار العراق

خارطة التحالفات الاولية: العبادي في المقدمة.. وتأجيلها مرهون بواشنطن

تقرير كتبته مراسلتنا في عمان : ناجحة كاظم 

لا يبدو رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي مكترثاً للأزمات السياسية والأمنية والاقتصادية التي تشهدها البلاد، متعاملاً بهدوء وصمت مع هذه الملفات، فالرجل أجاد بشكل كبير لعبة شد وإرخاء الحبل، وسحب البساط من تحت خصومه وضمن البقاء في السلطة لفترة جديدة.

وحتى هذه اللحظة فان جميع الاحتمالات والخيارات متاحة في موضوع الانتخابات التشريعية: اما اجراؤها في الموعد الذي حددته مفوضية الانتخابات، في 15 مايو/أيار 2018، أو تأجيلها الى أجل مسمى، وتشكيل حكومة تصريف اعمال، وهو الامر الذي يتخوف منه رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، والذي ما فتئ يعبر عنه باستمرار في تصريحات وبيانات عديدة. وبالرغم من ان مقربين من العبادي والصدر، يؤكدون ان لقاء الرجلين في كربلاء على هامش زيارة اربعينية الامام الحسين، تم بمحض الصدفة، الا ان مصادر من داخل التيار الصدري اكدت لـ (وطن برس) ان اللقاء تم ترتيبه ليبدو كصدفة، كي لا يثير حفيظة المالكي وجماعته، مشيرة الى ان الصدر عرض على المالكي الخروج من ائتلاف دولة القانون وتشكيل كتلة مدنية واسعة تضم الطيف العراقي. وأيد الصدر توجه العبادي لمنع مشاركة فصائل الحشد في الانتخابات المقبلة، مؤكداً للعبادي انه سيقوم بتجميد سرايا السلام حال اعلان النصر النهائي على تنظيم داعش. وتعترف المصادر بوجود مشروع تقوده بعض القوى السياسية لتشكيل حكومة مدنية مدعومة من مرجعية النجف والغرب، بهدف إفشال الأحزاب السياسية الداعمة لمليشيا الحشد الشعبي في الانتخابات المقبلة، فيما يذهب انصار المالكي الى أبعد من ذلك، اذ يزعمون وجود مشروع لتشكيل حكومة طوارئ في العراق بدعم من الدول الكبرى، ويقولون أن مشروع تأجيل الانتخابات سيفشل كما فشلت مشاريع تنظيم داعش، ومشروع التقسيم الذي تبناه رئيس مسعود بارزاني.

لكن مصادر شيعية وسنية تحدثت معها (وطن برس)، تؤكد ان الانتخابات المقبلة، لو حدثت، فستشهد بروز تحالفين رئيسيين، أحدهما يقوده العبادي والآخر المالكي، مشيرة الى أن التحالف الأول سيضم أطرافاً شيعية مهمة، كجناح العبادي في حزب الدعوة والتيار الصدري وتيار الحكمة، وجماعة الجعفري، بالاضافة الى أطراف سنية، لاسيما جناح اياد السامرائي في الحزب الإسلامي العراقي، ومتحدون، وشخصيات سياسية مهمة، مثل وزير التخطيط، سلمان الجميلي، ونائب رئيس الوزراء السابق، صالح المطلك، ووزير الدفاع السابق، خالد العبيدي، ورئيس حزب الحق، النائب أحمد المساري.

أما التحالف الثاني، الذي قد يتزعمه نوري المالكي، فسيضم قادة ميليشياويين الشعبي”، وحركة إرادة، برئاسة حنان الفتلاوي، والمجلس الأعلى الإسلامي، فضلاً عن رئيس البرلمان سليم الجبوري ورئيس ديوان الوقف السني، عبد اللطيف الهميم، ووزير الكهرباء، قاسم الفهداوي، ورئيس حزب الحل، جمال الكربولي، ورئيس البرلمان السابق، محمود المشهداني.

لكنها تؤكد ان تحالف العبادي المرتقب سيكون الأوسع والأقرب الى مطالب المحيطين الاقليمي والدولي، فضلاً عن وجود دعم عربي ودولي لهذا التوجه، في حين لا تحصل جبهة المالكي إلا على الدعم الإيراني الذي يهدف إلى تكريس الحكم الطائفي، وإيصال قيادات ميليشيات الحشد إلى السلطة. ويشي الحراك الظاهر والمستتر الى ان المشهد السياسي المقبل يحمل مفاجآت كبيرة في ظل التقارب الواضح بين العبادي وقوى سياسية من محافظات نينوى وصلاح الدين والأنبار، مقابل اندفاع المالكي باتجاه مليشيا الحشد الشعبي لتشكيل معسكر مناوئ.

ومع هذا يبقى تأجيل الانتخابات وتشكيل حكومة تصريف أعمال، يقودها العبادي، أحد السيناريوهات المطروحة، سيما أن القوى السياسية السنية تدفع باتجاه تأجيل الانتخابات بسبب حالة غياب الاستقرار في المحافظات الشمالية والغربية، فضلاً عن عدم سماح القوات العراقية بعودة النازحين من هذه المناطق.

ويخوّل الدستور حكومة تصريف الأعمال في ظرف كالظرف الذي يمرّ به العراق وهو الحرب ضدّ الإرهاب ووجود جماعات خارجة عن القانون، صلاحيات مطلقة لفرض سيطرتها، وتستمر بالعمل حتى إجراء الانتخابات، ما يعني ابقاء الحكومة بيد العبادي وبصلاحيات مطلقة ومن دون رقابة برلمانية، وقد استطاع العبادي أن يمهّد لذلك، وفقاً لخطة مدروسة ومحكمة، وأنّه اليوم ضمن البقاء بالسلطة لفترة أطول وبصلاحيات أوسع، متغلباً على كل خصومه، بعد ان أثبت إمكانية واضحة في إدارة الملفات السياسية الداخلية والخارجية، وأسلوباً دبلوماسياً يحتاجه العراق خلال المرحلة المقبلة.

ولن يعيق تقدم العبادي وفوزه بولاية ثانية، كما ترى المصادر، محاولات ايران وتركيا لتشكيل اقليم تركماني، يضم تلعفر وكركوك ومدن التون كوبري وأمرلي وطوزخورماتو، تكون الغلبة فيه للتركمان الشيعة (الهزارة)، ذلك ان مسألة انشاء اقليم تركماني غير واردة اصلاً لعدم واقعيتها، لكن العبادي وكما تقول ذات المصادر سيعمد قريباً الى إعطاء كركوك وضعاً خاصاً وتحويل تلعفر إلى محافظة.

ولاتبدو مرجعية النجف بعيدة عما يدور في كواليس الساسة العراقيين، اذ ان النائب المستقل عبد الهادي الحكيم المقرب من مرجعية السيستاني، على اطلاع تام بما يجري من حراك لتشكيل التحالفات الانتخابية المقبلة، فضلاً عن قيام عمار الحكيم بابلاغ المرجع محمد سعيد الحكيم بما يدور ونيات المتحاورين.

وبحسب مصادر نجفية، فان مرجعية النجف تؤيد وجود حكومة مدنية تمثل الطيف العراقي، وتنهي سطوة الميليشيات، ليتم بناء دولة المؤسسات، وليس مؤسسات الدولة العميقة. وتقول ان المرجعية العليا ومقتدى الصدر، يؤيدان خطوات العبادي لفضح المفسدين واحالتهم الى القضاء العراقي، مثلما لايمانعان قيام واشنطن بفضح ملفات الفساد ضد الساسة العراقيين.

ويبقى موضوع عقد الانتخابات البرلمانية العراقية من عدمه رهنا بما تخطط له حكومة ترامب في اطار تصحيح الاوضاع التي تسببت بها ادارتا بوش واوباما، في تغييب عراقي الداخل، والتركيز على المكونات والمحاصصة، بدلاً من تكريس روح المواطنة العراقوية .

اترك ردا

Developed and designed by Websites Builder Ph:0449 146 961