جبار بچاي
مع فصل الشتاء يزداد طلب العراقيين عليها لما فيها من نكهة ومذاق إضافة الى السعرات الحرارية التي تمنحها للجسم، يطلق عليها فاكهة الشتاء وعادة ما يجتمع الرجال على تحضيرها، انها المدكوكة التي تصنع من تمر الزهدي في الغالب مع إضافة السمسم وبعض المطيبات الاخرى، لا قيمة أو طعم لها ما لم يتم عملها باستخدام الجاون حيث يتناوب الرجال في ليالي الشتاء الباردة على عمل المدكوكة التي تكون في النهاية بهيئة كرات من التمر توزع بين الحاضرين في أجواء لا تخلو من السعادة والقفشات الشتوية .
يقول السيد أثير العتبى وهو من أهالي قضاء بدرة بمحافظة واسط لـ ( وطن برس ) ” المدكوكة واحدة من الاكلات العراقية اللذيذة والتي يكثر الطلب عليها في فصل الشتاء وغالبا ما يتم تحضيرها وصنعها من قبل مجموعة من الرجال ممن يجتمعون في أحد المنازل في الليالي الباردة.”
وأضاف “تتجسد المتعة مع المدكوكة في مراحل عملها أكثر من طعمها اللذيذ، غاية المتعة تكون عندما يصنعها الرجال في ليالي الشتاء القارس إذ يجتمعون حول الجاون ويتناوبون في عملية الدق التي تسبقها وتليها مراحل أخرى في عمل المدكوكة التي تكون في النتيجة بهيئة كرات تعد ألذ فاكهة في ليل الشتاء.”
موضحاً ” حين يجتمع عدد من الاصدقاء في ليل الشتاء البارد ويخالطون سمرهم وحكايات الليل مع عمل المدكوكة هنا تتوزع الأدوار بينهم ، فهذا ينظف التمر ويفرغه من النوى وذاك يجهز الهاون وآخرين يتناوبون في عملية دق التمر بعد خلطه مع السمسم ثم تكون المرحلة الاخيرة في العمل وهي عمل الكرات الصغيرة من المدكوكة التي تنتهي بتناولها من قبل الجميع وفي ذلك كسرٌ للرتابة والملل وابتعاد عن حكايات السياسية وضجيجها الذي يشغل العراقيين دوماً .”
مشيراً الى أن “سمة المدكوكة هي العمل الجماعي والتحضير والاعداد، إذ يقوم أحد الاشخاص بتحضير السمسم بعد تنظيفه من القشور وتسخينه قليلا على نار هادئة وتسمى هذه العملية بـ ( تسهية السمسم ) الذي يخلط مع التمر ويوضع في الجاون لتبدأ مرحلة الدق باستخدام أداة يطلق عليها الميجنة وهي عمود من الخشب بمواصفات معينة ، أما الجاون فهو من الخشب أيضا ، عبارة عن جذع لشجرة كبيرة غالبا ما تكون من أشجار البلوط ويتم افراغه من الوسط ليكون مجوف من الداخل ليوضع فيه التمر مع السمسم وفي بعض الاحيان تضاف المطيبات أو لب الجوز لكن هذه الحالة ليست شائعة إنما هي حسب الرغبة.”
ويقول إن “لجوء بعض العائلات الى استخدام مكائن الطحن المنزلية ( الطاحونة أو الخلاط ) لعمل المدكوكة يفقدها هويتها ويجعلها مثل أي نوع من الحلوى التي تصنع بالمصانع خاصة اذا كان العمل يتم من قبل النساء، فلا قيمة ولا طعم للمدكوكة ما لم تحمل هوية الجاون والميجنة وتجمع الرجال حولها والتناوب في عملية الدق لتكون المحصلة النهائية مدكوكة خالصة هي ألذ أكلة في الشتاء يرغبها الكثير من العراقيين لذلك يطلقون عليها فاكهة الشتاء.” أما السيد حسن الهلالي وهو مدرس من قضاء بدرة أيضا فيقول إن ” المدكوكة التي يتم تحضيرها في ليالي الشتاء من قبل بعض الاصدقاء تختلف كثيرا عن المدكوكة التي تعمل في البيوت أو في بعض المصانع الصغيرة جدا كون الاولى تعتمد طريقة التحضير المعتادة باستخدام الميجنة والهاون وبمشاركة عدد من الاصدقاء ، أما الثانية فتدخل فيها الكهرباء ويكون عملها من شخص واحدة عادة ما يكون امرأة تستخدم الطاحونة لذلك نجد فرق بين المدكوكة من النوع الاول عن النوع الثاني.”
لافتا الى أن ” عمل المدكوكة في ليالي الشتاء من قبل الاصدقاء ترافقه الكثير من الذكريات والاحاديث وحكايات السمر التي تضيف الى المشهد القاً خاصة بوجود أصدقاء من شرائح اجتماعية مختلفة ومثل هذا الامر يتكرر دائماً في مدينتنا التي تتميز بإنتاج مختلف أنواع التمور ومنها تمر الزهدي.”