حسن عبدالحميد
لم أعتدّ الإعتماد – طوال عملي في الصحافة و الأدب – بالإستعانة في وضع عنوان مقال أو محاضرة أو دراسة بصيغة سؤال ، رغم معرفتي و دواعي فهمي لقواعد الدرس الأول في عالم الصحافة الرحب، أعني ما يتعلّق بصياغة الخبر وفق مبادئ أسئلته الخمسة – على أقل تدبير أو تقدير وهي – ” من؟ / ماذا؟ / أين ؟ / متى؟ / ولماذا ؟ ” وهنا سنتوقف عند ” لماذا ؟ ” التي وضعها المفكر و الباحث الكبير ” د.عبدالحسين شعبان” في مبتدأ عنوان محاضرته المزعم إقامتها مساء الأحد التاسع والعشرين من مايس الجاري على قاعة “جلجامش” في المركز الإكاديمي الإجتماعي في عنكاوا،” لماذا يُستهدف مسيحيو الشرق ؟ ” من حيث كون الأسئلة بحسب ” ريلكَة ” هي بمثابة مفاتيح ، من تلك التي فتح لي”د.شعبان”مغالق خزائن محاضرته بعد الإتفاق على إناطة شرف التقديم لها ، الأمر الذي أوجب عليّ البحث و من ثم إجراء عدة إتصالات تداولية ما بيننا ” هو ” ما بين لندن و بيروت حيث يقيم و يسكن و” أنا ” في عنكاوا ، ولعلي أستبق محاور هذه المحاضرة بعد أن نشرت إدارة المركز الإكاديمي – منذ أكثر من شهر – أكثر من إشهار مرفق بعدة تعاريف لمعلومات عن هذه الشخصيّة الباسقة و الكبيرة و المُعرّشة في عدد من حقول و مجالات الفكر والمعرفة من تلك المتعلقة بقضايا القانون الدولي و الدساتير ، وفي الدفاع عن حقوق الإنسان ، فضلاً عن محافل و منابع ثقافة و فلسفة اللاعنف ، و إسهامات متميزة في أطار التجديد و التنوير و الحداثة ، كما أشتغاله وتأليفه و سعيه في تدقيق متعلقات الفكر الديمقراطي وأطر المجتمع المدني و الإنساني والتنمية و غيرها الكثير و المثير في عوالم الشعر و الأدب و الأديان ، لم يبخل ” د.شعبان ” في ضخ الاجابة عن جملة الأسئلة التي تفرّعت من عريشة عنوان محاضرته المنتظرة ، فحين سألتُ عن فحوى سؤاله وما سينطوي عليه عمق ومدى الإجابة و الإحاطة ، أفاد بجملة أسئلة أخرى أوسّعت و عمّقت من براعة ما يصبو و يروم من أمثال ” هل المسيحيون أغرابا ؟!! ، وهل هي ” أي المسيحيّة” أبنة العرب ؟ / و لماذا يتعامل البعض معها كطابور خامس؟ فيما المسيحيّة هي أبنة المنطقة العربيّة ، لا الغرب كما يُعتقد و يُشاع ،فالعرب و فلسطين هي مصدر المسيحيّة ، وأشار بضرورة العودة إلى مراجعة كتابه ” أغصان الكرمة … المسيحيون العرب”الصادر عن مركز حمورابي للبحوث والدراسات الاستراتيجية ببغداد مايس/2015 وقامت بتوزيعه دار المحجّة البيضاء في بيروت، ذلك الكتاب الثر الذي يطرح فيه سؤالاً كبيراً وعميقاً هو: “هل المسيحيون أقلية؟ وهل هم أغراب؟ ” في وقت يتناول فيه أخطاء شائعة على هذا الصعيد ويتوقف عند إشكالية التنوّع الثقافي في العالم العربي وقصور النخب والتيارات الفكرية والسياسية إزاءها، لاسيّما بعد موجة ما أطلق عليه الربيع العربي بنجاحاتها وخيباتها، كما ويسلط فيه د. شعبان الضوء على موضوع مرجعية الدولة الوطنية والسبيل لحل مشكلة المجموعات الثقافية والهوّيات الفرعية، و غيرها من أسئلة وإستنارات ستتناولها تلك المحاضرة القيّمة و النوعيّة وفق ما مثبّت لها من موعد قريب إذا أراد الله .
المصدر جريدة الدستور العراقية 26 / ايار / 2022
Hasanhameed2000@yahoo.com