يرصد شاعر مصري كيف تأثر الشاعر العراقي بدر شاكر السياب أحد رموز الشعر الحر في العالم العربي ببعض الشعراء العرب القدامى والمحدثين وبعض الشعراء الأجانب الذين ترجم لهم قصائد كان يضمن بعض صورها في شعره. ويقول حسن توفيق إن دراسة مدى تأثر السياب (1926-1964) بغيره قضية “جديرة بالاهتمام” بعيدا عن أحاديث السياب نفسه عن تأثراته التي يجب “أن نقترب منها بشيء من الحذر فلا نغفلها تماما ولا نصدقها تماما”.
ويضيف توفيق (69 عاما) والمقيم في الدوحة منذ نهاية السبعينات في مقدمة بلغت 38 صفحة من كتاب (بدر شاكر السياب، أصوات الشاعر المترجم) أن هذه التأثرات يجب أن تكون من خلال الدراسة المقارنة لقصائد السياب وغيره من الذين تأثر بهم. والكتاب الذي يقع في 167 صفحة متوسطة القطع يوزع مجانا مع العدد الجديد من مجلة الدوحة القطرية ويضم مختارات من قصائد السياب وترجماته لأشعار 16 شاعرا أجنبيا منهم الإسباني فدريكو جارسيا لوركا والأمريكي إزرا باوند والهندي طاغور والتركي ناظم حكمت والإيطالي أرتورو جيوفاني والبريطانيان تي إس إليوت وإديث سيتويل ومن تشيلي بابلو نيرودا.
وصدرت ترجمات السياب لأول مرة عام 1955 بعنوان (قصائد مختارة من الشعر العالمي الحديث). ويقول توفيق إن السياب تأثر بشعراء عرب وأجانب في مراحل تطور تجربته الشعرية وبخاصة في الخمسينيات “في مرحلة الالتزام الماركسي وما تلاها” ناقلا عن السياب قوله إنه يحب البريطانيين وليام شكسبير وجون كيتس.
وينقل قول السياب “وأكاد أعتبر نفسي متأثرا بعض التأثر بكيتس من ناحية الاهتمام بالصور بحيث يعطيك كل بيت صورة وبشكسبير من ناحية الاهتمام بالصور التراجيدية العنيفة. وأنا معجب بتوماس إليوت.. متأثر بأسلوبه لا أكثر… ولا تنس دانتي فأنا أكاد أفضله على كل شاعر.” ويقول توفيق إن السياب ذكر عام 1956 أن البحتري “أول شاعر تأثر به ثم وقع تحت تأثير الشاعر المصري علي محمود طه (الذي توفي عام 1949) فترة من الزمن وعن طريقه تعرف على آفاق جديدة من الشعر حين قرأ ترجماته للشعراء الإنجليز والفرنسيين.”ويسجل توفيق أيضا تأثر السياب بكل من أبي تمام والبريطانية سيتويل إذ نقل عنه قوله “حين أراجع إنتاجي الشعري ولا سيما في مرحلته الأخيرة أجد أثر هذين الشاعرين واضحا فالطريقة التي أكتب بها أغلب قصائدي الآن هي مزيج من طريقة أبي تمام وطريقة إديث سيتويل”. وأشاد السياب بالشاعر العراقي محمد مهدي الجواهري (1899-1997) الذي كان يلقب بمتنبي العصر واعتبره “أعظم شاعر” في ختام النهج التفعيلي للشعر العربي.
ويخلص من أحاديث السياب إلى أنه تأثر بكل من البحتري وابن الرومي وأبي تمام والمتنبي ومهيار الديلمي “دون أن يذكر أبا العلاء المعري الذي يبدو أثره فيه واضحا” قائلا إن شطرا كاملا من شطري بيت ورد في لزوميات أبي العلاء المعري “تسلل” داخل سطور قصيدة (مدينة بلا مطر) للسياب ..
فالمعري يقول “سحائب مبرقات مرعدات-لمهجة كل حي موعدات”. ويقول توفيق “سنجد أن الشطر الأول من هذا البيت قد ورد بنصه عند السياب -الذي قدم صفة على صفة- في قوله..
“سحائب مرعدات مبرقات دون أمطار-قضينا العام بعد العام بعد العام نرعاها”.
ولم يفسر توفيق سبب عدم اشارة السياب الى تأثره بالمعري. ويقول إن السياب كان يلجأ “في أحيان قليلة” إلى ترجمة أبيات من شعر سيتويل ويضمنها “في شعره” مستشهدا بقصيدته (الأسلحة والأطفال) التي يقول فيها: “ومن يفهم الأرض أن الصغار-المصدر: وكالة اور نيوز