- محمد حسين/ سيدني:-
كل الأديان السماوية وغيرها في مجتمعنا الأسترالي تتكون من مذاهب وطوائف وقوميّات ولغات وخلفيات ثقافية متنوعة وزاهية ، والجالية المسلمة إحدى هذه الأديان وتحمل كل هذه الأصناف ، الجميع هاجر أو لجأ الى أستراليا بلد الخير والكرم بحثا عن العيش الرغيد وبحثا عن الأمن والاستقرار ونيل الحقوق الانسانية والحرية بكل معانيها ، مع الإلتزام بواجبات المواطنة وإحترام القانون حفاظا على أمن وسلامة الأمة الأسترالية .
هناك خشية من تداعيات الإرهاب العالمي على مقدرات جميع المسلمين في استراليا ، لاسيما تظاهرات مدينة ملبورن الاسبوعية تقريبا بين المسلمين ومناصريهم من جهة وبين المنظمة العنصرية المعادية لهم من جهة أخرى ، وفواجع الدول الغربية التي راح ضحيتها مئات الأبرياء والتي كان آخرها فاجعة مدينة نيس الفرنسية ، وكذلك بسبب تشتت المسلمين وعدم وحدتهم ، حتى وصل الأمر قبل أيام الى النائب بولين هانسن رئيسة حزب الشعب الواحد الأسترالي ان تتجرأ وتتطاول على المسلمين بأنها تريد البحث والتنقيب عن حقيقة الاسلام ، وإنها تطالب برفض طلبات اللجوء أو الهجرة أو قبول دخول المسلمين الى أستراليا. جميعنا سمعنا وقرأنا مؤخرا وحديثا نداءات الحكومة المستمرة من السيد رئيس الوزراء مرورا بكبار سياسيي أستراليا الى عدد كبير من النواب في البرلمان الأسترالي يدعون قادة المسلمين في أستراليا الى توحيد الكلمة والشروع في العمل والنشاط المتميز والمؤثر على نفوس وقلوب الجاليات المسلمة والمجتمع المتعدد الثقافات والأديان ، لإحتواء ازمة معاداة الاسلام ووضع علاجات حاسمة وأكثر فاعلية من خلال النشاطات والفعاليات والبرامج المقدمة خاصة للشباب . وعليه من المفترض على المسلمين المعتدلين أن يستوعبوا الظرف الحالي بوقفاتهم وتظاهراتهم وإعتصاماتهم أمام أنظار الإعلام والمجتمع الأسترالي ضد الإرهاب السياسي الذي يدعوا العالم الى دفع الجزية أو القصاص بحد السيف لغير المسلمين ، وأن يدينوا كل انواع الجرائم التي حلت بالبشرية بسبب شيوخ فتاوى القتل والإسلام السياسي لكي يبرؤوا موقفهم من ساحة الجريمة والقتل باسم الدين ، وأن يدعوا من خلال تظاهراتهم وإعتصاماتهم الى نشر المحبة والسلام والمساواة بين أبناء المجتمع الواحد. فالأممية هي التي توحد البشر وهي عابرة للأديان والطوائف والقوميات وكل اشكال التمييز العنصري.إن الواجب الإنساني والوطني والديني يُحتّم على جميع المسلمين المعتدلين الأستراليين بمختلف قومياتهم ومذاهبهم ان يرصّوا صفوفهم وأن يجمعوا شملهم ويوحّدوا كلمتهم أمام الحكومة وأمام الدوائر المعنية وأجهزة ووسائل الإعلام المختلفة ، لإظهار صوتهم المسالم والمعتدل ، ولكي يُوضّحوا موقفهم مما يجري من إرهاب خسيس جبان في بلدان الشرق والغرب وحول دول العالم الذين يحاولون عبر جرائمهم البشعة تشويه سمعة الإسلام والمسلمين في أوطانهم الثانية حيث الأجيال الجديدة والعمل والتعليم والمستقبل .ولو كانوا قد توحّدوا ــ منذ ظهور الإرهاب العالمي ــ بشخصياتهم المسلمة المعتدلة لكان الأمر قد تغير تماما ، وكان صوتهم قد وصل بكل أحقّية وقوّة الى أجهزة الدولة وإعلامها، ولم تتجرأ النائبة بولين هانسن مؤخرا على تصريحها وعدائها العلني أمام المسلمين وأمام المجتمع الأسترالي ككل .
وكما نقترح على جميع المسلمين في أستراليا ومن خلال برامجهم الحديثة ونشاطاتهم التوعوية النيّرة أن يُبيّنوا للمجتمع الاسترالي ملابسات تبرير فكر الإرهاب السياسي من قبل الجماعات الإرهابية بمختلف مسمياتها المدعومة ماليا وإعلاميا من شيوخ وأمراء الفتنة والإرهاب ومن مدارسهم التكفيرية المعروفة للعالم أجمع ، وأن يظهروا للأجيال الناشئة الدين القيّم ، دين الحب والسلام والمساواة والعدالة وإحترام وقبول الإنسان بما يحمله من أفكار أو معتقدات وعدم اقصاء الراي الاخر، وبهذا تزول الخشية والتجاوزات وتتحقق أماني جميع المسلمين ، وهكذا يتناغم المجتمع بحب ووئام في أستراليا العظمى.
كاتب وصحفي وسفير سلام عراقي مقيم في سدني