في منزله بحي النهضة في العاصمة المغربية الرباط، يمضي الكاتب العراقي فيصل عبد الحسن أيامه متقصيا الأمل في أن تسمح له الظروف يوما بالعودة إلى العراق الذي غادره مضطرا عام 1995 رفقة جميع أفراد عائلته.تنقل فصيل (63) بين الأردن ومصر وليبيا وتونس، وكانت أصعب الأيام التي قضاها في المهجر تلك التي شاهد فيها عائلته تبكي من قساوة الأيام الأولى في المغرب، حسب ما يروي لموقع الحرة. كان على الأسرة المكونة من سبعة أفراد “أن نوفر كل دولار من طعامنا لكي ندفع الإيجار” في ذلك الوقت.
“الكلمة مصدر قلق”
نشرت لفيصل عبد الحسن العديد من الروايات داخل العراق وخارجه. أسلوبه الكتابي الذي يعتمد على السخرية في انتقاد السلطات، سبب له مشاكل لا تحصى منذ سنة 1985. يقول عبد الحسن من العاصمة المغربية إن “ما كتبته من قصص قصيرة، وما نشرته في وطني، وخارجه كان سببا رئيسيا، لما حل بي بشكل شخصي، وما حل بعائلتي من آلام اللجوء”.
ويضيف الكاتب العراقي أن “الكلمة للأسف لا تزال مصدر قلق لبعض الحكام العرب … وأكثر الكتابات التي يخشاها هؤلاء، هي الكتابات الساخرة، وقد كنت ممن يجربون هذا اللون من الكتابة”.تعرض عبد الحسن لمضايقات أجبرته على مغادرة العراق عام 1995، بعد صدور عدد من رواياته كـ “الليل والنهار” و”العروس” و”ربيع كاذب”.تدور رواياته حول “الظلم الذي يعيشه أبناء العراق على أيدي حكامهم، وفضح الحروب العبثية التي كانت تدور على أرض العراق بين فترة وأخرى”.
بلا جوزات سفر
بعد صدور روايته “عراقيون أجناب” في الدار البيضاء سنة 1999، أدرج اسمه في العراق في قائمة تضم 30 كاتبا اعتبروا “مرتدين” على النظام العراقي آنذاك، وهو “ما كان يعني حكما بالإعدام”، حسب قوله.لم تتوقف المشاكل التي سببتها تلك الرواية لفيصل وعائلته عند حدود نشر اسمه ضمن هذه القائمة بل “أسقطت الحكومة” جوزات سفر جميع أفراد عائلته.ولم تحصل العائلة على جوزات سفر جديدة إلا عام 2004 بعد الإطاحة بنظام صدام حسين، لكن فرحة العائلة لم تستمر طويلا.
“أسقطت جوازاتنا مرة أخرى وترفض الحكومة العراقية تجديدها بشتى الأعذار وعلينا الذهاب إلى العراق بورقة عدم تعرض تزودنا بها السفارة لسفرة واحدة إلى العراق فقط”، يقول عبد الحسن.أصر الكاتب العراقي في كانون الثاني/ يناير الماضي على العودة إلى العراق بعد 21 عاما من الغياب، وكان يأمل المكوث في بلاده، لكنه عاد إلى المغرب في آذار/مارس بعدما اختفى اسمه من سجلات وزارة الثقافة العراقية.
يؤكد فيصل أن وزير الثقافة العراقي رحب بعودة العائلة، لكنه “لم يوفق في أن يعيد لنا ما فقدناه”، لذلك “أنا أعيش الآن على أمل غامض في أن أعود يوما إلى عملي مهندسا في وزارة الثقافة العراقية”.وفي انتظار ذلك، يكتب فيصل مقالات في عدد من الصحف والمجلات العربية، ويخصص جزءا كبيرا من وقته لتعليم ابنه الذي يعاني من إعاقة بعض المهارات الرقمية، ويساعد زوجته على تأليف كتاب عن المطبخ المغربي.
المصدر: موقع الحرة