وطن برس أونلاين

جريدة عربية مستقلة

تحقيقات

بعد اكثر من ( 50 ) عاماً على اكتشافه كيف أكتشف مكان اصحاب الكهف في الرجيب ؟

عمان / محمد بكر :

قصة أصحاب الكهف التي ورد ذكرها في القران الكريم , من القصص الرائعة التي تمثل لنا عظمة الخالق وتذكرنا بوحدانيته وقدرته وحكمته في تدبير الكون وتشير المصادر المسيحية والإسلامية إلى أن الفتية اللذين وردت قصتهم في القرآن الكريم كانوا من أتباع الديانة المسيحية بغض النظر عن الفترة التي ظهروا فيها . وحسب المصادر المسيحية فأن أول من كتب قصة أصحاب الكهف بالسريانية هو جيمس الساروغي وكان كاهناً لمقاطعة ساروغ في العراق وقد ولد سنة ( 452 ) ومات سنة ( 518 م) أي بعد وفاة الامبراطور أثيودوسيس الثاني , وقد نقلت القصة عنه إلى اللغة اللاتنيية بعناية غريغوري حوالي القرن السادس الميلادي ، وحسب مصادر أثرية أردنية فأن الساروغي عاصر

الإمبراطور جستينيوس الأول الذي حكم سنة ( 518- 527 ) وفي زمانه بنيت الصومعة فوق الكهف كما ثبت ذلك بالبينات الآثرية ، وقد عثر على نقوده عند قواعد البنيان ، وقد نقلت هذه القصة من السريانية إلى اليونانية واللاتينية والهندية والفارسية ثم إلى العربية وإليها أستند المفسرون والمؤرخون في سرد تفاصيل هذه القصة . وجاء في دائرة المعارف للأخلاق والديانات تعقيباً على هذه القصة ( أن قصة النائمين السبعة من اكبر القصص التي تروي عن القديسين من حيث المتعة العقلية والذيوع في الآفاق ) ومما يذكر أن ذكرى هؤلاء الفتية حفظت في أجتماعات العشاء الرباني في الشرق المسيحي ، وحسب كتاب ( أهل الكهف ) للباحث محمد تيسير ظبيات فان أحد رجال الكهنوت في عمان أخبره أن لديهم صلاة خاصة تحمل أسم الرقيم نسبة إلى جيل الرقيم . وتروي المصادر التاريخية الأسلامية أن اصحاب الكهف الوارد ذكرهم في كتاب الله العزيز عاشوا عهد حاكم روماني ظالم عرف بجبروته وبطشه واجبار رعاياه على عبادة الآوثان والسجود لها ولكن هؤلاء الفتية أصحاب الايمان الراسخ والأبحاث الصادقة رفضوا هذه العبادة وانصرفوا إلى عبادة الواحد الاحد ، ولما أخذ الحاكم يستعمل وسائل العنف ويهدد بالبطش والقتل كل من لايرضخ لأرادته في عبادة الأوثان  فروا من المدينة التي كان يحكمها والتجأوا إلى كهف قريب من المدينة وجعلوه مأوى لهم ، وكان يصحبهم كلبهم الذي يتولى حراستهم وفي هذا الكهف عكفوا على العبادة والصلاة والابتهال إليه تعالى بأن ينقذهم من شر ذلك الحاكم وينشر عليهم ظلال رحمته فاستحاب ربهم لدعائهم ومصت قرون بعده حتى تولى الحكم ملك صالح يؤمن بالله ، وكان الناس في عهده يتجادلون في موضوع فأيقظ هؤلاء الفتية من نومهم بعد ثلاثمائة من السنين وأزدادوا تسعا . ولما أستيقظوا توهموا انهم باتوا ليلة واحدة واحسو بالجوع فبعثوا بأحدهم إلى المدينة متنكراً ليأتيهم بالطعام ولكن الناس في ذلك البلد أشتبهوا بأمره فوشوا به الى الملك العادل وبعد أن استمع إلى قصته وتاكد من صحة دعواه تذكر الجميع حادث فرار أولئك الفتية وتواريهم عن الآنظار في عهد الحاكم الطاغية ، وكان يتحدث عنهم اجدادهم فتوجه الملك إلى الكهف ومعه قواده وافراد حاشيته ليروا المعجزة الإلهية في اروع مظاهرها ولما وصلوا قبض الله أرواحهم ن فأمر الملك بأن يبنى على باب الكهف مسجد يصلي فيه وجعل لهم عيداً عظيماً يحتفل به في كل عام .
العثور على الكهف
في شهر كانون الأول – أكتوبر – من العام 1953 من القرن الماضي عثر الباحث الأردني محمد تيسير ظبيات على جبل متوسط في العلو ، وعلى بعد مئات الأمتار منه يقع كهف فيه بعض الأضرحة وبداخلها عظام ، وباب الغار يتجه إلى الجنوب وعلى جانبيه عمودان منحوتان في الصخر . ولفت نظره وجود نقوش بيزنطنية فوق العمودين وكانت تغطى الغار من جميع جوانبه أكوام من الحجارة والتربة والانقاض ، وعلى بعد مائة متر هناك قرية صغيرة تدعى الرجيب بعد ذلك بادر هذا إلى نشر مقال مع صورة فوتوغرافية للكهف في أحدى الصحف الصادرة في عمان وأخرى في دمشق . وفي عام 1963 بدأت دائرة الآثار العامة الاردنية بالتنقيب عن الكهف ، ويقع كهف أهل الكهف في منطقة الرقيم على بعد نحو ثمانية كيلو مترات من العاصمة عمان بالقرب من قرية تسمى رجيب والكهف في جبل محفور على الصخرة في السفح الجنوبي منه وإطرافه من الجانبين الشرقي والغربي مفتوحة يقع عليه شعاع من الشمس منها وباب الكهف يقابل جهة الجنوب , وفي داخل الكهف صفة صغيرة ( مصطبة ) تقرب من ثلاثة امتار في مترين ونصف على جانب سطح الكهف المعادل لثلاثة في ثلاثة تقريباُ وفي الغار قبور عدة على هيئة النواويس البيزنطنية كأنه ثمانية أو سبعة , وعلى الجدران نقوش وخطوط باليوناني والثمودي ممحية لاتقرأ وأيضاً صورة كلب مصبوغة بالحمرة وزخارف وتزويقات أخرى ، وفوق الغار اثار صومعة بيزنطية ( المسجد ) وتدل النقود والآثار الاخرى المكتشفة فيها على كونها مبنية في زمن الملك جوستيفوس ( 418- 427 ) وأثار اخرى تدل على أن الصومعة تحولت ثانية بعد أستيلاء المسلمين على الأرض مسجداً إسلامياً مشتملاً على المحراب والمئذنة ومكان للوضوء . وفي الساحة المقابلة لباب الكهف اثار مسجد أخر بناه المسلمون في صدر الأسلام ثم عمروه وشيدوه مرة بعد مرة وهو مبني على انقاض كنيسة بينزنطية ، وهناك أثار شجرة زيتون تاكلت بفعل الزمن وقد اختلفت الاراء في عدد أصحاب الكهف ، فاليونان واللاتين تقول سبعة والسريان ثمانية واليعاقبة ثلاثة ولكن القرآن الكريم يحسم الآمر ويقول ( قل ربي اعلم بعددهم ) وكانت مجلة الشرطة والأمن العام  التي تصدر في دمشق اول من أشار إلى اكتشاف موقع أصحاب الكهف الموجود قرب عمان ، فقد نشرت في احد أعدادها بتاريخ 15 / 12 / 1953 مقالاً عن هذا الموقع والقرائن التي تدل على أنه هو الكهف الوارد ذكره في القرآن الكريم أستنادً إلى أقوال بعض المفسرين وعلماء التاريخ والجغرافيا المسلمين وبعض المستشرقين الذين أتيحت لهم زيارته .
ويذكر أن كلمتي ( الكهف والرقيم ) كانتا على السنة القوم في الجزيرة العربية ففي شعر لأمية بن أبي الصلت وردت هاتان الكلمتان في قوله .
وليس بها إلا الرقيم مجاوراً
وصيدهم والقوم في الكهف الواردهجد
واخيراً أن الرقيم في اللغة تعنى النقش الكتابة , قال الله تعالى في سورة المطففين ( كتاب مرقوم يشهده المقربون ) والمرقوم إذا هو المكتوب والمنقوش , ويروى أن الكهف الذي أوى إليه اصحاب الكهف كان منقوشاً في الداخل بالكتابات القديمة وغيرها  والذي يزور الكهف القريب من عمان ويمعن النظر في داخله وعلى جدرانه يجد تلك الكتابة على حقيقتها ، إن  كهف اصحاب الكهف لهو اثر يستحق الزيارة فهو يذكرنا بأولئك الفتية الذين امنوا بربهم وزادهم هدى .

 

اترك ردا

Developed and designed by Websites Builder Ph:0449 146 961