بقلم: فيصل عبد الحسن*
خبر طريف تناقلته وكالات الأنباء، والجرائد في الوطن العربي عن منتج جديد يصدر للأسواق من بلاد المارد الصيني،الذي بدأت منتجات صناعته، وحرفه الشعبية تنتشر في الأسواق العربية، بشكل واسع، وتنشأ في كل قطر عربي أسواق خاصة بالمنتجات الصينية.
الخبر الطريف يقول: “أن الصين مستعدة لتصدير الزوجات الصينيات”وجاء ذلك عبر إعلانات تشير عنواناتها كالأتي: عروس صينية لا تكلفك سوى 1500 جنيه”و تزوج بأقل التكاليف وبالمواصفات التي تريدها “وشرح الإعلان مميزات الزوجة الصينية، في أنها قليلة الكلام وقليلة الأكل، فتوفر في الطعام، وأيضاً قليلة الحجم، وبالتالي لا تأخذ حيزاً في الشقة، لو كانت ضيقة، وبالتالي فإنك لن تهتم بإقامة عرس أو الحصول على”شبكة” بالآلف جنيه؛ لأنهم في الصين لا يهتمون بالذهب، أو المال، ولا تحصل على نفقة عند طلاقها، وليس لها أهل سيأتون لزيارتها، فبالتالي ستتخلص من حماتك، ومشاكلها، مما يعني أن الزوجة الصينية سلعة جيدة، و” بيعة ليس فيها مشاكل، وكلها منافع”ولم يكتف الإعلان بذلك القدر من الترغيب بالعروس الصينية بل ونفر الشباب من الزواج بمصريات، فعبر عن ذلك بقوله: “تقوم الصين بتصدير العروس الصينية لتكون بديلاً للعروس المصرية، وطلباتها الكثيرة التي تفوق قدرة شبابنا، وتصل العروس بـ”الدليفرى-التسليم-” حتى باب المنزل بتكلفة تتراوح بين 1300 جنيه حتى 1500 جنيه فقط”وذكرت الإعلانات إن الزوج يستطيع أن يختار مواصفات العروس الصينية من حيث الحجم والشكل والقدرات، والعمر، مع ملاحظة تقول: “مع العلم أن جميع العرائس الصينيات يجدن فنون الطهي، والأعمال المنزلية المختلفة، وتربية الأطفال، وخدمة الزوج، وحجم العروس صغير، و معظمهن قصيرات، للتوفير على زوج المستقبل عند شراء الملابس.
وقد تلقت وكالات الأنباء، والجرائد نفيا من السفارة الصينية، فقد صرح المتحدث باسم سفارة الصين في القاهرة، بأن ما نشر من إعلانات حول وجود زوجات صينيات في بعض وسائل الإعلام، وعلى الإنترنت مؤخرا و”دخول هذه الزوجات بعض الدول العربية على شكل بضائع أمر لا أساس له من الصحة.”
وقد دفع السفارة الصينية في القاهرة لتكذيب الخبر، وتوضيح ملابساته يوم 21 سبتمبر( أيلول) الحالي، لما نشرته وسائل الإعلام المصرية عن الموضوع بكثافة، مما دفع السفارة للتأكيد في بيانها الصحفي، موضحة أن الإعلان الذي ظهر في الصحافة عن” العروس الصينية” ليس إلا إعلانا كوميديا، وترجو من الجميع عدم تصديق مضمونه، وتحذر من أعمال الخداع والاحتيال، وأضافت السفارة “والأغرب في الأمر أن بعض الشباب المصريين اتصلوا بالسفارة للاستفسار عن إجراءات شراء العروس الصينية”.
وأن الحكومة الصينية، التي تدعو إلى حرية الاختيار في الزواج، ولا تعارض زواج مواطن أو مواطنة صينية من أجنبية، أو حتى من أجنبي، مؤكدة أن القانون الصيني يمنع تجارة الأزواج أو الزوجات.
وتشير سجلات وزارة العدل المصرية، التي أعلنتها صحيفة مصرية، أن عدد الحالات من الزواج من صينيين وصينيات في مصر بلغت 113 حالة زواج تمت بين مواطنين مصريين من الإناث والذكور من صينيين وصينيات منذ عام 2003، وكذلك يشير أرشيف السفارة الصينية في القاهرة إلى أن عدد حالات الزواج بين الصينيات والمصريين منذ عام 2004 وحتى الآن بلغ 62 حالة فقط، كما أن البلدين يعانيان معاناة متشابهة، ولكن مختلفة، ففي مصر بلغت نسبة العنوسة بين الفتيات المصريات في سن الزواج حدا خطيرا ، وكشفت دراسة حديثة صادرة عن المركز القومي للبحوث الاجتماعية، والجنائية في مصر أن نسبة غير المتزوجين من الشباب من الجنسين بلغت بشكل عام حوالي 30%، وبالتحديد 7. 29% للذكور و4. 28% للإناث، ووصلت نسبة الطلاق إلى 13% من إجمالي الزيجات عام 2004، وارتفعت إلى 40% في 2008، وتعود واحدة من أسباب العنوسة في مصر إلى تكاليف الزواج المرتفعة، والطلبات الكثيرة التي يرهق بها أهل الفتاة الخطيب المتقدم لأبنتهم، وكذلك فقد عقد ارتفاع أسعار الذهب مؤخرا الحالة تماما، وجعل الشباب يعزفون عن الزواج، باحثين عن أي حل آخر غير التقدم لفتاة مصرية، حتى لو كان ذلك الأمل في صيغة إعلان، وهمي يعزز فكرة قديمة عربية عن الصين، تقول أن كل شيء من الممكن أن تصنعه الصين حتى الزواج، وأن عبارة “صنع في الصين” تصح حتى لحل مشكلة العزوف عن الزواج عند الشباب العربي.
وتواجه الصين مشكلة مشابهة، ولكنها مختلفة، فهي تعاني من اختلال في التوازن العددي بين الذكور، والإناث لصالح الذكور، مما أدى إلى صعوبات حقيقية في حصول الشاب الصيني على زوجة صينية، وقد برزت هذه المشكلة في اختلال التوازن بعد أقرار قوانين لتحديد النسل في الصين، منذ عقود، فقد فرضت الحكومة الصينية على العائلات أنجاب طفل واحد، مما حدا بالعائلات الصينية إلى اختيار المولود الذكر، وأجريت ملايين عمليات الإجهاض للنساء بعد أن تأكدن بواسطة فحص جنس الجنين بالإيكو (جهاز لتحديد جنس الجنين في فترة مبكرة من الحمل) مما أدى إلى كثرة ولادات الذكور، وقلة الإناث في المجتمع الصيني، وقد جاءت الإحصائيات لتشير إلى أن أكثر من 40 مليون شاب صيني يجدون صعوبة في الحصول على أنثى للزواج منها، وتعاني هذه الولادات المفردة في العائلات الصينية من مشاكل نفسية عديدة للمواليد، وحالات كآبة بسبب الوحدة، مما يدفع أعدادا كبيرة منهم، للانتحار عندما يكبرون، وتواجههم أولى صعوبات الحياة العملية، أو تجد بسبب ذلك شبابا مدللين لا يعتمد عليهم، ويبدو من الواضح اليوم للكثير من الدارسين للحالة الصينية،أن التدخل فيما قدره الخالق سبحانه وتعالى لخلقه، من أسباب الوجود، والرزق الذي ضمنه لمخلوقاته، مهما كان عددهم سيخلق أذى كبيرا في توازنات المجتمع، فعلى سبيل المثال أن المجتمع الصيني بعد عقود من قوانين تحديد النسل بدأ يدخل مرحلة الشيخوخة، مثل المجتمعات الأوربية، وصارت نسبة الشباب إلى الشيوخ 3:2 وبعد ثلاثين سنة سيجد كل شاب صيني أن عليه أن يعول كهلين، ومن الصعب عليه أن يحصل على أنثى ليتزوجها، وفي المجتمعات التي لم تضع قيودا على النسل تجد أن هناك توزانا متقاربا بين عدد الذكور، والإناث، فعلى سبيل المثال فإن في سوريا كل 1000 شاب يقابله 1100 من الفتيات، وفي المغرب كل 1000 شاب يقابله 1200 من الفتيات، ومن هاتين الموازنتين يتضح للباحثين سلامة التوازن الطبيعي لخلق الله تعالى من الإناث، والذكور، حين تترك بدون تدخل قسري للحكومات في القوانين الطبيعية للحياة، وقبل أن تحل الصين للعرب مشكلة عزوف شبابهم عن الزواج، فهي معنية إلى أن تجد حلولا لمشكلة الحصول على زوجة، التي يعاني بسببها الملايين من الشباب الصينيين في الوقت الحالي في الصين ذاتها.
*كاتب عراقي يقيم في المغرب
المقال منشور في جريدة العدالة العراقية الغراء