* كتابة / جبار بچاي
بعد ثلاث سنوات من مغادرته العراق بحثا عن الهدوء والاستقرار في اسطنبول أطلق الفنان التشكيلي والمصمم الرائع بسام الخناق من هناك معرضه الافتراضي الذي حمل عنوان ( 40 كهرمانة ) وهو المعرض العاشر في سلسلة معارضه الشخصية.
وفي لقاء معه قال الخناق ، وهو من مواليد محافظة واسط 1970 وحاصل على شهادة معهد الفنون الجميلة ببغداد ، قسم التشكيل أطلقت معرض فني افتراضي هذه المرة هو العاشر بتسلسل المعارض التي أقمتها ويمثل تجربة ثانية لي في اطار معرض اللوحة الواحدة ، التجربة الاولى كانت في معرض اقمته قبل 30 سنة وكان بمعرضي الأول وقد كتبت عنه الصحافة العربية حينها ونشر في جريدة الانباء الكويتية لكن الحرب استعجلت الامر ولم احصل على نسخة من الجريدة الا بطريق الصدفة بعد احتلال الكويت فاحد الاشخاص رأى صورتي بالجريدة وجلب لي تلك النسخة .
وأضاف ” طرحت بمعرضي الأول عدة أفكار دون تقنية تذكر، دمجت فيها بين التشكيل والتقنيات المسرحية.. خلاصة الفكرة كانت عن مادية الانسان واستحالة تملصه من سجن المادة بالتركيز على ظل المشاهد في تجربة كانت جديدة كليا في حينها ويمكن تبويبها ضمن ما يوصف بالفن المفاهيمي واليوم أطرح فكرة واحدة بأربعين تقنية لإخراج صورة واحدة فقط بما يرافقهن من تأويلات متروكة للمتلقي في فضاء افتراضي من على منصة يوتيوب بسبب جائحة كورونا وانتشار اسلوب المعارض الافتراضية لسد النقص الحاصل بهذا الخصوص .”
وقال ” فكرة المعرض كانت قبل خمس سنوات وهي أن تكون بمعرض تقليدي وبأعمال يدوية اعتمد فيها ثيمة معروفة لعامة الناس مأخوذة عن المثيولوجيا الشعبية متمثلة بتمثال كهرمانة للراحل محمد غني حكمت واعادة صياغتها بعدة اساليب بالرسم واظهارها بأربعين لوحة مختلفة بأسلوبيتها وهذا العمل بطبيعة الحال ليس سهلا لوحدة فكأنك تعيش 40 فنان لتنتج اختلاف في المخرجات وباشرت بالفعل في انتاج مجموعة صغيرة منهن ربما 4 او 5 اعمال لكن الظروف العامة والخاصة لم تمنحني فرصة اتمام العمل ناهيك عن عدم توفر مناخ ملائم للعرض بيئيا واجتماعيا وكذلك الانشغال التام في مهمة التدريس بمعاهد الفنون حينها ما لم يمنحني فسحة كافية من الوقت حتى انتقلت للعيش في اسطنبول منذ نحو ثلاث سنوات ثم رضوخنا جميعا لسطوة عهد كوفيد الذي غير الكثير من المفاهيم واساليب الحياة ومن ضمنها المعارض الافتراضية التي نشطت في الآونة الاخيرة.”
ويمضي بسام الخناق في حديثه قائلا ” اضطررت لتغير اسلوب العرض مع الابقاء على جوهر الفكرة وهو ايصال فكرة للمتلقي باننا نحتاج الى 40 كهرمانة بحنكتها لإجبار الـ 40 حرامي للخروج من الجرار بصبها الزيت الساخن على رؤوسهم – بحسب القصة المتداولة في المثيولوجيا الشعبية – لكننا حتى الان وان تعددت صورنا الكهرمانية لم نجد ذلك الزيت واشرت له بتوحيد مساحة الزيت في كل الصور المصممة بتركها فارغة لتبدو مثل فراغ مساحة من الصورة اثناء عمليات التصميم فتظهر بشكل مربعات بيضاء ورمادية دلالة على انها منطقة فارغة او شفافة من الصورة . “
وتابع ” بهذا حققت وحدة تجمع الاعمال لتكون كعمل واحد ( لوحة واحدة ) وبموضوع واحد من بدايته الى نهايته وليس 40 عمل وبالنهاية اشرت بقطعة البازل هذه اللعبة المعروفة بتجميع الصور بان هناك قطعة مفقودة او ناقصة لتكتمل الصورة ونتمكن من اجبار السراق لإخراج رؤوسهم .”
وعن فكرة المعرض ورسالته قال ” هناك معارض افتراضية بدأت بعد جائحة كورونا تقام على مستوى العالم بشتى المواقع الالكترونية وبعدة اساليب ولأنها غير مألوفة مازالت خجولة بالرغم من الجهد الفائق المبذول فيها لكنها على الاغلب معارض لأعمال تقليدية تصور وتنشر بهيئة معرض .”
مؤكداً أن ” معرض 40 كهرمانة تفرد بانه يعالج موضوع معرض اللوحة الواحدة هذا المجال الصعب نسبيا وبتجارب نادرة عالميا والذي يحمل كم كبير من المجازفة ويتطلب مستوى عال من الجرأة للخوض فيه، اضافة الى تفرده بحسب علمي ومتابعتي بانه معرض لأعمال ديجيتال ارت او كرافيك آرت .. يعرض بهذا الاسلوب .”
مشيراً الى أن ” المعرض الافتراضي من ميزاته ان يفتتح باي وقت يسع المشاهد وقد نشرته على قناتي في منصة يوتيوب باعتبار اهتمام الناس بهذه المنصة وشعبيتها وامكانية وصولها الى المشاهد بيسر .”
مضيفاً ” من اللطيف سابقا كان المشاهد يأتي لزيارة المعرض بوقت محدد وقد يتجشم عناء بتلك الزيارة وقد لا يتمكن من الحضور، أما في المعرض الافتراضي فإننا نذهب الى المشاهد حتى نكون بين يديه باي وقت يشاء .”
وتابع ” على العموم هذه ثقافات واليات جديدة افرزتها التكنولوجيا ولابد لنا في النهاية من مسايرتها واستثمارها بما ينفع مع ملاحظة بالنسبة الديجيتال آرت او هكذا صارت تسمى الاعمال من هذا النوع ، هو صنف اخر من الفنون المعاصرة صارت تنافس الفنون التقليدية ولذا يمكن القول إن هذا المعرض يمكن تصنيفه في الفن الرقمي او الديجيتال آرت.”
وبين أن “هناك التفاتة دقيقة قد تنفع الاشارة لها بما اني تشكيلي اساسا وامارس مهنة الكرافيك ديزاين فلا يخفى على المختص بالذات مدى صعوبة الامساك بالعصا من المنتصف ، أي أن أجمع مابين التشكيل والتصميم في عمل واحد بمخرجات مثل هذا المعرض ينتمي الى عالم الميديا ديزاين أو لنقل بعض تقنيات السينما وهنا حاولت امساكها من المنتصف ، فالمصمم غايته الوظيفة والتشكيلي غايته الجمالية التشكيلي يخاطب الحس والمصمم يخاطب العقل ويمكنني مبدئيا الاطمئنان الى انني حققت بعضا من النجاح بهذه الجزئية من خلال تعقيبات مشجعة لعدد من المختصين الاكاديميين في بيئات مختلفة من العالم.”
وعن البرامج التي استخدمها قال بسام الخناق ” استخدمت في انتاج الاعمال مجموعة من برامج التصميم التقليدية المعروفة لدى المختصين بهذا المجال وادخلت بعض العمل اليدوي ووظفته ، أي هي ليست معالجات فلاتر جاهزة تضاف الى الصورة بل هو بناء ورسم الكتروني للصورة ليخدم تعدد الاساليب الاخراجية للأعمال وقد أعتمدت مجموعة من صور تمثال كهرمانة بنفس الزاوية للرسم عليها واخراج الاعمال وهن لعدة مصورين تعذر علي معرفة مصوريها اما لأنها قديمة او لأنها مطبوعة .”
موضحاً أن ” رابط ” معرض 40 كهرمانة ” على منصة يوتيوب ضمن قناة بسام الخناق المخصصة لموضوعات التصميم والتدريب على برامجه وبالإمكان المختصين والمهتمين متابعة ذلك للوقوف جلياً على المعرض ولوحاته .”