رستم محمود – أربيل – سكاي نيوز عربية
مثّلت قمة بغداد الثلاثية، التي جمعت ، قادة مصر والأردن بالإضافة إلى العراق، البلد المستضيف، نجاحا للأخير الذي بدأ باستعادة عافيته وبعده العربي بعد عقود من الحروب والصراعات.
وكانت القمة الثلاثية التي جمعت الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وملك الأردن عبد الله الثاني ورئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي قد اختتمت في بغداد.
وأكدت الدول الثلاث على لسان ورزاء خارجيتها أن الوفود المشتركة أنشأت آليات العمل في المجال الاقتصادي، بالإضافة إلى التأكيد على استثمار الفرص الاقتصادية والسياسية.
ورغم أن أولوية القمة كانت اقتصادية وخاصة مشروع “الشام الجديد”، إلا أنه تم التأكيد أن على وجود مصر والأردن في العراق رسالة ردع في مواجهة التحديات، كما تم التشديد على أن تحقيق الاستقرار لن يكون ممكن دون مواجهة الإرهاب والتدخلات الخارجية.
وما يميز هذه القمة أنها شملت أول زيارة لرئيس مصري إلى العراق منذ أكثر من 30 عاما، بما يعنيه ذلك من تعزيز العلاقات المصرية العربية.
وفي المحصلة، بدا أن قمة بغداد الثلاثية لا تشبه ما أعتاد المراقبون عليه بشأن العراق، من صراعات طائفية وعنف منفلت وسطوة للميليشيات وتغول لدول الجوار، فلقد طرحت القمة عراقاً آخر، ذا وشائج أبعد وأعمق مع العالم العربي.
ويقول الباحث العراقي في الشؤون التنموية، جاسر علوان، في حديث مع موقع “سكاي نيوز عربية” إنه على الرغم من وجود فريق سياسي يسعى لربط العراق بالصراعات الإقليمية، فإن هناك فريقا آخر من النخب السياسية العراقية يسعى إلى دفع العراق إلى مساحات أخرى تستنهضه فيها من حالة الخمول والتهميش، معتمدة على خيراته الوفيرة،النفطية والطبيعية والجغرافية والإنسانية.
وأضاف علوان أن الفريق الثاني يضم طيفا من القوى السياسية والمجتمعية العراقية من الشبان والمجتمع المدني والمنتفضين العراقيين والنساء وذوي المبادرات الاقتصادية وخريجي الجامعات.
واعتبر أن هؤلاء “يحلمون بأن يتحول العراق إلى دولة اعتيادية، شبيهة بالبلدان التي تملك ربما إمكانية أقل مما يستحوذه العراق، لكنها تحيا تنمية اقتصادية ومجتمعية وحياتية تفوق أحوال العراق بكثير”.
مصر والأردن من حيث المبدأ، وبقية دول المنطقة، هي الدول الطبيعية القادرة على تأمين هذا المناخ للعراق، فهي خلافا لتركيا وإيران، لا تتورطان في إشكالات مع العراق.
وفوق ذلك كله، تتميز مصر والأردن بخصائص اقتصادية يمكن أن توفر فرصا مناسبة للعراق، كما يمكن للأخير أن يعظّمها بقدراته وموارده.
وتقول الخبيرة الاقتصادية بنان التاج، في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”:”صحيح أن ملامح مشروع الشام الجديد بين البلدان الثلاث لم تتبلور بعد، وهي تحتاج ربما لشهور لأن تتحول إلى مشاريع ومبادرات مشتركة، لكن الدول الثلاث تملك خصائص تكاملية فيما بينها”.
وتابعت: “فمصر منذ 10 سنوات على الأقل، تأخذ ملامح الدولة الصناعية، خصوصاً في المجالات الاستهلاكية اليومية، من الغذائيات وصناعات الصلب والملبوسات والأثاث المنزلي، لكنه أيضاً بلد سياحي بامتياز، قد يمنح ملايين العراقيين من أبناء الطبقة الوسطى إمكانية سنوية للسياحة بمصاريف معقولة”.
وأردفت: “على الجهة الأخرى، الأردن هو مركز المؤسسات البيروقراطية والمجتمع المدني والمبادرات المعرفية في المنطقة، ويتمتع بشرط الاعتدال السياسي والعلاقات الإقليمية والدولية المتينة، وهو بذا يوفر فرصة لتنمية القطاعات البنكية والدراسات الجامعية والخدمات الطبية عالية الجودة”.
وتضيف “تكاملاً مع ذلكم الأمرين، فالعراق يملك طاقات نفطية وزراعية هائلة، غير مستثمرة تماماً، وسيكون لتكاملها مع الخبرات والتجارب التي راكمها الأردن ومصر دوراً في خلق تنمية إنسانية مستدامة في هذا البلد، وذو نتائج سريعة”.
المعلقون العراقيون على وسائل التواصل الاجتماعي، أشاروا بأغلبيتهم المطلقة طوال اليومين الماضيين إلى الفروق في الشراكة مع بلدان مثل مصر والأردن، وشراكات نظيرة مع كل من إيران وتركيا، وحتى في أكثر القطاعات الاقتصادية والتنموية والتعليمية بساطة.
هؤلاء يرون أن إيران وتركيا تكثفان من المبادرات التي تزيد من تبعية العراق العضوية لهما، حتى في المجالات التعليم والمياه والسياحة الدينية، بحيث تحرص الدولتان على كبح أية نزعة عراقية للاعتماد على الذات. وفي المقابل، فإن المشاريع المشتركة مع الأردن ومصر، ومستقبلاً مع مختلف الدول العربية، تساهم في تطوير العراق لأدواته وقدراته الذاتية.