محمد حسين / سيدني
لو بقيت الأحزاب السياسية العراقية التي تحكم العراق حاليا كأحزاب معارضة للنظام البعثي الغاشم لبقيت سمعتها أشرف وتأريخها النضالي العريق أكثر إنارة بتضحياتها الجسيمة ، ولإختبأت جيفتها ودنائتها مطمورة ولحد الآن تحت أسمائها وأهدافها وشعاراتها الرنانة المخادعة ، ولكانت تطلعات وأحلام الشعب ماتزال تنتظر يوم الخلاص من ذلك الكابوس الجاثم على صدر العراق والعراقيين منذ سنين . ولإستمرت الاقلام والاصوات الحرة والمعارضة للدكتاتور من لاجئين ومهاجرين ممن هربوا من العراق في فترة السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي بحثا عن الحرية والكرامة في الدفاع المُستميت عن العراق أولا وعن هذه الأحزاب الحاكمة حاليا وبكل فخر وإعتزاز “لانها كانت تعتبر في إعتقاد الكثيرين” بانها المُنقذ الوحيد والشرعي لمستقبل العراق وأهله.
الذي حصل خلال الأربعة عشر سنة الماضية في العراق الجديد خيّب آمآل وأحلام ماكان ينتظره العراقييون في التغيير الجذري بكل مجالات حياته السياسية منها والاجتماعية والاقتصادية والثقافية وحقوق الرخاء والعيش الكريم . فقد عمدت جميع القوى الوطنية في الداخل والخارج ولسنوات عديدة ان تبرّر أخطاء الأحزاب الحاكمة بحجّة تجربتها الحديثة بالحكم والى آخرة من الأعذار الواهية ، ولكن تبين بأن ظنونهم كانت خاوية وفضائح وجرائم وسرقات هذه الأحزاب الحاكمة تسير نحو الأسوء سنة بعد اخرى ، الى أن تبيّنت بعض سرقات الحيتان الكبيرة من صُنّاع القرار وهروبهم خارج العراق وفضائح وخيانات مؤامرة احتلال الموصل وبالتالي تحريرها وبتضحيات ودماء زكية من قبل الجيش العراقي الباسل وباقي التشكيلات العسكرية والأمنية المشتركة وقوى المكونات الاخرى.
المحصلة كانت ان منهاج هذه الأحزاب التي جاءت بها أمريكا لحكم العراق منذ سنة ٢٠٠٣ هي نفس منهاج حزب البعث الغاشم بل بإمتيازات أكبر وأحقر وأدوات أشنع وأقذر ، وقد إستمرت نفس السياسات الظالمة التي اعتمدها حزب البعث الصدامي في إدارة الحكومة في الولاء الحزبي والعائلي والمناطقي وقد زادوا عليها بالعشائري ايضا، وقد سبقوهم بخطوات شاسعة بكيفية تعيين المسؤولين والاداريين والسفراء والدبلوماسيين في مؤسسات الدولة العراقية عن طريق المٌحاصصات المقيتة ، فلازالت أساليب القهر والحرمان والأذى ذاتها لم تتغير بل تحسنت بصورها الدنيئة الحديثة بمخادعة الشعب الساذج الطيب الذين إستغفلوه وسرقوه وضحكوا عليه.
وآخرها كانت فضيحة محافظ البصرة الهارب من مواجهة القضاء العراقي وقبله فضيحة محافظ الأنبار وقبله محافظ بابل وقبله وزير التجارة السابق وقبله وقبله والقائمة تطول وتطول ، فلازال شعبنا العراقي العزيز يُقدّم التضحيات تلو التضحيات ولإزالت هذه العصابة الحاكمة تسيطر وتحكم وتسرق العراق وبشتى الطرق والوسائل الخسيسة مستغفلين عقول الناس ومستهترين بدماء الشهداء والأيتام والأرامل والثكالى.
المؤسف هو مع وضوح وبيان كل هذه الجرائم والفضائح والمؤامرات للأحزاب والكتل السياسية الحاكمة إلا أن غلبة طيبة وسذاجة مجتمعنا العراقي الكريم لازالت هي الطاغية على المشهد السياسي العراقي ، ولازالت الطغمة الحاكمة تستغل هذه المسألة النفسية لأكثرية المجتمع في تمرير أجندتها ومؤامراتها الخسيسة على حساب مصالح الشعب بكل مكوناته وقومياته.
إن الحشد الإعلامي لمحاربة الفساد يُطالب مجتمعنا العراقي داخل العراق وخارجه بان لايكرروا نفس الأخطاءالتي ارتكبوها في الانتخابات النيابية الماضية والتي سبقتها .. وعليهم ومن الآن عقد الندوات الثقافية وإطلاق الحملات الوطنية للتوعية الجماهيرية “والبدء بتنظيم المظاهرات والاعتصامات داخل العراق ، وامام البعثات الدبلوماسية لكسب الأعلام الخارجي لهذا المطلب الوطني الجماهيري ولفضح ألاعيب حكومة بغداد وفسادهم الاداري” لتغيير قانون الانتخاب الى الانتخاب الفردي .. وإن لم يتغير هذا القانون فان سياسيوا الصدفة والمحاصصة المقيتة سيلعبون نفس الأدوار والألاعيب الخسيسة والقذرة بتغيير وجوه السُّراق وسيستمرون بالضحك والاستهزاء بالعراق كله.
وهكذا يُطالب المرجعية الدينية العليا بفتوى جديدة لتعديل قانون الانتخابات ومحاربة الفساد والفاسدين . وكما أسقطت فتوى المرجعية الرشيدة دويلة داعش الخرافية بلا رجعة ، فإنها السلطة الوحيدة التي تتمكن منهم عبر فتاواها الجديدة لإسقاط كل الأصنام التي إستعبدت الناس إستعبادا.