كتب علاء اللامي *:
اعترف جزار تشرين عادل عبد المهدي بأن شرعية الحكم في العراق تصنعها تدخلات الغرب والشرق، الغرب يمسك رقبة فوقيات بلدنا منذ 2003! مع وصول العملية السياسية الأميركية الطائفية الى الجدار مرة أخرى بعد فشل عقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية يوم أمس حيث تحصن أتباع طهران “الإطار” خلف الثلث المعطِّل وأسقطوا النصاب ثم احتفلوا بانتصارهم، وأصر أتباع واشنطن “الثلاثي” على مرشحَيْهم جعفر الصدر وربير بارزاني (هل هي مصادفة أن يكون المرشحون الثلاثة للتحالف يحملون ألقاب: الحلبوسي، الصدر والبارزاني؟)، بدأت رائحة الرئاسة تثير أعصاب الشخصيات السياسية السائبة “المستقلة” والطامحة لقنص المنصب السمين! من هؤلاء، اجتذبت الرائحة جزار تشرين الملطخ بدماء المئات من المتظاهرين السلميين عادل عبد المهدي المنتفجي! فقد عاد هذا القاتل إلى الظهور عبر مقالة بقلمه نشرها موقع قناة رووداو التي يملكها مسعود البارزاني! الفضيحة ليست في ظهور عبد المهدي – الذي كان ينبغي أن يكون خلف القضبان لا على منضدة تحرير المقالات – وهو يتشمم روائح الوزارة العفنة هنا وهناك بل في ما كتبه في مقالته التي يمكن اعتبارها أدق وأوضح شهادة على تبعية هذا النظام وتدخل واشنطن وطهران (الغرب والشرق) في شؤونه وفي تنصيب وإقصاء الحكام فيه. إن طريقة عادل عبد المهدي في التفكير ليست غبية من النوع العادي فحسب بل هي لا ترقى بأسلوبها الكتابي ونمط تفكير صاحبها حتى إلى أسلوب “حكي المقاهي” التقليدي الذي كان سائداً لدى الجيل السابق من الكتبة والمدبجين في بدايات القرن الماضي في العراق، مع شيء من التشدق والحذلقة من قبيل عنوان مقالته هذه “التغيير وليس انسداد العملية” والذي يريد أن يطمئن الطرفين المتنازعين على الغنيمة السلطوية بأن ما حدث هو تغيير وليس انسدادا وما عليهم إلا أن يحركوا رؤوسهم ويرشحوا مستقلا مثله لهذا المنصب! هاكم هذه الفقرات الفاضحة من مقالته: *ليس جديداً أن تتشكّل حكومة بدون اجماع شيعي. *وليس جديداً انحياز الغرب لأطراف وتأييد الشرق لأخرى. بل هو المألوف، ببناءات شرعيّة وقانونيّة وبدونها. فرُفض الجعفري (2006) وجاء المالكي. ورُفض المالكي (2014) وجاء العبادي. وجاء عبد المهدي (2018)، ثم رُفض (2019). وجاء الكاظمي (2020). *كقاعدة وفي أمور مهمة، يمسك الغرب -منذ 2003- رقبة فوقيات بلدنا -مباشرة أو نفوذاً- وله بعض قاعدته، وللشرق قاعدته -مباشرة أو نفوذاً- وله بعض فوقياته. *لماذا القلق والارتباك، إذن؟ إنه “التغيير”. فالعالم يتغيّر، وبسرعة وعمق. *كقاعدة، ولها استثناءات، فإن احداثنا، لم ولن تكون احداثاً داخلية مجردة. انتهت الاقتباسات. لماذا يزعل إذن اتباع واشطن أو طهران أو الشخصيات السائبة التي تزعم الاستقلالية بين الطرفين حين نقول إنَّ هذه المنظومة الحاكمة في العراق منذ سنة 2005 وحتى اليوم هي منظومة عميلة وتابعة للأجنبي وبشكل خاص للولايات المتحدة مع نفوذ وهيمنة شاملة إيران ووجود عسكري ونفوذ أقل لتركيا الأطلسية. وأن الاستقلال والسيادة في هذه الحالة محض خرافة تافهة يتسلى بها لصوصُ المال العام والريع النفطي والمرتزقةُ المشتغلون عندهم.
كاتب عراقيّ مقيم في سويسرا. له العديد من المؤلَّفات في الأدب والبحث العلميّ في التاريخ والتراث واللغة