* ميليسا هيلي
ترجمة سعيد كامل / يزداد الأميركيون سمنة على نحو متواصل. هذه هي الخلاصة التي توصل إليها تقرير شامل عن أزمة الوزن في أميركا استند على إحصائيات رسمية تبين أنه خلال الفترة 2012 – 2014 شهدت 16 ولاية أميركية من الولايات الكبيرة زيادات حادة في سمنة البالغين, في حين لم تشهد ولاية واحدة انخفاضا في معدل السمنة بين سكانها. في نفس الوقت, هناك دلائل تشير إلى إمكانية حدوث زيادات ملحوظة في معدلات الإصابة بالسكر من النوع(ب) وكذلك معدلات الإصابة بارتفاع ضغط الدم بسبب زيادة معدلات السمنة, والتقاعس عن ممارسة الرياضة والميل إلى نمط حياة يقوم على الراحة والجلوس لساعات طويلة أمام شاشات التلفاز وتناول كميات كبيرة من الأطعمة ذات المحتوي الدهني العالي مثل الفشار والمكسرات, كما جاء تقرير عن مخاطر الدهون نشر مؤخرا في الولايات المتحدة ،جاء في التقرير أيضا أن سكان ولاية كولورادو الذين كانوا يعدون أكثر سكان أميركا نحافة بدءوا هم ايضا في مراكمة الدهون في أجسامهم. إلا أن هذه الولاية , مع وصول نسبة البدناء إلى 19.8 في المئة من إجمالي سكان الولايات المتحدة, تظل هي العربة الأخيرة في القطار الذي يتحرك بصعوبة بالغة بسبب حمولته الزائدة حاملا الأمة الأميركية إلى “ارض الدهون” لأنها الولاية الوحيدة التي تقل نسبة البدناء من إجمالي سكانها عن 20 في المئة.
إلا أن ذلك لم يحل دون زيادة البدناء في الولاية خلال السنوات الاربع الماضية بنسبة 0.7 في المئة, كما ارتفعت حالات الإصابة بمرض ارتفاع ضغط الدم فيها بنسبة كبيرة بلغت 21.2. والتقرير الذي أشرف على إعداده”مؤسسة وود جونسون وصندوق العمل من اجل صحة أميركا” هو التقرير السنوي السادس الذي تصدره هذه المؤسسة عن حالة السمنة في مختلف الولايات( يخصص تقرير كل عام لولاية معينة وقد تم تخصيص تقرير هذا العام لولاية كولورادو) في المقابل نجد أن نسبة البدانة بين الأميركيين البيض قد زادت عن 30 في المئة في اربع ولايات أميركية فقط ولم تتجاوز 32.1 في أي ولاية. وتشير الإحصائيات الرسمية إلى أن ثلث عدد المتسربين من مراحل التعليم المختلفة هم من البدناء مقارنة بـ21.5 فقط لدى المتخرجين من الجامعات أو المعاهد الفنية بالنسبة للأطفال نجد أن الصورة – من واقع التقرير المعنى –افضل قليلا مقارنة بالبالغين, كما يقول د. فرانكاين كاوفمان إخصائي سمنة الأطفال في مستشفى لوس انجلوس الذي يقول” الأطفال في المجمل يحافظون على ثبات أوزانهم”ويضيف كاوفمان أن الرسالة الواضحة التي ينقلها التقرير المذكور هي أن أكبر ضحايا السمنة يأتون من بين الفئات المحدودة الدخل والأقليات وهو مايؤشر على أن هناك حاجة لبرامج مساعدات كبيرة لتلك الفئات أكثر من غيرها.يشار إلى أن التقرير يستند على مسح يتم إجراءه سنويا لقياس الكيفية التي يؤثر بها سلوك الأميركيين على صحتهم تقوم به كلية الصحة العامة بجامعة ميتشجان ويعتمد على بيانات متحصل عليها من 1.2 مليون من البالغين الأميركيين. ويتم تقسم النتائج التي يتم التوصل إليها على حسب الولايات وحساب متوسطها لمدة ثلاث سنوات ،وجاء في التقرير ايضا أن معدلات السمنة للبالغين في الولايات المتحدة قد تضاعفت في 17 ولاية, وأنه منذ عقدين فقط لم تكن هناك ولاية واحدة في الولايات المتحدة يزيد فيها معدل سمنة البالغين عن 15 في المئة من إجمالي سكانها, أما الآن فإن جميع الولايات قد تجاوزت هذا المعدل.
يزيد “جيفري ليفي” المدير التنفيذي لصندوق صحة أميركا الأمر توضيحا بقوله:” عندما ننظر إلى ظاهرة السمنة سوف نلاحظ أن معدلها يزداد بشكل سنوي. وإذا ما عدنا إلى الوراء جيلا واحدا فقط وتتبعنا المسألة بشكل سنوي فسوف ندرك إلى أي حد ازدادت هذه الظاهرة تفاقما وكيف وصلنا إلى الوضع الذي نحن فيه الآن”. ويقول” ليفي” أيضا إن الخروج من هذه المشكلة لن يكون بالأمر الميسور بحال. ويحدد التقرير المذكور مجموعة واسعة من الإجراءات التي يتعين اتباعها منها تشجيع ممارسة الأنشطة البدنية في المدارس, وتشجيع البالغين على الخروج وممارسة الرياضة, وزيادة درجة القدرة على الوصول إلى الأغذية الصحية, واستخدام”استراتيجيات تسعير” لتشجيع الأميركيين على اتخاذ قرارات غذائية افضل. يقول” كيلي.دي. براونيل” مدير مركز “راد” للسياسات الغذائية والسمنة بجامعة ييل تعقيبا على هذا الأمر:” ما لم تتصدى الحكومة لممارسات صناعة الأغذية فسوف نستمر في رؤية هذه المعدلات المخيفة التي رأيناها في التقرير المعنى” ويضيف براونيل:” إن هذه المعدلات تكشف عن أننا نواجه حالة طوارئ وأننا يجب أن نتحلى بالمزيد من الشجاعة والعزم الذي يمكنانا من القيام بما هو أكثر مما نقوم به بالفعل” ” يمكن للحكومة أن تبدأ بتغيير نظام الإعانات الممنوحة للمزارعين والذي يساعد الشركات على الاتجاه إلى تصنيع الأغذية غير الصحية لأنها تحقق أرباح طائلة, والتحول بدلا من ذلك إلى نظام آخر يتم فيه وضع قيود على تسويق الأغذية غير الصحية, ووضع سياسات مالية تهدف لتخفيض تكلفة الأغذية الصحية وزيادة تكلفة الأغذية غير الصحية” ، وتشير كافة الأبحاث والدراسات التي اجريت حول موضوع البدانة في الولايات المتحدة إلى أن أكثر الفئات التي تتعرض للتأثيرات الضارة للبدانة مقارنة بغيرها من فئات المجتمع, هي فئة الأميركيين الأقل تعليما والأقل دخلا حيث أن هاتين الفئتين لا يجدون عادة الوقت الكافي لممارسة الأنشطة الرياضية, كما أن نوعية الأغذية التي يتناولونها كثيرا ما تكون غنية بمحتواها الدهني. وتشير تلك الدراسات أيضا أن معظم تلك الفئات يتركز في الإقليات الأميركية مثل الأميركيين الافارقة من البالغين حيث تزيد نسبة البدانة عن 40 في المئة في 15 ولاية, وتزيد عن 30 في المئة في أوساط اللاتين في 23 ولاية.
* كاتبة اميركية متخصصة في شؤون العلوم والتقنية