زيد الحلّي
اجد نفسي ، مترحما على روح الرئيس جمال عبد الناصر ، وانا اتابع زيارات رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي ، الى عدد من الدول المهمة التي انتهت امس الجمعة ، فالرئيس عبد الناصر في زياراته طوال فترة حكمه ، يصطحب معه رؤساء تحرير الصحف المصرية المهمة ، وعندما تُفتح ابواب طائرته الرئاسية ، كان يقدم رؤساء التحرير على نفسه ، فكانوا يسبقونه في النزول من على سلم الطائرة ، قبل ان يطل ، وهي اشارة ذكية منه الى اهمية الاعلام والصحافة ، وكان يقدمهم بأسمائهم لمضيفيه لقناعته ان الزيارات على المستوى الرئاسي ليس خبرا مكتوبا او مصورا ، انما هي رؤى تكتنزها عيون الصحفي المرافق ، ينشرها من زوايا مختلفة في صحيفته عند عودته ، وكلنا يتذكر كيف ان مقالات محمد حسنين هيكل ، احمد عباس صالح ، لطفي الخولي ، عبد المنعم الصاوي التي نشروها في اعقاب زيارات عبد الناصر ، كانت مصدرا مهما لوكالات الانباء ، فمن بين سطورها ، اكتشفوا اخبارا ومواقف مصرية غير معروفة .. فالصحافة ، وتحديدا الورقية ، هي التي تؤرخ وتسجل الاحداث للقرون المقبلة ، بالعكس تماما من التسجيل “اللحظي” الذي تنساه الذاكرة ضمن مدة قصيرة ، لذلك نرى ان من يكتب الدراسات الاكاديمية عن السياسات الخارجية للدول ، يعتمد على المنشورات الصحفية ..
كم تمنيت ان يضم وفد رئيس الوزراء ، بعضا من رؤساء التحرير او من يمثلهم ، ليعودوا بانطباعات غير تقليدية عن هذا النشاط من خلال كتابات متنوعة ، تتضمن غير المعلن صوريا من خلال التلفزيون ، بجو من الحرية التي يستسيغها القارئ ، فالصحافة ، مهنة الحرية ، ولا يمكن للصحفي أن ينمو ويؤتي ثماره المبدعة إلا في جو من الحرية . ولا قيمة للإعلام دون صحافة توثق للحاضر والمستقبل ، والصحفي الصادق لا يستطيع أن يتنفس إلا في فضاء نقي ، خال من الانانية واحتكار الافكار ، والصحافة المكتوبة ، تاج الحقيقة ، وهي تعبير حياتي ، والحياة متطورة . والتطور نزعة صاعدة ، متقدمة ، متسعة ، متسارعة دوما ، لا تقف عند حلقة او حدود ولا تحجز انطلاقها قيود او سدود.
زملائي في الفريق الاعلامي للسيد الكاظمي ، لاحظوا ان الاهتمام بزيارات رئيس الوزراء ، سيتلاشى في بضعة ايام ، لكن لو كان ممثلو الصحف معه ، فالاهتمام سيستمر ، ففي حوزة كل صحفي مواضيع عديدة ، وكلها تدخل في مجال التوثيق ..
Z_alhilly@yahoo.com
من صحيفة ” الزمان” الدولية