قراءة في جدلية ارتقاءات المرأة واخفاقاتها..المرأة العراقية أنموذجاً
* أشواق شلال الجابر
وطن برس اونلاين
المقدمة:-
لكي تحصل المرأة على حقوقها لابد ان تثبت وجودها في المجتمع ، وهذا البحث ليس للإثبات بقدر ما هو للتحريض ، فنحن نعتقد أن المجتمع العراقي الأن لايحتاج إلا الى محرضين يخرجونه من أسر المفاهيم والقيم الباليه .
لقد اخذ موضوع المرأة يتحرك بوتيرة متسارعة وملفته للنظر في المجتمعات العربيه والإسلاميه ، وكأن وعياً جديداً بدأ في التشكًل ، الوعي الذي كان محرضاً على دعوات إعادة النظر في قراءة قضايا المرأة ، و كأن العالم يعيش صحوة نسائية ، أو أن النساء أيقظن العالم بقضاياهن ، بما يعيد لهن الاعتبار وضمان الحقوق
ارتبط هذا الوعي بمجموعة عوامل مؤثره ومتشابكة ، منها مايرتبط بالشأن الوطني ( الداخلي ) ومنها مايرتبط بالشأن العالمي ( الخارجي ) ومنها مايرتبط بالشأن ( التقني ) ، ففي الشأن الداخلي يتقدم عامل التعليم الذي كان له الأثر البارز في تطور وعي المرأة بالشكل الذي ساعدها على تكوين نظرة طموحه تجاه ذاتها تعيد من خلالها أكتشاف شخصيتها وتجديد تطلعاتها ، وتزداد تمسكاً بكرامتها وتحكماً بمستقبلها
استطاعت المرأة أن تظهر تفوقاً وتقدماً في ميادين التعليم والتدريب مما جعلها تمتلك أدوات النظر في تقييم الظروف والأحوال التي كانت محيطه بها و تكتشف بالتالي مدى المسافات التي تفصلها في الانتقال من تلك الوضعيات . ومستوى الجهود المفترضة في عملية التغيير . ويضاعف من ذلك التقدم الكيفي للنساء في ميادين التعليم ، التطور الكمي من النساء اللائي يندفعن باهتمام كبير نحو التعليم ، وتعج بهن المدارس والمعاهد ومدرجات الجامعات
فضلاً عن الاعداد الكبيرة من المتخرجات اللاتي يقتحمن ميادين العمل والإنتاج ، وبذلك استطاعت المرأة أن تصنع لنفسها واقعاً لايمكن نكرانه ، بل فرضت الاعتراف به ، والتعامل معه بطريقه تستدعى تصحيح النظرة القديمة عنها ، وتعيد الاعتبار لشخصيتها الحقوقيه ومكانتها الأجتماعيه
وفي الشأن الخارجي ، مثل مؤتمر المرأة العالمي الرابع الذي عقد في بكين سنة 1995 حدثاً عالمياً في تفاعلاته وتداعياته ومناقشاته حول قضايا المرأة ، والوثيقة التي خرج بها المؤتمر تحولت الى مايشبه مرجعية عالميه لدى هيئة الأمم المتحدة التي رعت المؤتمر وحضرت له واشرفت عليه ، ومن ذلك الوقت دخلت قضية المرأة في الاهتمام العالمي, وأصبحت في دائرة المراقبه دوليا من خلال المعايير والتوصيات والقرارات التي صدرت عن مؤتمر بكين وتشكلت لجان نسائيه في كثير من الدول بما في ذلك العالم العربي والإسلامي لمتابعة ومعرفة مدى الالتزام بتلك التوصيات والتقدم في تطبيقاتها وتحكيمها كقواعد سلوكيه وحقوقيه في التعامل مع المرأة ، وعقدت لهذا الغرض العديد من الاجتماعات والندوات والحلقات المتخصصه المحليه والإقليميه .
وقد أكد مؤتمر نيويورك الذي عقد بدعوة من الجمعية العموميه للأمم المتحده ، تحت عنوان ( المرأه عام 2000 المساواة بين الجنسين والتنميه والسلام في القرن الحادي والعشرين ).
وثيقة مؤتمر بكين كمرجعية عالمية ، يرسخها كمعايير في مراقبة الدول والمجتمعات بحيث تقيم الدول وتصنف على اساس الالتزام بحقوق المرأة ومساواتها ، ولذلك تضاعف الاهتمام بقضايا المراة في المنظمات الدوليه ، مثل البنك الدولي والصندوق الدولي وهيئات حقوق الأنسان إلى جانب اليونسكو وصندوق السكان والتنميه واليونسيف ومختلف المنظمات والهيئات الأخرى ويصدر حولها تقارير ودراسات دوريه وسنويه ، مسحية واحصائية ، وتنبثق منها توصيات واقتراحات وخطط وبرامج تتعلق بها مساعدات ومعونات وتدخل فيها أعتبارات أخرى ، أيضاً تؤثر في العلاقات بين الدول أو مع المنظمات الدوليه .
أما الشأن التقني فإن تطور شبكات الإعلام وتكنولوجيا الاتصالات ، وماعرف بثورة المعلومات ، جعل من الممكن الالتفاف لقضايا العالم ، والتواصل الكوني بين البشر ، وتكوين المعرفه بالنظم والأنماط والنماذج ومايشهده المجتمع الإنساني من تحولات وتغيرات واصبح بالإمكان تعبئة العالم تجاه قضية معينه والاستنفار حولها ، وفرضها على أهتمامات الرأي العام العالمي .
لقد عانت المرأة العراقيه ماعانت الى جانب معاناة الرجل ، خلال فترة الخمسه والثلاثين عاماً الماضيه ، حيث كان النظام العراقي السابق يسعى ، وقد كان له بالفعل ذلك الى تحجيم دور المرأة العراقيه في محاوله أوليه لإنها هذا الدور والدليل على ذلك أنه لم تكن للمراه العراقيه طوال فترة النظام السابق أية حقوق وحريات سوى ماتفرضه على الدول الماده الدستورية التي تقول بأن الاسلام دين الدولة وهو مايستتبع قضايا تشريعيه لزاماً ترتبط بتلك الماده ، وأن كانت شكليه وصوريه ، هذا إضافة الى أننا لم نلحظ وطوال الفترة الماضيه أي دخول للمرأه العراقيه للساحه السياسيه وهو بعد لم يكن من أختيار المرأه العراقيه ذاتها بل كان مفروضاً عليها فرضاً ، فقد مارس النظام ضد المرأه سياسة الإقصاء المتعمد عن كل سياقات العمل السياسي ، وهو ما أدى الى تهميش وإزالة اي دور يمكن أن يكون للمرأه في هذا الجانب ، وهو دور لم يكن طارئاً على المرأه العراقيه طوال الحقب التاريخيه الماضيه ، كما أن الشرائع السماويه كفلت ورعت هذا الدور وطورته ( كما سنبين ذلك لاحقاً ) نعم كانت بعض الاستثناءات القليله اذا لم تكن نادره ، وصلت فيه بعض النسوه الى مراكز سياسيه فاعله ، إلا أن المتعمق في تجربتهم يدرك تماماً بأنها تجربة غير حقيقيه وأنها كانت خاضعه لاعتبارات وقياسات طارئه أو بنت لحظتها .
أما اليوم والعراق لايزال يحاول الخروج من شرنقته التي أعيته ظلماً وسوداويه ، نحو فضاءات أكثر رحابه وحريه وجمال ، فقد بدى واضحاً أن للمرأه دور كبير وفاعل في عراق مابعد الشرنقه وهو دور تجلت أولى معالمه من خلال إشراك المرأه العراقيه في مجلس الحكم الانتقالي وتشكيلة الوزارة الأولى في حكومة مابعد نظام صدام حسين وهو دور لايمكن اعتباره بأنه وليد اللحظه فقط ، بل دور رسم بدقه وتخطيط وإدراك وفكر متزن وعقلاني ، لكن بعد هيمنة الاحزاب الدينية على السلطة التشريعية والمناصب الحكومية ودخول المليشيات كمنظمات مدنية في العملية السياسية وخصوصاً في عهد حكومتي نوري المالكي أختفت المرأة تماماً من العملية السياسية ولم يسند لأي أمراة اي منصب حكومي وهذا دليل واضح على ان العملية السياسية في العراق الحالي تحطمها المحاصصة الطائفية والذكورية المطلقة رغم ان للمرأة دور بارز ومؤثر في اسقاط النظام الشمولي، ان المرأة العراقية تستحق مكانة النضالي والسياسي الطويل الى جانب الرجل كأم وزوجة واخت وبنت .
دور المرأه في حضارة وادي الرافدين
أن تسليط الضوءعلى مكانة المرأة ودورها في حضارة وادي الرافدين يساعدنا على توجيهها وجهة تلائم العصر والمجتمع الذي ننشده، والحقوق التي ينبغي ان تتمتع بها المرأه في المجتمع العربي الحديث ودورها السياسي المأمول ، شهد وادي الرافدين حضارات عدة في العصور القديمه فكيف كان وضع المرأه العراقيه في ظل هذه الحضارات ؟ لقد عملت المرأة في العصر السومري القديم في بعض الاعمال وكانت تتقاضى أجراً يعادل بنصف أجرة الرجل الآن ( لنتبه هنا الى أستغلال الأيدي النسائيه العامله أن لم تكن أقل من النصف ، ولنقيس هنا مدى تحضر الرجل العراقي القديم بالنسبه لأحفاده الأن . ) ويذكر الملك
أوركاجينا في إصلاحاته أنه حفظ حقوق الأرامل واليتامى وممتلكات النساء ايضاً …فإذا ما أعتبرنا كل ذلك من الإصلاح فإن أوركاجينا منع تعدد الأزواج بالنسبه للمرأة الواحدة ووضع عقوبة لذلك هي الرجم بالحجاره … وهذه بحد ذاتها الخطوة الأولى في بذر شرعيه المجتمع الأبوي أي أنه بالقدر الذي حافظ على حقوقها خلق لها قبرها الذي سرعان مانمى على ايدي الحضارات اللاحقه ، لقد استمر الرجم وبعد أن أرسى الإسلام قانون أوركاجينا بخصوص عدم تعدد الازواج فإنه انتقل بالرجم ، الى الزنا أي الى اي أتصال جسدي خارج حدود الشرع ، وهذا توسيع لنطاق عقوبة الرجم ، الأمر الذي يستوجب ا لانتباه له ومناقشته بقوة اذا ماأردنا أن نعيد للمرأه إمكانيتها على أختيار حياتها .
وشاركت الملكات والأميرات في الحكم ، وأقامة الطقوس الدينيه ،وأحتلت زوجة الحاكم أحياناً مكانه دينيه أرفع من مكانة زوجها ، كما كانت دين باندا زوجة الحاكم اينتارزي في العام 2384ق.م
وفي العصر الأكدي تطورت مكانه المرأة وأصبحت تحتل مراكز دينيه كبيره ، وشاركت المرأة في هذا العصر في أمتلاك الأراضي وكانت ترثها من والدها وزوجهاايضاً ، وتجدر الاشارة الى أن المرأه العراقيه في العصر السومري كان لها حق الإرث وهذه حسنة تضاف لسجل الحضاره والوعي السومري مقارنه بما ألت اليه حاله المرأه في العصر الجاهلي .
وفي العصر السومري الحديث تطور وضع المرأه الأجتماعي ، أمتلكن الأرض والعبيد والإماء والماشيه ، وكان لهن الحق في البيع والشراء ، كما كانت مسؤوله بعد وفاة زوجها عن المعاملات التي التزم بها في حياته .
تمتعت المرأه بالقيام بالاعمال التجاريه وأمتهنت الكهنوت ، وفي العصر البابلي القديم والكتابه وهي مهنة صعبة كانت تحتاج الى المدرسه لسنوات طويلة أي أنها أمتلكت من يمثلها ضمن النخبة المثقفة ، ومن أعمالها أيضاً الرضاعة وهي مهنه نظمها المشرع لأنها كانت شائعة .
في هذه الفتره تدنت مكانة المرأة الآجتماعية فقد كان للزوج الحق في أن يبيع زوجته وأطفالها أستيفاء لدينه . ولكن للمرأه الحق في الاشتراط على زوجها قبل الزواج بعدم تنفيذ هذا الجانب مما يكشف فاعلية المرأة في تسليمها لدائنيه عن ديون سابقة على الزواج أما الديون المتراكمة
بعد الزواج فتعتبر الزوجة مسؤولة عنها والدفاع عن حقها رغم محدوديته .
وفي العصور الاشورية حملت المرأة أختاماً باسمها وتعاملت في كل الأعمال التجاريه ولكن حالتها الاجتماعية ظلت متدهوره وقيدت حريتها بالنسبه لممتلكات زوجها ، وعليها قبل أن تتصرف في اي شيء أن تحصل على موافقة الزوج والأعوقبت كسارقه ، وفي حالة طلاقها فإن زوجها هو الذي يقرر أن كان سيعطيها بعض المال أم ترحل صفر اليدين !.
ولكن وضع نساء الطبقه الحاكمة كان مختلفاً فتمتعن بحق البيع والشراء ، وأشتغلن بالسياسه ووصل بعضهن الى مركز ( حاكم مقاطعة) واشهرهن الملكه سمير أميس التي أستلمت الحكم بعد وفاة زوجها الملك شمس أور الخامس 811-823 ق.م لمدة خمس سنوات كانت خلالها وصيه على أبنها حتى بلغ سن الرشد …
أشتهرت سمير أميس بشخصيتها القوية وإنجازتها في الميادين العسكرية والعمرانية وتناقل الناس أخبارها ونسجوا حولها الأساطير المختلفه التي تناقلها المؤرخون اليونان.
لم تختلف تقاليد الزواج كثيرا في حضارة وادي الرافدين عبر العصور أو بين الحضارات فقد تمتعت المرأة منذ العصور القديمه بالاشتراك بالرأي في زواج أبنتها وفي أوقات أخرى كان لابد من موافقة المرأة على الزواج ، وقد أشترط القانون موافقة الوالدين ، وللأم الحق في الاعتراض أمام المحكمة وأعطى المشرع العراقي حقوقاً للزوج وهي اكبر من حقوق المرأة في مختلف العصور ….
وعلى سبيل المثال فإن المرأة أذا تنكرت لزوجها وقالت له أنت لست زوجي فإن عقوبتها القتل ؟أما أذا قال الزوج ذلك فعليه دفع مبلغ من المال للتعويض .
أما الطلاق فقد كان مقيداً و نادراً في حالة المطالبه به من جانب المرأة ، وصعباً بالنسبه للرجل خاصة اذا كانت زوجته قد أنجبت له أطفالاً.
قضى حمورابي بحرمان الرجل من نصف ممتلكاته أذا طلق زوجته ( هذا القانون يتبع الان في أغلب دول اوربا ) وكان قانون إشنونا قد قضى بحرمان الرجل من كل ممتلكاته وبطرده من بيته في حالة الطلاق بدون عذر .
دور المرأه في العصر الجاهلي
في البدء علينا أن نتبه أن العصر الجاهلي أنحسر في الجزيره العربيه وأن العراق لم يكن مشمولاً بما سيتم من تحديد سمات المرأة فيه ، إلا أنه مهم جداً لأنه الأساس الذي بنى عليه الإسلام ، الذي سيكون دستور العراق لاحقاً …
بين القبائل المتنازعه كان الغزاة يقتلون الرجال القادرين على الحرب ويسبون النساء والأطفال لأنهم غير قادرين عليهم ، وتعتبر سبية من ضمن الغنائم ، فكانت تقيد من معصميها وتكبل من أرجلها ، وتغل من خصرها ويوضع حبل في رقبتها يجرها الحصان خلفه ، بعض النساء يصبحن جواري ، وبعضهن الآخر يبعن في سوق النخاسه كأنهن بعض المتاع ، من سمات سوق النخاسة أنه كانت توضع في أنف أوفي أذنها حلقه نحاسيه هي علامة العرض للبيع .
أنقسم المؤرخون للمجتمع الجاهلي الى فريقين بشأن مكانة المرأة .
أولاً :- كان يرى أن المرأة وصلت الى مكانه عاليه في المجتمع الجاهلي ، واستدلوا على رأيهم هذا بأن جميع شعراء الجاهليه وخاصة اصحاب المعلقات كانوا يبدأون قصائدهم بذكر المرأة ( التشبيب بالمرأة) مما يدل على حبهم للمرأة.
وحرص الرجل العربي على كرامة المرأة وهي موضع فخره وشرفه ، وكم قرانا من قصص حول قيام بعض الحروب من أجل أمرأة ، كحرب ذي قار التي دارت بين العرب والفرس حين رفض النعمان بن المنذر تزويج أبنته من كسرى أبرويزملك الفرس والذي أعتبر هذا الرفض إهانه له .
وكذلك حرب الفجار الثانيه بين قريش وهوزان كانت بسبب أستنجاد أمرأة بأل عامر للذود عن شرفها .
كان النساء بعضهن يطلقن الأزواج كما روى الأصفهاني الرجال في الجاهليه ولم تكن النساء في حاجه الى المصارحه بالطلاق ، بل كان حسبهن أن يحولن ابواب أخبيتهن أن كانت الى الشرق الى الغرب .
وقد ذكر بعض المؤرخون أن العرب كانت تسمى أصنامها بأسماء الإناث إعلاء لشأنها ، ومن الآراء الشاذه أن ذهب البعض الى تفسير وأد البنات بأنه ضرب من شدة تعلق العربي بالمرأة . وهو الذي يملك حجة أقوى فيذهب الى أن المرأة كانت مهانة حتى الحضيض . وكانت هذه الإهانه تبدأ منذ الولاده أو حتى قبلها عندما تكون في رحم أمها فيبدأ التفكير عند الأم فيما ستلد ، فأذا كانت أنثى فهي مشكله للأسره والقبيله ،
أما في الأسباب التي دفعتهم الى ممارسة وأد البنات فأنه يعود الى نمط الإنتاج والوضع الأقتصادي للقبيله العربيه ، اذا نجد أن معظم الاسر والقبائل العربيه كانت تعيش حياة قاسيه وفقيرة من أساسيات الحياة ، والمرأةغير منتجه ، أما الذكر فهو مصدر الإنتاج وهو الرعي أو الغزو والقتال وحماية الوجود القبلي ، وكل ذلك لأسباب فسيولوجيه في الذكر من هنا نجدهم يلجأون الى وأد البنت دون الذكر رغم أن الذكر قد يكون عبئاً أقتصادياً على أهله لو لم يقم بالأنتاج .
ولكن هذا لايمكن أعتباره السبب الأول والأخير للوأد ، وهو لاينسحب على جميع القبائل ولا على جميع الأفراد والإ كيف نفسر وأد الأغنياء لبناتهم ؟
أذن المشكله عندهم هي مشكلة الجنس ، لأنها أنثى ، ولأن العار مرتبط بالقضيه الجنسيه فإنها تتعرض للوأد ، حتى أن الأم أثناء طلقها تخاف من أن يكون المولود أنثى ، بل أن القابله تردد احياناً .
أيا سحاب طرّقي بخير وطرّقي بخصية وأير
ولاترينا طرف البظير
أو
وماأبالي أن أكون محمقه
أذا رأيت خصية معلقة
ومهما يكن الدافع اقتصادياً ، أو جسياً فإن من المرجح أن المرأة كانت هي كبش الفداء وحتى لو نجت من الوأد فهي تسير حياتها تحت وطأة العادات والتقاليد التي كانت تجعل منها متاعاً من الوأد فهي تسير حياتها تحت وطأة العادات والتقاليد التي كانت تجعل منها متاعاً يورث فيما يورث للرجل … فالولد يرث زوجة الأب ويتصرف فيها كما يشاء ، وله الحق في أن يتزوجها أو يزوجها لغيره ويأخذ مهرها أو يسجنها ويمنعها من الزواج حتى الموت ، أما السبايا فكن جواري وسلعة يتاجرون بهن وبأعراضهن حيث يكرهن على البغاء مقابل الأجر .
وكانت المراه في الجاهليه لاترث ، لأن القانون الجاهلي لايعطي حق الإرث إلا لمن قاتل على ظهر الخيل وحاز على الغنائم .
وأهم من ذلك كله فإن المرأة الجاهليه لم يكن لها راي في أختيار الزوج ، أو حتى المهر الذي يدفعه الزوج فلوليها الحق في تزويجها دون استشارتها . وتذكر كتب الأخبار أن النساء في زمن القحط يعملن مرضعات ، ويبدو أن هذه المهنه كانت منبوذة من قبل النساء ايضاً فقد جاء في الأمثال الجاهليه تموت الحره ولأتأكل بثديها المرأة.
المرأة حين تتخذ قرارها
تتخذ المرأة أحياناً قرارات مهمة في حياتها ونحن لانريد أن نذهب بعيداً في الأمثله ، ولكننا نكتفي هنا بسيرة النبي محمد ( ص ) كنموذج ، فقد أتفقت كتب السيرة كلها على أن خديجة بنت خوليد هي التي عرضت على النبي فكرة الزواج منها وقد فعل . وليست خديجه فقط ، بل هناك ليلى بنت الخطيم أيضاً ، ففي الخبر أقبلت ليلى بنت الخطيم الى النبي ( ص) وهو مولى ظهره الشمس فضربت على منكبه فقال من هذا ؟
قد فعلت :- أنا ليلى بنت الخطيم جئتك لأعرض عليك نفسي ، تزوجيني قال :- فقالت قد تزوجني النبي ( ص ) فقالوا بئس ما صنعت ، أنت أمرأه :- فرجعت الى قومها فقالت غيري والنبي صاحب نساء تغارين عليه فيدعو الله عليك ، فأستقيليه نفسك ، فرجعت فقالت :- يارسول الله أقلني قال .
تقول الباحثه فاطمه المرنيسي تعليقاً على هذه الروايه يظهر أن مبادرة المرأة لإقامة علاقة جنسيه مع رجل كانت خطوة عاديه تقدم عليها المرأه من ذاتها ، دون أن تقيم أعتباراً لسلطه خارجيه عن إرادتها أو لرأي رجال قبيلتها على الأخص ، وعلى كل فإن الطريقه التي تصرف بها هؤلاء مع ليلى تكتشف نوعاً من الآحترام لإرادتها ، فهم لم يعترضوا على قرارها من وجهة نظر ابويه ،بل تدخلوا على سبيل النصيحه انطلاقاً من حرصهم على سعادتها التي راوا بأنها تتعارض مع الزواج المتعدد ، ولم يكن قرارها بعدم الاقتران بالرسول( ص) ناتجاً عن ضغط مورس عليها لتعدل عن الفكره بل لأن مبرراتهم أقنعتها حسب مايبدو ، نريد أن نقول هنا أن المرأة هي التي تخلق مكانتها ، وبالتالي حياتها ، لكن بعد أن تتمكن من فرض شخصيتها ، ولابد لذلك من قوة قد تتمثل بالمال ، أو بالعقل .
دور المرأه في الأسلام
الأسلام ثوره عمت أرجاء الجزيره العربيه ، ثم تجاوزتها الى ارجاءالمعمورة ، ثورة على الأوضاع الأقتصاديه وظلم توزيع الثروات ، ثورة على الطبقة المقيته ، ثورة أجتماعيه ضد معظم عادات وتقاليد المجتمع الجاهلي ، ومايهمنا من بحثنا هذا ما جاءت به هذه الثورة في المجال الاجتماعي وبالتحديد جانب المرأة.
وحقيقه إن أن الإسلام جاء بحقوق مشروعه للمرأه تعد إصلاحاً جريئاً بالقياس لوضع المرأه في الجاهليه .
1- اشتراكها مع الرجل وتكوين هذا العالم ، وتكوين هذه البشرية .
( ياايها الناس ، أتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحده ،
وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ) من سورة النساء .
2- رفع عن المرأه لعنة الخطيئة الأبدية ووصمة الجسد المرذول فكلا الأثنين الرجل والمرأة ) وسوس له الشيطان . وبذلك أستحقا الطرد من الجنه واستحقا ايضاً طلب الاستغفار ، بل أن القرآن قد أشار الى أدم بأنه الذي أغوى ، وأشار ايضاً الى أن الأثنين قد زلا ، ولم يشر ولو أشاره واحده الى إغواء حواء وحدها . وهو بذلك رفع عن المرأة هذه اللعنه التي تجعلها قرينه لشهوات الحيوان وحبائل الشيطان .
3- الأجر عند الله تساوياً تماماً في الجزاء على مايقوم به كل فرد ( فأستجاب لهم ربهم اني لاأضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى ، بعضكم من بعض ) آل عمران 195 .
4- الوأد :- خلص الإسلام الأنثى من عادة الوأد الكريهه التي لايقبلها الانسان بغض النظر عن جنسه
( وإذا بشر أحدهم بالأنثى ، ظل وجهه :- أنتمائه حتى أنه أنب الذين الذين يتشاءمون من بناتهم مسوداَ وهو كظيم ، يتوار من القوم من سوء مابشر به ، أمسكه على هون أم يدسه في التراب ، الأساء مايحكمون ) النحل 58- 95 .
5- النفقه :- ضمن الإسلام للمرأهة حق التربيه والنفقة من طعام أو كساء ومسكن وعلاج وتعليم عند ولي الأمر .
أولاً :-المساواة
لقد نادى الإسلام بالمساواة بين جميع البشر بغض النظر عن اللون أو العرق أو ( ياايها الناس أنا خلقانكم من ذكر وأنثى وجعلناكم الذكر أو الأنثى كما قال تعالى شعوباً وقبائل لتعارفوا ، أن اكرمكم عند الله أتقاكم ) وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( الناس سواسيه كأسنان المشط .
ثانياً :- الحقوق السياسية
لقد حاولت الإسلاميه منذ تاسيسها على يد الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينه المنوره أن تطبق جميع مبادي الإسلام وأن كان قسم هذه المبادئ الإسلام قد جاءت بشكل تدريجي تحريم الخمر ، العبادات ، تخليص المجتمع العربي من بعض العادات والتقاليد التي سادت العصر الجاهلي . نضيف الى ذلك أن أعداء هذا التغيير الذي جاءت به الدولة الأسلاميه لازالوا يدبرون المؤمرات لهذه الدول الفتيه وعلى جميع المستويات والاجتماعيه … الخ وأولى هذه المؤمرات جاءت من المنافقون الذين دخلوا الإسلام وفي قلوبهم غير ذلك وتجسدت أولى أعمالهم على المستوى الجماهيري الامتناع عن دفع الزكاة في عهد الخليفة ابو بكرالصديق ( رض ) وأرتاددهم عن كل تعاليم الإسلام فيما بعد ، ومادام الإسلام له نبيه وقرآنه فلكل مرتد نبيه وقرآنه ، ولكن أبو بكر أستطاع القضاء على هذه الفتنة .
المرأه في القرآن والسنه
لقد تناول القرآن المرأة من زوايا كثيرة ، وناقش كل شؤون حياتها ، ومايهمنا منها الآن هو دورها القيادي وكيف نظر القرآن للمرأه حيث تسنمت هذا المنصب .
جاء في سورة النمل أيه (23) على لسان الهدهد إني وجدت أمرأه تملكهم وأوتيت من كل شيء لها عرش عظيم
أن هذه الأيه تحديداً تكشف ثلاث نقاط على غاية من الاهمية في قراءة الصور والحدث .
1- إني وجدت أمرأة تملكهم إقرار بملوكية المرأة .
2- وأوتيت من كل شيء وجملة من كل شيء فيها إطلاق، أي أنها أمتلكت قدرات كثيره .
3- ولها عرش عظيم ( العرش دليل السلطان والقوه )
لم يقتصر النص القرآني على إيراد هذه الصفات ، بل صرّ ح بحكمتها بأتخاذها المشورة ركناً ودعامة للحكم قالت يأايها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمراً حتى تشهدون ( النمل أية 32)
وليس هذا فقط ، بل أيد النص القرآني رأيها في الملوك قالت أن الملوك أذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون ( النمل 34 ) فجملة ( وكذلك توكيد لما قبله وتصديق له .
إّذن ، نحن أمام أمرأه أمتلكت ناصية الحكم ، ولم تعتمد الهوى والعاطفه في أتخاذ القررارت التي تحدد مصير الدوله والناس، لقد صرح النص القرآني بحكمة الملكة وسعة عقلها باعتماد المشورة وهو أقصى ما دعى إليه القرآن حين قال: – ” وأمرهم شورى بينهم “
وماتدعوا إليه الأن النظم الديموقراطيه ، فهل سبقت بلقيس عصرها بهذه الآلآف من السنين ؟
أعتقد أن نموذج الملكه بلقيس يمثل صفعه حقيقية لكلّ من يدّعي أن السياسه شأن لايناسب المرأة ُثم ألا يتقاطع راي النص القرآني ببلقيس مع الحديث المنسوب الى النبي لن يفلح قّوم ولو أمرهم الى أمرأة … لقد أنتبه السيد محمد حسين فضل الله لضعف جذور هذا الحديث قائلاً أن سند هذا هذه الرواية ضعيف … وقد أخذها المسلمون ومعظم الفقهاء مأخذ المسلمات مع أنها ضعيف السند ويضيف قائلاً يتنافى هذا الحديث مع نموذج زعامة المرأه الذي قدمه القرآن الكريم وهو ملكة سبأ فإذا كان الإسلام يقلص دور المراه حقاً ولايرى فيها أهلية للقيادة فكيف يتولى الله سبحانه وتعالى التعريف بأمرأه كانت تدير دوله وتتمتع بخبره في شؤون الأداره ومعالجة قضاياها أفضل من الرجال .
أما فيما يخص الآيه التي تنص على أن ( الرجال قوامون على النساء بما فضل بعضهم على بعض وبنا أنفقوا من أموالهم ( النساء أيه 34 ) لقد أستثمرت العقليات المنغلقه هذه الأيه في تصعيد سلطة المجتمع الأبوي / الذكوري بعد أن قرأت ( بما فضل بعضهم على بعض ) بأنها إشارة لقصور عقل المرأة إزاء عقل الرجل .
وقد أنتبه أية الله الصالحي النجف أبادي حين قال لأجل إثبات أنه لايجوز أيكال شؤون الحكم والقضاء الى المرأه ، يتم التمسك بأيات نضير وقوله تعالى ( الرجال قوامون على النساء )
إن الأيه الشريفه ترتبط بالشأن العائلي وحياة الزوجين لاقضايا غير إننا نلاحظ أولاً المجتمع والحكم والقضاء والحرب الدفاعيه ، وتقرر الاية أن ثمة أساسين لقيمومة الرجل في إطار الحياة الزوجيه ، أولهما أنه سبحانه منح الرجال في خلقهم قدرات جسميه وروحيه أكثر مما للنساء ،وثانيهما أن الرجال يدفعون صداقاً للنساء ويتكفلون نفقة الحياة ونلاحظ ثانياً أن قوله تعالى بما أنفقوا من أموالهم يشير إلى أن النفقة التي يتحملها الرجل ، وليس لذلك أي دخل في الحياةالأجتماعية العامة وشأن الحكومه والقضاء والحرب الدفاعيه وبكلمة اخرى فإن الآية عدت أن كلا من أفضلية الرجل وتحمل نفقة الزوجة هما معاً علة للقيمومة ، لا أفضلية الرجل لوحدها وعلى هذا الاساس لامبرر لتجاهل عامل دفع النفقه والتركيز على عنصر الأفضلية لوحده بهدف تعميم القيمومه الى دائرة الحكم والقضاء والحرب ونحوها ليتم أستنتاج أن ذلك مختص بالرجل.
كما يعلم من ذكر علة القيمومه في الآية أن المرأة العاقلة المدبره والثرية ، أذا كان زوجها فقيراً ناقص العقل وهي التي تنفق عليه فأنه ينبغي الحكم هنا بالقيمومه للمرأه لأن أمتلاك ذلك متوفر فيها ، والحكم تابع في وجوده للملاك .
الخلاصه
نريد أن نقول أن عدداً قليلاً من النساء تسنمن منصب القياده على طول التأريخ البشري إلا أن المفارقه تكمن في إنهن جميعاً مثلن لحظات مهمه في الذاكره الجمعيه ، ألأا يكفي هذا دليلاً لرجحان عقل المرأه ، ولقدرتها على إدارة أي منصب أو موقع ؟
ثم أن الطريق مفتوح أمام المرأة والقوانين القديمة أقرت بذلك والإسلام ايضاً ؟ فبماذا نبرر قصور دورها الآن ؟
إننا هنا نقدم إدانة للآراء التي تحجم فاعلية المرأة ، وندين القراءات القاصره التي تروج منذ أكثر من ألف عام فكرة عزل المرأة عن السياسة ، بل نغزو إدامة الجمود الفكري والحياتي العربي والإسلامي التي تسيدّ هذه القرارات القاصرة ، لذا ندعو هنا إلى حمله موضوعيه لإعادة قراءة المفاهيم والقيم التي تقتل حيوية المرأة وتشل فاعليتها على كافة أصعدة المجتمع.
مصادر البحث
القرآن الكريم *
* فصول عن المرأة هادي العلوي ، ط1 1996 دار الكنوز الأدبيه بيروت .
* المرأه في عالمي العرب والإسلام ، عمر رضا كحاله ج1، ط3-1982 ، مؤسسة الرساله .
* المرأه العراقيه في الريف والمدينه ، هاله البدري ط1- 1890 ، دار الأفاق بيروت.
* المرأه في الحياة المهنيه ، جرمين بورسيل ، اليونسكو 1984.
* قضية تحرير المراه ، محمد قطب ، دار الوطن للنشر
* المرأه بين البيت والعمل ،د محمد سلامه.
* موقع المرأة بين نظامين ، السيد حسن العوامي ، مجلة الكلمه ( العدد2
* حركة تحرير المرأه نشأتها أهدافها ، السيد سليمان بن صالح مجلة الإسلام .
——————–
* صحفية وحائزة على لقب سفير سلام
من الاتحاد العالمي للسلام فرع استراليا