عبد الجبار العزاوي *
في مثل هذا اليوم من عام 1908 توجهت أول سيارة من الإسكندرية في طريقها الى العراق ووصلت بغداد مساء يوم الأثنين 23 من شهر تشرين الثاني ، وكانت أول محطة لها مدينة الأسكنرونة ثم حلب ، بعدها سلكت الصحراء الغربية. ولم يكن الحدث عاديا على البغداديين الذين هالهم المنظر . وصار بعضهم ينظر تحتها كي يكتشفوا الحصان الكامن في بطنها ، إذ لم يكن من المعقول أن تسير عربة من غير حصان يجرها، و كان قائد تلك الرحلة هو ديفيد فوربس، من عائلة أسكتلندية الأصل .
وبصحبة ديفيد فوربس كان هناك سائق السيارة ويدعى واط، وكذلك ميكانيكي من مدينة الأسكندرونة حيث أنطلقت السيارة الى حلب في طريقها الى بغداد، وفي مدينة حلب التحق بالمجموعة طباخ و أحد رجال البدو كدليل للطريق. وكان قد تم وضع خزانات وقود إضافية الى السيارة وخزان لوضع اللوازم الإضافية من فؤوس وجرافات وحبال وغيرها . لم تتمكن السيارة العبور الى الرصافة عندما نفذ الوقود بالكامل بالقرب من الجسر، فتركت مع الميكانيكي في حظائر العربات التي تجرها الأحصنة القريبة في الكرخ .
يقول ديفيد فوربس في اليوم التالي رجعت لتفقد السيارة وكانت هناك جمهرة كبيرة من الناس في الشارع الضيق الى مدخل الكراج وكان صاحب الكراج يستوفي أجور لقاء الدخول ومشاهدة السيارة. فقد أشيع في بغداد بأن الشمندفر قد وصل الى بغداد. كانت رغبة فوربس العودة بالسيارة الى الشام لكن نفاد الوقود وعدم توفره في بغداد، حال دون ذلك إذ كانت الرحلة قد استهلكت أكثر من 500 لتر من الوقود، وكذلك إصابة السائق واط بالتيفوئيد من شرب المياه الملوثة في الطريق، ترك ديفيد فوربس السيارة في بغداد ورحل الى البصرة ومنها الى الهند.
* كاتب وصحفي من العراق