وطن برس أونلاين

جريدة عربية مستقلة

أهم الأخبار العراق

مصطفى الكاظمي..بعد سنة ونصف تقويم أداء الحلقة الأولى:

أ.د.قاسم حسين صالح

 

د. قاسم حسين صالح
تولى السيد مصطفى الكاظمي(54 سنة) رئاسة مجلس الوزراء في (7 /5 / 2020)،وكان للعراقيين موقفان:الأول يرى انه لا يختلف عن سابقيه وانه جاء بموافقة احزاب السلطة المتهمة بالفساد،والثاني يرى ان الرجل مستقل وينبغي ان نعطيه فرصة..وكنا دعونا حينها الى منحه مئة يوما لنحكم بعدها له او عليه.
تــذكيــر
في بداية تكليفه،واجه الكاظمي وضعا معقّدا سياسيا،امنيا،اقتصاديا،صحيا،مجتمعيا..ما واجهه احد من قبله،فهو استلم خزينة خاوية من سلفه عادل عبد المهدي،والعراق مدين للبنك الدولي،وتصاعد الأصابات والوفيات في الموجة الثانية لفايروس كورونا وتهديد النظام الصحي،وتضاعف نسب البطالة والفقر،وتهديد امني يطال المنطقة الخضراء،وتعدد المليشيات وعدم قدرة الدولة بالسيطرة على السلاح،وعودة متظاهري انتفاضة تشرين،و(دكات!)عشائرية في البصرة وميسان وبغداد..وخطر يتهدد حياته من القوى الشيعية السبعة التي رشحته!.
ومع ذلك اختار ان يبدأ بأخطرها واكثرها الحاحا جماهيريا..الفساد..مدركا بأنه سيكون امام خيارين:اما ان ينتصر بمعركته على الفاسدين ويكون المنقذ والمخّلص والبطل الذي سيدخل التاريخ السياسي للعراق الذي خلا من الابطال القادة من سنين،واما ان يكون (الشهيد الحي).
وكان هذا التصور هو الذي شاع عنه بين اغلب العراقيين لغاية اجتماعه بالسيد المالكي.فقد اصاب الكثيرين بالأحباط واعادهم لسيكولجيا توالي الخيبات،واعيد ليكون بنظرهؤلاء كالسيد العبادي الذي وعد بضرب الفاسدين بيد من حديد وما ضرب،لأنه(العبادي) ادرك ان المسؤولين الكبار باجهزة الدولة وقيادات الكتل السياسية متورطة كلها بالفساد، مبررا خذلانه باعتراف (شاهد من أهلهم) في خطابه بجامعة بغداد (27/11/2017) بأن (الفساد مافيا،يملكون المال،فضائيات، قدرات،يستطيعون ان يثبتوا انهم الحريصون على المجتمع،وهم الذين يحاربون الفساد، ولكنهم آباء الفساد وزعماء الفساد).
وكنّا افترضنا وقتها ان الكاظمي اراد من لقائه بالمالكي..تحييد مصدر شر،لأن كليهما،بنظر الشارع،يخشى الآخر.فالمالكي يخشى الكاظمي ان يبدأ بمحاسبة الفاسدين وفق قانون (من اين لك هذا) وعندها سيكون اول من يستدعى بوصفه رئيس وزراء لثمان سنوات هادن فيها الفاسدين باعتراف صريح (لديّ ملفات للفاسدين لو كشفتها لأنقلب عاليها سافلها).والكاظمي يخشى المالكي لقوته السياسية وتغلغل اعضاء حزبه(الدعوة) في مؤسسات الدولة..وقد حاول كلاهما استخدام (سيكولوجيا الكيد) حيث يمتلك المالكي خبرة سياسية اعمق فيما يمتلك الكاظمى خبرة مخابراتية اخطر.
القرارات ..تحدد نوعية الحاكم
يتحدد تقويم أداء أي حاكم بالقرارات التي يتخذها،هل يبدأ بالقرارات الأصعب نزولا الى الأسهل،ام يبدأ بالاسهل صعودا الى الأصعب،أم بالاسهل والتوقف عن تنفيذ الاصعب؟.
ان القائد الذي يعتمد الآلية الأولى يتمتع بشخصية الواثق من نفسه ان اعتمد على جمهور واسع يمثل المجتمع لا على المغامرة،فيما تمتاز شخصية الذي يعتمد الثانية بالحكمة والتأني والعقلانية،وبعكسهما..تتصف شخصية من يعتمد الثالثة بالتردد.
وما حصل،ان الكاظمي اعتمد الآلية الثانية التي اعتمدها العبادي في اتخاذه القرارات (البدء بالقرارات الاسهل صعودا الى القرارات الأصعب)،لكنه اختلف عنه بأنه لم يتوقف عن تنفيذ الاصعب التي توقف عندها العبادي،اذ بدأ بأصدار قرار يقضي بايقاف ازدواج الرواتب،تبعه في (25 حزيران 2020) اعلانه بأن الأيام القادمة ستشهد حملة تغييرات في المناصب المتقدمة في الدولة،وتجريد الأحزاب من المناصب التي حصلت عليها خلافا للقانون.ولأن الحدثين خطيرين فقد تساءلنا ليلتها في منشور بعنوان(الأنقلاب الأبيض هل سيحصل؟)،لتفيد فضائيات باقتحام مسلحي ميليشات حزب الله المنطقة الخضراء،وتجاوزت عليه اعتباريا دون رد حاسم منه.وانتهينا الى ان العبادي كان في قراراته (هاوي بس ما ناوي).وتمنينا على الكاظمي ان يكون (هاوي وناوي).صحيح ان لا رهان على السياسة في العراق لأنها بلا مباديء،بلا اخلاق..لكن الكاظمي ما كان مضطرا لأن يبدا بالأصلاح ويعد بالقضاء على الفساد ويقدم على اتخاذ اجراءات تهدد حياته.ولأنه كان قد اعلن عن بدء المواجهة مع قوى تمتلك المال والسلاح ومع (الدولة العميقة) فانه ترتب عليه ان يكمل المشوار،لأن التردد في القرارات او الأحجام عن تنفيذ القرارات الأصعب ستؤدي به الى ان يخسر الشعب(كتلته)،وستنتقم منه قوى الفساد وتجعله انموذجا لمن تسول له نفسه التحرش بها.
 
كنا استطلعنا آراء العراقيين مرتين في شهرين من حكم الكاظمي انقسم فيها العراقيون بين من عقد الأمل عليه في الأصلاح،وبين من فقد الثقة به،وبين المتردد الذي ينتظر ما سيحدث في قابل الأيام.وبانتهاء المئة يوما،اجرينا الاستطلاع الثالث في (5-6/9/2020)لتقويم اداء الكاظمي شارك فيه (3843) بينهم اكاديميون ومثقفون واعلاميون..توزعت اجاباتهم على النحو الآتي:
الأول: يثمن اداء الكاظمي..اليكم نماذج منها:
• افضل رئيس وزراء حكم العراق.
• لديه نية حسنة بتأسيس دولة مستقرة ناجحة.التحديات كبيرة جدا، وعمل الكثير في ذلك، لربما لم يشعر بها المواطن..لكن سوف تأتي أكلها لاحقا،اضافة الى ان هناك تشويش وتقزيم متعمد من اي عمل او منجز يقوم به.
• رجل يعرف قدر نفسه. فهو يعرف ان عليه بناء دولة من الصفر،واعداؤه كثر وأقوياء ويمتلكون دعما خارجيا قويا،ويعرف ان ادواته للتغيير الثوري ( لو فكر بذلك ) هي ضعيفة،او ربما تؤدي لفوضى لا نهايات موثوقة لها..لذلك نراه يتحرك ببطء ولكن بثقة.
• لا يزال يحاول ان يكون مصلحا اجتماعيا وليس قائدا.
الثاني:يرى فيه شخصية استعراضية.
• حكومته حكومة فيسبوكيه بدون تخطيط ،يعتمد على الاعلام الالكتروني.
• كنا ننتظر منه مسك اي رمز من رموز الفساد الكبيره،ولكنه لم يفعل.يتخذ قرارات ويتراجع عنها.بأختصار هو ليس حازم وليس لديه الشجاعه الكافيه.
• الرجل حقق نتائج جيدة على مستوى الفيس بوك،لكن على أرض الواقع لم يحقق شيئا مهما..مجرد فقاعات إعلامية.
الثالث:موقف الشك المريب منه:
• لقد ابتلعنا الطعم الذي ألقته الأحزاب الفاسدة.الكاظمي مرشحهم واختيارهم وأداتهم. افتعلوا في الإعلام مشاكل معه ليسوقوه للشارع المنتفض فظن الناس أنه ضدهم وهم ضده فتقبلته الأكثرية،وبعد ثلاثة أشهر لم يقدم شيئا حقيقيا في مشروع بناء دولة المؤسسات،ولم يقدم شيئا في اتجاه محاربة الفاسدين، وأكثر من ذلك أن وزير الداخلية يرى أن حرق الإطارات يعيق بناء الدولة بينما حيتان الفساد تعيث الخراب في العراق ولا رادع.
• هو شخص متلاعب ولو كان ضد الفاسدين لما منحوه الثقه،الذي لا يحقق مصالحهم لا يمنحوه الثقه.
الرابع: دور الناقد المتعاطف
• لديه المنهج لكنه متردد او بطيء في السير بمنهجه بهمّة وجرأة.
• لحد الان ما حقق اي انجاز كسب فيه تعاطف الشعب العراقي والمتظاهرين،واذا استمر هكذا ستسقطه الثورة ويكون مثله كمثل عادل عبد المهدي. اذا كان يسعى للعمل على أصلاح المنظومة السياسية فيجب ان يسعى نحو تكملة انجاز قانون الانتخابات الفردي وتغيير المفوضية غير المستقلة وجعلها حره.
• والله انا من محبي الكاظمي بس لحد الان ماكو اي شي جيد تحقق بالواقع، صحيح الفترة قصيرة بس عدنه مثل بالريف (ما يلحك على الجوعان ناعم الثريد )، انا جوعان وتكول خل نعملك الثريد. بس الحجي والوعود ،وهذا تخدير،والناس اذاتضل هيج راح تسحب تاييدها.
الحلقة الثانية :الكاظمي بعد سبعة أشهر

اترك ردا

Developed and designed by Websites Builder Ph:0449 146 961