ابراهيم خلف الكرعاوي:
أختار الله نبيه ابراهيم الخليل عليه السلام لأداء مهمة نشر التعاليم السماوية، فتقبل النبي ابراهيم هذه المهمة وبدأ في نشر هذه التعاليم ،لكنه اصطدم بحاكم بابل الكافر المتغطرس الذي أخذ بتضييق الخناق عليه وأمر بأن يحرق النبي ابراهيم بالنار وقد أوقدت نار كبيرة والقوه فيها ولكن إرادة الله كانت فوق أرادتهم فنجاه الله من هذه النار ، ثم أمره ان يهاجر هو ومن معه ويترك ارض بابل , الى فلسطين ومن ثم الى مصر وشاء القدر ان يتزوج النبي ابراهيم عليه السلام من السيدة هاجر التي أنجبت له النبي إسماعيل عليه السلام ثم أمره الله بالهجرة الى الجزيرة العربية في الحجاز، هاجر النبي ابراهيم الى الجزيرة العربية وسكن هو وزوجته هاجر في منطقة خالية من الماء والزرع وقد ورد على لسانه في القرآن الكريم (رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ المُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ) وهذا يعني ان بيت الله كان موجوداً من قبل ان يهاجر اليه النبي ابراهيم وذلك بقوله (عند بيتك المحرم) . رزق الله ابراهيم مولوداً اسماه إسماعيل ورجع ابراهيم الى بيته الأول مع زوجته الأولى السيدة سارة ، وبقيت السيدة هاجر مع وليدها إسماعيل في مكة المكرمة في ذلك المكان الموحش وسرعان ما تكاثرت القبائل العربية حول هذا البيت وخاصة قبيلة جرهم وظهرت معالم وطمست أخرى حتى أختار الله محمداً بن عبد الله رحمة للعالمين بأن بعثه نبياً لهذ الأمة وهو من ذرية النبي إسماعيل بن ابراهيم الخليل عليهما السلام وسرعان ما توسع هذا المكان حتى جاء دور النبي محمد (صلى الله عليه وآله) لينشر الأسلام وإعلاء كلمة لا اله الا الله والتعاليم الأسلامية بعد صراع طويل دام 23 سنة انتصر خلاله الإسلام بقيادة النبي محمد لينطلق من ذلك المكان المبارك صوت هادر الا وهو صوت بلال الحبشي (رض) مصدحاً بـ ( لااله الا الله ، محمد رسول الله) حتى ان بعض القرشيين أزعجهم هذا الصوت وقال ليتني مت ولم أسمع هذا الصوت
وقد وضع النبي الكريم ص قواعد الحج وتعاليمه من الحلال والحرام والتشريعات التي تهم المسلمين وغيرها من التشريعات الإسلامية التي تدعو الى الوحدة بين المسلمين وفي الحقيقة ان شعيرة الحج هي شعيرة مهمة في الإسلام فهي تعمل على جمع كلمة المسلمين وتوحيدهم بالإضافة الى انها تمجد الله وتدعو الى عبادته والعمل على وحدة المسلمين على إختلاف مشاربهم والوانهم تحت راية (لااله الا الله) ،ليجسدوا بوحدتهم ورص صفوفهم اهمية التوحد في مواجهة الأعداء الذين يريدون النيل من وحدة الإسلام والمسلمين .وقد فرض الله سبحانه وتعالى هذه الشعيره بقوله (وعلى الناس حج البيت من إستطاع اليه سبيلا ) كما انه سبحانه وتعالى انزل سورة كاملة تحمل اسم سورة الحج ما يؤكد اهمية الحج وقد قال في موضع آخر (وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ . وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ . لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ . ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ . ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ ).حقاً انها شعيرة مهمة من شعائر الإسلام ، يليها عيد الأضحى وهو أحد عيدين عند المسلمين، ويوافق أول أيامه في العاشر من شهر ذي الحجة الهجري، وهو ذكرى لقصة النبي إبراهيم عندما أراد التضحية بإبنه إسماعيل تلبية لأمر ربه، لذلك يقوم العديد من المسلمين بالتقرب إلى الله في هذا اليوم بالتضحية بإحدى الأنعام (خروف أو بقرة أو ناقة) وتوزيع لحم الأضحية بين الأقارب والفقراء وجيرانهم، ومن هنا جاء اسمه عيد الأضحى. ولكن هناك من يحاول تعكير صفوة هذه الشعيرة والقضاء عليها والمساس بها وهذا الأمر ليس من الخارج بل هناك من يريد ان يفرض ارادته او ايدولوجيته على الآخرين بحجة انه هو الأصح في ما يعتقد او ما يحمله من أفكار، والحقيقة تقال ان المملكة السعودية تبذل قصارها جهدها في تضييف ضيوف الرحمن وذلك من خلال توفير وسائل الراحة للحجيج وهي إمكانات كبيرة جداً ولايستطيع أحد نكرانه ولكن وللأسف الشديد تقع بين الفينة والفينة حوادث يندى لها جبين الإنسانية لكونها تقع في الديار المقدسة ويروح ضحيتها الآلاف من ضيوف الرحمن ، وسواء أكانت هذه الأحداث مفتعلة او غير ذلك مما يشير ذلك ان المملكة مقصرة في المحافظة على أرواح الحجاج لديها ، علماً ان اسالة الدماء في هذه البقعة المباركة محرم ،
فالجميع يرغب بأن يعود جميع الحجاج الى ديارهم سالمين وقد أدوا فريضة الحج وفق ما يعتقدون من دون المساس بالآخرين او تعكير صفوة هذه الشعيرة المهمة في حياة جميع المسلمين.
المصدر / جريدة الزمان الدولية