توقفت الدراما العربية عند منعطفات العلاقة بين بعض السياسيين المتنفذين هنا وهناك وما انطوت عليه من تداعيات وإرهاصات. ومن الأعمال التي تعرض الآن مسلسل عراقي عبر قناة «السومرية» بعنوان «الماز»، يكشف الصراع بين مجموعة من المتنفذين في زمن النظام العراقي السابق والغجر الذين يطلق عليهم في العراق اسم «الكاولية» من خلال حكاية تقترب كثيراً من الواقع. قصة وسيناريو وحوار المسلسل للكاتب العراقي صباح عطوان الذي قدم للدراما العراقية مجموعة من افضل الدرامات الرصينة في ايام مجدها. يقول عطوان ان المسلسل «تحليلي لمرحلة اجتماعية وسياسية مضت ويمثل بحياديته وعفويته شهادة تأريخية على مرحلة من حياة الناس والأفراد في المجتمع العراقي، باتت محط دراسة واستقراء لا غير»، مضيفاً: «جعلنا من «الماز» حجر رشيد يحلّ الرموز وبوتقة نشاهد من خلالها حياة كاملة لزمن عشنا فيه ولم نعرفه جيداً». المسلسل يقع في ثلاثين حلقة ونفذته لحساب قناة «السومرية» شركة «فنون الشرق الاوسط» للإنتاج والتوزيع الفني وأخرجه الفنان الشاب محمد كمر في اول تجربة متكاملة له بعدما خاض اخراج مشاهد كردستان في مسلسل «طائر الجنوب» ومشاهد بغداد في مسلسل «عائد من الرماد»، فضلاً عن مهمة المخرج المنفذ لعدد آخر من الاعمال. معظم أحداث العمل تدور داخل أروقة مبنى الأمن العام في حي البلديات شرق بغداد الذي كان شاهداً على كثير من القضايا التي ذهب ضحيتها عدد من أبناء الشعب العراقي. وحُشدت لهذا المسلسل مجموعة من نجوم الدراما العراقية مثل جواد الشكرجي وآلاء حسين وسعد مجيد ومحمد هاشم وهند طالب وأحمد طعمة وأحلام عرب وصبا ابراهيم وأحمد شرجي وعلي قاسم الملاك وعلي داخل وقاسم السيد وإحسان هاني ونجم الربيعي وغيرهم.
تدور القصة حول العلاقة التي ربطت الراقصة الغجرية «الماز» (هند طالب) بالعميد مروان مدير الأمن الاقتصادي آنذاك (ويجسد شخصيته النجم العراقي جواد الشكرجي)، فنرى من خلال الأحداث تسلط الأجهزة الأمنية على المواطنين ونتابع كيف يتمسك العميد بألماز، فتسوء العلاقة بينه وبين زوجته لتصل أخبار تجاوزاته وخروقاته إلى الجهات العليا. النجمة آلاء حسين التي تلعب دور زوجة العميد مروان، تقول عن هذه الشخصية: «هي شخصية مركبة من أجمل الشخصيات التي كتبها صباح عطوان. كما انها أكبر من عمري وهي ابنة فريق في الجيش، وعندما تعرف من خلال احد أتباع زوجها بعلاقته بالراقصة الغجرية، تصاب بهستيريا حادة بسبب الغيرة والإحساس بالاهانة، خصوصاً أن والدها هو الذي ساعد زوجها على الوصول الى هذه المكانة المرموقة».
اما الفنان سعد مجيد فيقدم في هذا العمل شخصية مغايرة لما قدمه من شخصيات من خلال دور «اللواء مدحت». وعنه يقول: «حاولت ان أقدم صورة ايجابية عن ضباط الجيش العراقي الذين ضحّوا كثيراً. فأنا هنا مكلف من الرئاسة للتحقيق في تجاوزات الامن الاقتصادي التي كان مثالها السلبي العميد «مروان» وتابعه «شاكر بلجيكي». وشاكر بلجيكي هذا قصته قصة ويؤدي شخصيته الفنان محمد هاشم الذي يقول عنه: «هو شرطي اول في الأمن الاقتصادي ويبدو غبياً، لكنه كان محركاً للأحداث من خلال مؤامرات واتفاقات مع شخصيات اخرى لها علاقة بالعمل وتلبية كل اوامر آمره العميد «مروان» ورغباته». ويضيف: «على رغم ان شخصيته تكاد تكون مفعمة بخفة ظل مميزة، لكنه كان قريباً الى الشيطان في تصرفاته وقدرته على لعب كل الادوار… وهو بذلك شخصية مركبة وجديدة في مساري الفني أتمنى ان اكون قد وفقت فيها».
الفنان علي قاسم الملاك الذي جسد شخصية النقيب «ضرغام» اليد الضاربة للعميد «مروان»، تولى في الوقت ذاته مهمة مدير انتاج المسلسل. ويقول: «ضمّ العمل اكثر من ألف مشهد صوّرت في 150 موقعاً رئيسياً بينها مبنى الامن العام، اضافة الى مزابل الفضيلية وبيوت ومستشفيات ودائرة الطب العدلي ومشاريع كهرباء ومزارع، وكلها في بغداد فضلاً عن مزارع في العاصمة الاردنية عمان». ويضيف: «وعلى رغم تميز العمل بمحدودية أبطاله، هناك ممثلون داخل كل مشهد هم بمثابة أبطال، ووصل عدد ممثلي الادوار الرئيسة الى 40 ممثلاً وممثلة والأدوار الثانوية الى 130 ممثلاً وممثلة». المسلسل عمل درامي صرف يأخذ صفةً تحقيقيةً ودراميةً أساسها التوتر وشد الأنفس والتشويق والملاحقة البوليسية. ويُعد من الدراما الاجتماعية التي تتحدث عن شريحةٍ من المجتمع والصراع الذي تعيشه المرأة حين تشعر بالخيانة أو المهانة، لذا يشتبك في صراعات المناصب والمنافع والمشاكل الزوجية حين تتسع لتكون أكبر من حجمها.