وطن برس أونلاين

جريدة عربية مستقلة

أهم الأخبار اقتصاد

الى اصحاب الضمائر الميتة:  اللؤلؤ الأحمر .. يستغيث !

  زيد الحلي

كان مروري مصادفة صباح امس الاول “الثلاثاء” من امام الشارع العام لـ”علوة الرشيد” في الكرخ .. وشهدتُ قبل الوصول الى مدخل الشارع ، ازدحماً شديدا … تزاحمت مركبات الحمل الصغيرة ، بشكل متنافر ، واحدة تسابق الاخرى في مشهد  يفتقر الى الذوق ، وبعد لأي ، وصلت الى مقدمة الشارع ، فتنفست الصعداء ، آملا في اجتيازه وصولا الى البيت بعد ان اديت واجبا اجتماعيا في الحلة ..

حين احدثكم عن سبب ذلكم الازدحام ، وتلك الفوضى ، ستصابون بالدهشة .. انها الطماطم او ( الطماطة ) .. نعم انها الطماطة ، او اللؤلؤ الأحمر، كما يسميه علماء الاقتصاد الزراعي … آلاف الصناديق المملوءة بها ، ينادي اصحابها بأصوات مبحوحة ( الصندوق بألفي دينار)  والصندوق يزن 20 كيلو ، اي ان الكيلو بمائة دينار!

زيد الحلي

استوقفني الأمر ..

 ترجلت لأتأكد : هل ما اسمعه صحيح ؟ فعلا ان الامر صحيح، ثم وانا اتحدث مع احد اصحاب المركبات ، التف حولي العشرات ، عارضين بضاعتهم بسعر اقل .. عجيب.. وحين سألت قالوا ( ان ما تراه الان ، هو قليل من كثير .. فالفلاحون تركوا حصاد الطماطة في هذا الموسم ، لأن اسعار الصناديق وكلفة النقل الى العلاوي لتسويقها ، اعلى بكثير مما يحصلون  عليه ) ..لا اله إلا الله .. قلت ذلك في نفسي ، وتوكلتُ عائدا الى البيت ، وفي سري اقول : ترى لماذا هذا الحال ، ولماذا نخذل الفلاح الى هذا الحد ؟ من وراء  هذا الخذلان ؟ 

منذ مدة بعيدة ، واخرى قريبة  ، علت الاصوات ونادت واكدت على ضرورة تشجيع القطاع الزراعي ، فالأمن الزراعي لا يقل اهمية عن خطورة اي أمن آخر .. وقد ادى الفلاح العراقي امانته ، برغم عدم وجود اي دعم من ( الدولة) وشمّر عن ساعديه ، واتجه الى ارضه مع عائلته ، وحولها من  جرداء ، الى خضراء منتجه ، لكنه لم يجن شيئاً .. مع الاسف .

واعود الى اللؤلؤ الاحمر ، واتساءل : ألم يكن بالإمكان ان تشتري وزارة الزراعة الفائض من محصول الطماطة  بأسعار تشجيعية ، وتدفع بها الى معاصر محلية ، يمكن توفيرها من القطاع  الصناعي الحكومي والخاص لإنتاج معجون عراقي ، وتقوم بتسويقه الى الاسواق .. وبذلك ،  تضرب عصفورين بحجر واحد .. تنمية وارداتها ، وتشجعاً للفلاحين ..ولمن يسأل عن الجدوى الاقتصادية لمعجون الطماطة ، اقول ان العراق استورد من بداية هذه السنة لغاية العاشر من آذار الماضي من تركيا فقط ما قيمته  17 مليون و895 ألف دولار.( حسب  وكالة ترك بريس)…وربما من بقية البلدان اضعاف هذا الرقم … علما ان صناعة المعجون لم تصل بعد الى علوم الفضاء ، بل هي بسيطة ، لا تتعدى معاصر، من (السل ستيل) وملح وقليل من المواد الحافظة! 

ما أشرتُ اليه ، ينطبق على  عشرات المنتجات الزراعية ، التي يوفرها الفلاح العراقي الكريم ، لكنها تفتقر الى الحماية المطلوبة .. كفى يا من بيدكم الامر .. كفى ، فلقد بلغ السيل الزبى .. الباميا العراقية متوفرة ، لكن امامها المستورد ، والرقي كذلك ، والفاكهة العراقية بأنواعها متوفرة ، لكن الاجنبية تنافسها ..

الم تشبع البطون .. ملايين الدولارات التي تذهب الى خارج الحدود، شعبنا احق بها ..!

————————————————-

( عمودي ” همس وصراخ” في صحيفة الصباح – بغداد )

اترك ردا

Developed and designed by Websites Builder Ph:0449 146 961