ابيض اسود
عود ثقاب!!
مازن صاحب الشمري
ما بين نظرية المؤامرة وبين الحقيقة خيط رفيع يتمثل في المعرفة، ولان تضليل المعرفة والنظر لها كل من وجهة نظره، تغيب الحقيقة وتبرز نظرية المؤامرة، نعم العيب في الانسان ونفسه التي ألهمها فجورها وتقواها، وفي ان المسلم من سلم الناس من يده ولسانه، لكن كل ذلك إذا ما قورن بما ينشر على مواقع التواصل الاليكتروني اليوم يؤكد ان عود ثقاب واحد قادر على اشعال حرائق كبرى!! وتحليل ما تقدم يتطلب الولوج الى عمق الخبرة في الحرب النفسية ووسائلها الاتصالية ، فالحروب الناعمة أنواع شتى ، وما جرى في الكشف عن المراسلات الشخصية لوزيرة الخارجية الامريكية يدخل في هذا الاطار الاتصالي ، حينما تؤكد مواقع التواصل الاجتماعي وتنقل عن تراجم ما نشرته صحف ومواقع أمريكية وأوروبية عن هذه المراسلات ، ليس لفضح السياسات الامريكية في احداث العراق ثم الربيع العربي، بل لتؤكد حقيقة واحدة سبق وان اكدها البروفيسور الإسرائيلي “اسارئيل شاحاك” في تحديد أولويات الاستراتيجية الإسرائيلية ما بعد اتفاقيات كامب ديفيد ، وجاء بنظرية “شد الأطراف” المعارضة لهذه الاتفاقية من خلال عنصري القومية والطائفية لتمزيق الهوية الوطنية العربية ومقارنة ما نشرته بعض الدوريات الأميركية عن هذه الاستراتيجية وتلقف اليمين الأميركي المتعصب لهذه الاستراتيجية وتحوليها عبر منظمات صهيونية أمريكية الى سياسات أمريكية ساعدتها ظروف الحروب التي حصلت في المنطقة ومنها الحرب العراقية الإيرانية ثم حرب الكويت وصولا الى احتلال العراق ثم الربيع العربي . السؤال المطروح: من يشعل عود الثقاب ومن يطفئه؟؟ الإجابة الاوضح انه ثالوث الجهل والفقر والمرض الاجتماعي في عموم الساحة العربية والعراق خاصة، سبق وان سألت رئيس جمهورية اليمن الجنوبي بعد اعلان الوحدة اليمنية على هامش اعمال قمة بغداد 1990 عن أسباب فشل الشيوعية في اليمن، فكانت اجابته ” الجهل المتوارث عن القبيلة والدين ” وكم من ندوات وفعليات ثقافية حصلت ما بين ذلك التاريخ حتى يومنا هذا لإطفاء فتنة التعصب للقبيلة والمذاهب ولم تطفأ حتى اليوم !! عراقيا، عاشنا 17 عاما ما بعد 2003 وكنا نامل ان تطفأ جاهلية القرن الحادي والعشرين في التعصب للقبيلة والدين بنوع متسامح يؤكد على ان الدين جاء ليكمل مكارم الاخلاق وان الفروسية لأهل القبائل يمكن ان تجسد مكارم الاخلاق ، فاذا هي حرب أهلية ، وتفجيرات إرهابية لتنظيم القاعدة وداعش، واليوم نواجه نمطا جديدا من نتائج الفوضى غير الخلاقة وشيوع مظاهر المخدرات بشتى أنواعها حتى بات ان ترمي اما فلذات اكبادها في نهر دجلة وان يقتل طفل مراهق والده وووو من الأمور الاعتيادية في نشرات الاخبار…يضاف الى ذلك فشل متجدد في إدارة اقتصاد البلد ومتغيرات امنية في مناطق مختلفة ، تنذر بعودة الحرب الطائفية بأبشع صورها، من المسؤول عن إطفاء عود ثقابها؟؟ اكرر الإجابة ذاتها ، انها الأحزاب التي اجتمعت في صلاح الدين ثم لندن لرسم ملامح الحكم ما بعد 2003 واتفق مع بول بريمر في مجلس حكمه وما زالت تتصدى للسلطة حتى اليوم عليها ان تفتح الحوار الوطني المباشر لإطفاء فتيل حرب أهلية مقبلة ، وترسم خطوات واضحة لترميم أواصر المجتمع في محاربة المخدرات ، هذه الافة التي تفتك بالشباب العراقي ، وتضع قواعد جديدة لإدارة الاقتصاد الوطني وتتفق على علاقات وطنية لأحزاب عراقية من زاخو الى الفاو ومن مندلي حتى القائم تشارك في انتخابات تأسيسية مقبلة لوضع عقد اجتماعي دستوري جديد… وعلى ساحات التحرير ان ترفع هذه الأهداف كمطالب شعبية ، من دون ذلك يبقى وعي المواطن العراقي افضل وسيلة لإطفاء الحرائق المقبلة ، وهذا الوعي بحاجة للتذكير لكن بلا سيطرة .. غير ذلك من الحلول تجعلني اكرر القول …
ولله في خلقه شؤون!!