بدأ الرئيس الامريكي جولة اسيوية تشمل ثلاث دول، بزيارة لتايلاند يوم الاحد، مستخدما اولى رحلاته الخارجية بعد الانتخابات لمحاولة اظهار جديته بشأن تحويل تركيز الاستراتيجية الامريكية ناحية الشرق. واللافت ان جولة الرئيس الامريكي بدأت من آسيا التي باتت تعتبر من الاولويات في السياسة الخارجية الامريكية، وذلك في مستهل جولة تشمل ايضا زيارة تاريخية الى بورما. وفي بانكوك، أولى محطاته، رافق راهبٌ أوباما ووزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون في زيارة خاصة لمعبد وات فو الملكي. وسمع اوباما وهو يقول للراهب: “نحن نعمل على هذه الموازنة. سنحتاج لكثير من الصلاة من اجل ذلك” في اشارة إلى ازمة مالية في واشنطن بشأن زيادة الضرائب وخفض الانفاق قد تبدأ في نهاية العام الا اذا توصل اوباما والجمهوريون في الكونجرس الى اتفاق. وجرى تشديد الاجراءات الامنية في مطار دون موانج القديم في بانكوك استعدادا لوصول اوباما لكن هذه الاجراءات لم تكن ملحوظة في المعبد الذي يمثل المركز التاريخي للمدينة على الرغم من ان الطرق حول المبنى كانت مغلقة ولم يسمح للسائحين بدخوله. وبعد زيارة المعبد توجه اوباما للقاء الملك بومبيون ادولياديج (84 عاما) اطول ملوك العالم بقاء في الحكم والذي يرقد في المستشفى حيث يتعافى من مرض منذ سبتمبر/ ايلول 2009 . وجعل الحديث الهادئ للملك اوباما يبتسم. ورد الرئيس قائلا “الانتخابات في الولايات المتحدة طويلة جدا لكن من الممتع جدا ان أعرف ان الناس لا يزال لديهم ثقة بي.” واضاف “فكرت ان من المهم جدا ان تكون زيارتي الاولى بعد الانتخابات لتايلاند التي هي حليف كبير.” ثم قصد اوباما مقر الحكومة حيث استعرض حرس الشرف، حيث عقد محادثات ومؤتمرا صحفيا مع رئيسة الوزراء ينجلوك شيناواترا. وتعتبر الادارة الامريكية تايلاند حليفا رئيسيا من اجل اعطاء دفعة “لمحور اسيا” الذي اعلن عنه اوباما العام الماضي واضعا نصب عينيه الصين التي تزداد نفوذا وقوة. ووصف اوباما المولود في هاواي وقضى جزءا من شبابه في اندونيسيا نفسه بأنه اول رئيس أمريكي من منطقة المحيط الهادي. ويشمل جدول اوباما زيارة تاريخية لبورما التي كانت معزولة في وقت من الاوقات وحضور قمة شرق اسيا في كمبوديا في مسعى منه لاعادة تقييم الالتزامات الاقتصادية والامنية الامريكية لمواجهة النفوذ الصيني في وقت تخرج فيه من حربين في العراق وافغانستان.
لكن سيكون منشغلا خلال زياراته بالازمة في قطاع غزة بين اسرائيل ونشطاء حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وكذلك بمشاكل اقتصادية في بلاده. وخلال ولايته الرئاسية الاولى، جعل اوباما من منطقة اسيا – المحيط الهادئ محورا رئيسيا في الدبلوماسية الاميركية. وهذا الامر يشمل زيادة في التعاون العسكري مع استراليا، تايلاند وفيتنام اضافة الى اعادة نشر للقسم الاكبر من الاسطول الاميركي في اتجاه المحيط الهادئ بحلول عام 2020 ومن هنا يبدو منطقيا اختيار اوباما لمنطقة جنوب شرق اسيا ليجري فيها اولى رحلاته الى الخارج منذ اعادة انتخابه في السادس من الشهر الجاري، والخامسة الى القارة منذ تسلمه مهامه الرئاسية في 2009.
وتشمل الجولة تايلاند وبورما وكمبوديا التي يلتقي فيها قادة منطقة اسيا – المحيط الهادئ خلال قمة لهم في بنوم بنه. وقال مساعد مستشار اوباما للامن القومي بن رودس مؤخرا ان ابقاء اوباما على الدور المحوري لاسيا “سيكون جزءا اساسيا من الولاية الثانية للرئيس وفي النهاية (جزءا) من ارثه في السياسة الخارجية”. وتعتبر تايلاند التي اهدت الرئيس الاميركي السابق ابراهام لينكولن فيلة خلال الحرب الاهلية الاميركية في اواسط القرن التاسع عشر، اقدم حلفاء الولايات المتحدة في اسيا.
الا ان المملكة شهدت اضطرابات سياسية وانقسامات حادة في السنوات الاخيرة. وكان انقلاب عام 2006 دفع بالاميركيين الى تعليق علاقاتهم العسكرية لمدة عام مع بانكوك المستمرة منذ الحرب الكورية في الخمسينات. ومع ذلك اشار وزير الدفاع الاميركي ليون بانيتا الذي زار بانكوك ايضا هذا الاسبوع الى دور بانكوك “كقائد اقليمي”. وتعتبر القواعد الجوية والمرافئ في تايلاند حيوية بالنسبة للشبكة العسكرية الاميركية في اسيا، وينفذ البنتاغون فيها سنويا مناورات عسكرية من بينها عملية “كوبرا غولد” التي شارك فيها العام الماضي 13 الف جندي من 24 بلدا. وللمرة الاولى، قد تتم دعوة بورما للمشاركة بصفة مراقب في مناورات العام المقبل، في مؤشر جديد على التقارب بين الولايات المتحدة وبورما التي يجري اوباما فيها الاثنين زيارة خاطفة لكنها تحمل رمزية كبيرة. ويلتقي اوباما في رانغون نظيره البورمي ثين سين الذي قام بعدد من الاصلاحات منذ حل المجلس العسكري الحاكم في مارس/ آذار2011، كما يلتقي اونغ سان سو تشي التي يؤشر منصبها الجديد كنائبة الى التغييرات الكبيرة في البلاد.