حيدر محمد الوائلي
كان لي أمل أن حالما يسقط حكم ظلم صدام أن أعيش متمتعاً بخيارات الله من باطن أرضي.
يستخرجونها من باطن الارض لبطن الشعب.
يستخرجونها بتفانٍ فيوزعونها علينا بتفانٍ هنيئاً مريئاً بما صبرتم فنعم عقبى الدار.
كان لي أمل أن أحلم، وأن تتعامل الدولة مع حلمي بأهتمام فترعاه وتنّميه وتسهل تحقيقه.
كان لي أمل أن أنسى المعاناة والقهر.
أن أتذوق حلو الحياة، سئمت مذاق العيش مرّ.
كان لي أمل أن أنسى…؟!
ربما أتناسى فالنسيان صعب…!
أتناسى سنين المحنة وأيام الحصار عندما يعمّ في بلادي الأمان والازدهار.
كان لي أمل أن سيأتي الخلاص يوماً.
أيعقل ان يرى الله والعالم هذه الأرواح في سلة قمامة الحياة اليومية ولا يفعلون شيئاً؟!
أيعقل أن تفوح نتانة ملايين الأجساد المتحللة ولا يشم أحد هذا القرف؟!
لكن كان لي أمل أن يتحقق الأمل.
لم اعرف يومها كيف؟!
ومتى؟!
كان ينتابني شعور قوي يبث في الجسم المتعب حياة، أن يا هذا المنسي في سلة مهملات الدنيا أن الفرج قريب.
الفرج…!!!
الفرج…!!!
الفرج…!!!
كم بسببه طارت رقاب وفاضت مُهَج.
كان لي أمل عندما رفسني أحد زبانية النظام السابق أن يأتي يوم لا (رفسات) فيه.
كان لي أمل بعد حبسي المؤقت عده مراتٍ منها مرة في (تواليت) اتخذتها الشعبة الحزبية سجناً أن يأتي يوم أُعامل بكرامةٍ على الدوام.
أن يأتي يوم أسكن فيه بيتاً لي.
بيتٌ فيه حديقه كبيرة أستمتع بالجلوس فيها عند المساء.
بيت كبيرٌ أملكه تعويضاً عن معاناة السنين لا همّ ولا غمّ.
كان لي أمل ان يعود المهاجرين والمهّجرين باكين على سنين غربتهم وأن يجتمعوا مع الاحبة والاصدقاء متنعمين بخيرات بلادهم.
كان لي أمل أن يعودوا لا أن يتضاعف أعدادهم هاربين من سوء صنيع من حكم البلاد بأسم الدين والسياسة والمحسوبيات فأشاع فيها الفساد.
كان لي أمل أن تصبح بلادي قبلة سياحية لما فيها من معالم حضارية لا أن يهجرها ابناءها مضطرين عابرين القفار والمحيطات تهريباً وتهجيراً.
كان لي امل ان أسعد بحياةٍ جديدةٍ بعد حياة الميتين وعذاب قبر الحياة، فما كان من (هؤلاء) الذين خلفوا (أولئك) إلا ان صبغوا شاهد القبر بطلاءٍ باهتٍ ضمن صفقة فاسدة سرعان ما زال الطلاء ليبقى الشاهد ملطخاً بشيءٍ من طلاء أولئك وهؤلاء.
شاهدٌ بلا هوية ولا وطنية…!!
كان لي أمل أن سيحكم بلادي من يريد لها الخير والأزدهار لا من لمنافعه الشخصية والحزبية والطائفية أشاع فيها الخراب والدمار.
لم يخطر ببالي يومها أن يحصل بأرضي كل هذه الأهوال والخطوب.
لم يخطر ببالي أن من سيتولى السياسة أحمق أو جاهل أو حاقد أو الكل في واحد…!!
لم يخطر ببالي أن يصبح أخوة المظلومية والصبر المرير أعداء مناصب وتنهشهم عداوات التوجهات الدينية والسياسية وغنائم المحاصصات.
لم يخطر ببالي أن تغير المناصب الوظيفية أناساً كانوا محل احترام وتقدير فصاروا (ما يسوون تفلة)…!!!
لم يخطر ببالي أن تصبح دماء الشهداء كراقصة ملهى، كلما إهتز وسطها ترامت حولها نقود (عائدات النفط) ومن ثم يلتقطها الحاشية والمقربين.
صيرتهم مسؤولين ذوي حماية فرعونية، ومواكب نمرودية، وثروات قارونية.
كنت في تلك الأيام الماضية لي أمل بفرجٍ قريب يُصبّرني.
املٌ يلهمني أن أعيش رغم شبح الموت المحيط بكل مكانٍ.
أملٌ يُسليني رغم الملل والكآبة التي تغطي البيوتات والشوارع.
لم يكن بالحسبان أن يصير الأمل كابوس لا يقل رعباً عن كابوس ما قد مضى.
كان لي أمل فضيّعه أكثر الموجودين الان في الحكم والمسوؤلية.
كان لي أملٌ فضيّعه أكثر الملتصقين الان بشاشات الأخبار والبرامج الدينية والسياسية.
كان لي أمل فضيّعه أهل الدار وأعانهم على ضياعه الجار.
كان اي أمل فضيّعه أكثر البارزين الان ممن تبرّز على رؤوس الخلق كلٌ بطريقته الخاصة.
كان لي املٌ فضيّعه أولاد الـ…!!!
alwaelyhayder@gmail.com