عبدالسادة البصري/ العراق
الصرخة النوّابية هذه أرددها كلمّا أتذكّر كيف كانت آمالنا وأمنياتنا بما ستؤول إليه الأمور بعد التخلّص من النظام الفاشي ، حيث كنت ومعي كل الناس نمنّي النفس بحاجات كثيرة ، ستتغيّر في البلاد!
قبل سقوط النظام الاستبدادي كانت هناك آمال كثيرة كازدهار البلاد وعمران المدن والجودة في الخدمات وتغيّر الظروف المعيشية نحو الأحسن والأفضل ، وانفراج أزمة السكن والبطالة، واستقرار الأمن والأمان. وكنا نترقّب لحظة شروق شمس الحرية وزوال الغمّة عن سماء الوطن ، لكن ظهر أن البيت الشعري ( ما كل ما يتمنى المرء يدركه / تجري الرياح بما لا تشتهي السفن ) حقيقة تجسدت في بلدنا بعد عام 2003 . إذ تبخرت أحلامنا وصارت دخانا تطوّحه الرياح ، بفضل مَنْ أمسك بزمام أمور البلاد والعباد وترك الحبل على الغارب لمن عاث في الأرض فسادا ، لا عمران ولا ازدهار ، لا استقرار ولا أمان ، لا ظهور بوادر انفراج لأزمة ما ، بل أخذت الأزمات بالتفاقم يوما بعد آخر ، وترى الناس كل يوم في حكاية وشأن ، من أزمة إلى أزمة. وإلاّ ما حكاية الحرائق التي تشتعل هنا وهناك في مزارع الحنطة والشعير ومخازن الطحين؟!
وسؤال يتبادر إلى الذهن : ألا تستطيع الحكومة أن تضع يدها على المسبب والسبب وتعالج الأزمة هذه ؟! أم أنها ستظل واقفة على التل متفرجة كحالها دائما ؟!
استفحال الجريمة ، وشيوع المخدرات وانتشارها، دون التحرك وبقوة وحزم للحد منهما بكل الوسائل المتاحة ، من حساب وعقاب ، وتثقيف وتعليمات ، ومنع صارم لكل شيء يساعد على انتشارها!
المخدرات آفة ستفتك بشعبنا وبلدنا ، بعدما كان العراق معبرا لها ، حيث يقوم المهربون بنقلها من مصادرها إلى دول أخرى ، صار العراق الآن مكانا لها وبؤرة تعاطٍ استفحلت بأشكال وأساليب شتى ، وكل يوم في تزايد مستمر وبطرق عجيبة غريبة ، دون أي تحرك جدّي وحازم للحدّ منها ! أزمة السكن والبطالة في تفاقم مستمر ، فلم نسمع ببوادر حل لها من توزيع قطع أراض إلاّ ما ندر وعلى فئات محدودة جدا ، أو تعيين أي شخص، رغم تخرج الآلاف من الجامعات والمعاهد ، نراهم يقتعدون الأرصفة وتقاطعات الطرق والمقاهي عاطلين عن كل شيء ، ولم نسمع بقرار أو مقترح لحل هذه الأزمة أو تلك!
الموظفون والمتقاعدون وحكاية توطين رواتبهم على وفق البطاقة الالكترونية وما سيترتب عليها من استقطاع في رواتبهم دون أدنى بارقة أمل لحل أزماتهم مع الرواتب دائما !
صرنا ندور في دوامة من الأزمات والمشاكل وعدم الاستقرار، تكبر وتظهر كل يوم بجديد، وإذا لم يكن ثمة حل لها ستبقى أحلامنا مسروقة إلى ما لا نهاية ، بل سننساها وننسى الفرح أيضا
لم نفرح أبدا منذ عقود، وكنا نمنّي أنفسنا بزوال الغمة كي نفرح ، لكن فرحنا تلاشى بفعل الفساد ورجاله الذين تحجرت ضمائرهم وصاروا عبيدا للسحت الحرام بكل أشكاله ، فسرقوا الكحل من العيون والأمل من النفوس والفرح منّا! لكننا في النهاية لن نستسلم! وامامنا معهم جولات وجولات!