طالب عبد العزيز
يضع البصريون أمام انظار الحكومة الفدرالية صورتين لمحافظ البصرة (المتدين) الهارب، ماجد النصراوي: الأولى وهو يضع يده على صدره ممتنعا عن مصافحة السفيرة الكندية، لأنَّ مصافحة النساء بشرعه حرام، وهي صورة موثقة متداولة اليوم. أما الثانية فهي المتخيلة، تلك التي يحتفظ بها المساكين المغلوبون على أمرهم، صورته وهو يتسلم الملايين بذات اليد(العفيفة) ليعطي حزبه الحصة المعلومة وليأخذ الحصة الأكبر له، وهم لا يتجنون على أحد، أبداً، فهو الذي قال ذلك، بعظمة لسانه.
لندع فكرة تدينه جانباً ولنتحدث بلغة القوانين، ترى كيف تسنى له الخروج من العراق بشكل رسمي، بعد أن منعته هيئة النزاهة من السفر، لحين اكمال التحقيقات معه، ومن هو القاضي عادل عبد الرزاق، الذي يرد ذكره طويلاً في حوادث الفساد والنزاهة في البصرة؟ ولماذا لم يتدخل السيد العبادي في منعه، لماذا لم تقم دائرة الجوازات بسحب جوازي سفره الاسترالي والعراقي، ولماذا لم يمنعه موظفو الجوازات في منفذ الشلامجة، ولماذا لا تعمل السلطات الامنية الفدرالية في بغداد على الاتصال والتنسيق مع السلطات الايرانية لغرض إرجاعه للعراق وتقديمه للقضاء؟ أسئلة مثل هذه تجعل من البلاد أتفه قطعة جغرافية على الخارطة.
ليس غريبا انتشار خبر لصوصية محافظ الرمادي السنّي ومحافظ البصرة الشيعي في فترة زمنية واحدة، وليس غريبا سوق رئيس مجلس البصرة الى محكمة النزاهة بتهمة الفساد وسوق مثيله في محافظة أخرى بذات التهمة، ففساد أحزاب الاسلام السياسي بات مسلماً به، لكن أمر البلاد لم يعد يتحمل أكثر، البلاد تنتهب وتفقد أموالها وسيادتها وهيبتها ولم يعد القضاء فيها قادرا على لجم جماح العصابات المنظمة والرسمية، لم يبق مفصل في الدولة خال من شبهة أو تهمة بهذا المعنى. إذا كان السيد العبادي منشغلاً بمحاربة داعش فهذا لا يعفيه من اتخاذ قرارات حاسمة، من اجل عدم ضياع مدينة كبيرة مثل البصرة، من يبصر ببواطن الأمور يجد أن المدينة باتت خارج السيطرة، محافظها هرب بعد أن أخذ الجمل بما حمل ورئيس مجلسها مودع رهن تهمة فساد ورشى، وعدد كبير من موظفي ديوان المحافظ اعتقلوا بتهم الفساد، وهناك من ينتظر.
المقاولون وأصحاب الشركات الذين تعاقدوا مع المحافظ النصراوي حصرا يستنجدون ويبحثون عن من يسلمهم مستحقاتهم المالية، مبدأ التخوين والتهم والكيدية هو الصفة الغالبة بين أعضاء الحكومة، فلا أحد يرغب بأن يكون محافظا، لأن الوقت والاوضاع غير مناسبة. الاجهزة الامنية في المحافظة إما مسيسة لصالح الحزب هذا او ذاك أو غير قادرة على فعل شيء، وبصراحة، بامكان أي قوة مسلحة، أي عصابة أو مليشيا قوية السيطرة على الشارع البصري خلال ساعات.
المدينة بحاجة الى قوة عسكرية من الجيش أو الحلفاء ترابط وتتأهب لكل طارئ، المدينة الغنية بمواردها لا يمكن ان تترك يا رئيس الوزراء. ونحذر مذكرين بأن البصريين يقولون بأن الحكومة الفدرالية التي عجزت عن حسم ملف الفساد والعصابات والعشائر التي تتقاتل بالاسلحة بين فترة وأخرى، لهي عاجزة بكل تأكيد عن حماية المدينة التي تعيش فراغا إدارياً ينذر بعواقب وخيمة بكل تأكيد، الحل يكمن بحل مجلس المحافظة وتنصيب حاكم عسكري قوي ووطني وشريف.