كتابة / مصطفى الشعباني* :
منذ وصولي إلى أستراليا نهاية عام 2013ومباشرتي العمل بالسفارة. استرعى انتباهي حجم هذا البلد القاري وتنوع تضاريسه ومناخه ومعالمه الطبيعية المختلفة. ومن ملاحظاتي المبدئية أن المناخ لا يختلف كثيرا عن مناخ ليبيا. حيث الفصول الأربعة وحيث تشابه الكثير من الأشجار والنباتات وان كانت تبدو أكثر كثافة وتنوعا هنا في أستراليا
من بين تلك المعالم التي أثارت الانتباه والرغبة في زيارتها ورؤيتها عن قرب كانت تلك الصخرة الهائلة الحجم المنتصبة في وسط أستراليا ذات اللون الأحمر والتي تسمى صخرة إيرس أو Uluru وهي مقدسة لدى السكان الأصليين الأبورجينز حيث موطنهم الأساسي . ورغم كل الأحلام التي راودتني لكن الظروف والصعوبات التي واجهتنا نتيجة لانعكاس الأثار السلبية في الداخل على مجمل حياتنا المعيشية والوظيفية لم تترك لنا المجال كي تتاح لنا الفرصة لتحقيق هذه الزيارة.
مع بداية هذا العام واستقرار الأمور على نحو أفضل من قبل وإن لم يكن بشكل مرض قررت أن أغامر بالقيام بهذه الرحلة إلى ما كنت أراه مكانا بعيدا مجهولا في قلب الصحراء حيث الصحراء في مفهومي كعربي شرقي هي تلك المساحات الشاسعة من الرمال والأرض الجرداء الخالية من مظاهر الحياة. والتي تحيطها المخاطر والأهوال ..هكذا. هي الصحراء في مخيلتي كعربي …كل من تحدثت معه عن المكان وعن الزيارة كان يبدي اندهاشا واستغرابا شديدين فالمكان بعيد بعيد والوصول إليه متعب ومرهق فالمسافة تتجاوز 2670كم يتطلب قطعها بالسيارة 27ساعة وبالطائرة 5ساعات ونصف الساعة طيران ….كان يتطلب الوصول إليها وقطع هذه المسافة المرور بأربع ولايات .
حيث سننطلق من العاصمة كانبيرا باتجاه الشرق مرورا بولاية New South Wales ثم نقطع مسافة في ولاية Victoria لندخل ولاية South Australia متجهين نحو الشمال إلى وسط أستراليا حيث تقع الصخرة في ولايةًNorthen Territory.
من المؤكد أنه لم يزرها أي دبلوماسي ليبي من السفارة قبلي منذ عقود. كما لم أسمع من أي دبلوماسي عربي أي حديث عن زيارة لها فالمكان بعيد جدا وفي وسط الصحراء لا يشجع ولا يبعث في النفس الرغبة في مواجهة المخاطر إن وجدت وإرهاق السفر .
حين أبديت رغبتي لزيارتها فاجأني الزميل والصديق الشاعر امراجع فرج المنصوري برغبته في مرافقتي. في هذه الرحلة وظل على مدى أكثر من شهر يسأل متى الموعد؟ ومتى الانطلاق نحو تلك المجاهل. ؟….لعلها روح الشاعر تستفزه كي يخوض التجربة ولربما أنتج ذلك بساطا شعريا تجيد به قريحته .
صباح يوم الثلاثاء 2017/4/11أبلغته أنني قررت بدء الرحلة صباح يوم الأربعاء 2017/4/12 وكان اختياري متزامنا مع وجود عطلة دينية لدى المسيحيين تسمى عيد أستير والجمعة العظيمة وبالتالي فلدينا. فرصة في حدود 7 أيام يمكن لنا خلالها القيام بهذه الرحلة …حين سمع صديقنا وشاعرنا امراجع بتحديد الموعد وكعادة أهلنا في الشرق الليبي بادر مسرعا وبعبارتهم المشهورة “علي ….ماتجيب حاجة انا نرتب كل شيء” ورغم اعتراضي على ذلك إلا أنني لم أجادله كثيرا فمسألة ترتيب الإستعدادات لمثل هذه الرحلات لا تستوجب تلك العبارة أو الموقف المتسرع المشوب بطبع الكرم فالمسألة احتياجات وتنظيم ….في تلك الليلة وعلى إثر المنشور الذي نشرته على صفحتي في الفيس بوك باعتزامي القيام بالرحلة فجر يوم الأربعاء. اتصل بي الصديق والإعلامي العراقي ابن البصرة الأستاذ محمد بكر وقد استرعت انتباهه ومخيلته جمال هذه الرحلة مبديا رغبته المشاركة فيها ان كان هناك مجالا لذلك. أبلغته. بترحيبنا بوجوده معنا ضيفا ومشاركا وطلبت منه الاستعداد وأننا سنمر عليه فجرا .
وهكذا استكملنا الاستعدادات واشتريت اللوازم واحضر امراجع حاجياته وبعد ان وضعنا كامل حاجياتنا في السيارة تم الاتفاق على ان ننطلق فجر يوم الأربعاء بعد صلاة الفجر.
كان معي في الرحلة ولدي حاتم. وحسام. والسيد امراجع والسيد محمد
…. أما رفيقتنا الرائعة في هذه الرحلة فهي سيدة الطريق وحسناء الصحراء التي لا يقاوم جمالها أحد حتى أنهم أطلقوا عليها من شدة المحبة والهيام بها اسم “ليلى علوي” ولا أدري أهي المقصودة أم قريبة لها من ذات العائلة إنها التويوتا كروزر AXL-V8 بيضاء اللون تسر الناظرين ذات الخزانين لملء الوقود
إلى اللقاء في الجزء الثاني.
- كاتب ودبلوماسي ليبي مقيم في كانبيرا