د.حسن الياسري*
بغداد
لقد شهدت السنوات الماضية تزايداً ملحوظاً في الحديث عمَّا سُمِّيَ بــ(ملف الوكالات) أو (الإدارة أو العمل بالوكالة)، تلك الإدارة التي شملت مناصب رؤساء هيئات ووكلاء وزارات ومديرين عامين، مدنيِّين وعسكريِّـين. وليس بخافٍ أنَّ هذا الحديث قد بدأ في عهد حكومة السيِّد المالكي الثانية، بيد أنه ازداد بشكلٍ ملحوظٍ ما بعد ذلك في حكومة السيِّد العبادي، التي كانت تتضمَّن في بعض فقرات منهاجها الوزاريِّ تعهُّداً بإنهاء هذا الملف. وعند انبثاق مجلس النواب الجديد كان من ضمن الأمور التي طلبها من الحكومة الجديدة عند تأليفها التعهُّد بإنهاء ملفِّ الإدارة بالوكالة، وهو ما تضمَّنه المنهاج الوزاري المعلن من قبل السيِّد رئيس مجلس الوزراء (عادل عبد المهدي) في تشرين الأول من عام 2018 . ثم قام مجلس النواب من بعد ذلك بتضمين قانون الموازنة العامة الاتحادية لعام 2019 مادةً (المادة 58) تتعلق بوجوب إنهاء الإدارة بالوكالة، وحدَّدت المادة أمداً زمنياً لهذا الإنهاء يتمثَّـلُ في الثلاثين من حزيران من عام 2019 ؛ فقد ورد في هذه المادَّة الآتي: (تلتزم الحكومة بإنهاء إدارة مُؤسَّسات الدولة بالوكالة ما عدا الأجهزة الأمنية والعسكرية في موعدٍ أقصاه 30-6-2019 ..) . ويعلم المتخصِّصون أنَّ ما ورد في هذه المادة يُعَـدُّ خطأً يُبيح الطعن بها دستورياً أمام المحكمة الاتحادية؛ ذلك أنَّ قانون الموازنة العامَّة لا علاقة له بهذا الأمر لا من قريبٍ ولا بعيدٍ، وهكذا فيما يتعلق ببعض مواد قانون الموازنة العامَّة الأخرى، من أمثال تحديد مُدَّة الإيجار ومبلغ الإيجار لبعض العقارات، وما شابه ذلك من أمورٍ غريبةٍ يتضمَّنها هذا القانون في كلِّ عامٍ !!
وكان الأولى بالبرلمان النأي عن هذه الأمور التي تتعارض مع طبيعة قانون الموازنة العامة؛ إذ من المعلوم أنَّ هذا القانون ينظم أمر الموازنة – نفقاتٍ وإيراداتٍ – ، ولا علاقة له بالأمور الأخرى البعيدة عن طبيعته !!
وفي محاولةٍ لمعالجة مشكلة الإدارة أو العمل بالوكالة قانونياً، أجد من الضروري التطرُّق إلى المسائل الثلاث الآتية :
1- المسألة الأولى: هل الإدارة بالوكالة على مستوى الدولة تُعَـدُّ خطأً من الناحية القانونيَّة ينبغي تصحيحه ومعالجته ؟
2- المسألة الثانية: ما هي الآلية المثلى لمعالجة هذه المشكلة من الناحية القانونيَّة ؟
3- المسألة الثالثة: ما مصير أولئك الذين خدموا الدولة لسنين طويلة بالوكالة، ويُراد الآن إزاحتهم أو إزاحة بعضهم ؟
1- المسألة الأولى:
هل الإدارة بالوكالة على مستوى الدولة تُعَـدُّ خطأً قانونياً ينبغي تصحيحه ؟
لا ريب في أنَّ الأصل بالعمل الإداريِّ أنْ يكون على وفق القانون والسياقات الإدارية، ولا جرم أنَّ القانون يشترط جملة شروطٍ في مَنْ يتبوَّأ منصباً في الدولة ، ولا سيما إنْ كان المنصب رفيعاً، كرئيس هيأةٍ بدرجة وزيرٍ أو وكيل وزيرٍ مثلاً . ومن جملة هذه الشروط نيل ثقة البرلمان لمن يشترط الدستور فيهم ذلك، كرؤساء الهيئات الذين هم بدرجة وزيرٍ، أو الحصول على موافقة مجلس الوزراء للذين يشترط القانون عرضهم على هذا المجلس، مثل المديرين العامِّين. إنَّ نيل ثقة البرلمان أو موافقة مجلس الوزراء يُعَـدُّ شرطاً قانونياً لازماً لا غنى عنه لأداء المسؤوليَّـة ومباشرة الصلاحيات . وتأسيساً على ذلك ينبغي على الحكومة – كسياقٍ عامٍّ – أنْ تحيل أسماء مرشحيها إلى مجلس النواب لشغل المناصب التي تقتضي العرض على المجلس قبل مباشرتهم مسؤولياتهم، وهكذا يتعيَّـن عرض أسماء المرشحين الآخرين الذين يتوجَّب عرضهم على مجلس الوزراء قبل أنْ يباشروا مسؤولياتهم . فإنْ حازوا ثقة البرلمان أو مجلس الوزراء – بحسب الصفة – باشروا آنئذٍ بمسؤولياتهم ومهماتهم القانونيَّة، وبخلافه لن تترتَّب أية آثارٍ سلبيةٍ، ما داموا ليسوا في موقع المسؤوليَّـة بعد.
إنَّ هذا يمثل التوجُّه القانوني السليم الذي كان ينبغي السير على هداه من قبل الحكومات والبرلمانات المتعاقبة . بيد أنَّ الضرورة وظروف البلد الأمنية وعدم توافق الحكومة والبرلمان في مددٍ مُتعاقبةٍ أفضى إلى خرق هذه القاعدة القانونيَّة مراراً وتكراراً، منذ عهد دستور عام 2005 ولغاية الآن، إذْ لم تقم تلك الحكومات بعرض مرشحيها على البرلمان إلاّ قليلاً !! ولا ينكرنَّ أحدٌ أنَّ مشكلة الإدارة بالوكالة تحتاج إلى علاجٍ، ولكي يكون العلاج ناجعاً ينبغي أنْ يركن إلى القانون وينسجم مع السياقات الإداريَّـة . وإنَّ من الصواب القول إنَّ هذه المشكلة تتحمَّل مسؤوليتها الدولة – الإدارة – ، وليس الأفراد الذين تبوَّؤا هذه المناصب؛ ذلك أنَّ خطأ الإدارة من الناحية القانونيَّة يقع على عاتق الإدارة ذاتها، وليس على الأفراد الذين تحمَّلوا المسؤولية، ولا سيما إذا أخذنا بنظر الاعتبار أنَّ بعضاً من هؤلاء قد خدم الدولة في يومٍ كان الرعب يصيب الكثيرين؛ بسبب الأعمال الإرهابيَّة التي كانت تروم النيل من العاملين في الدولة إبان تلك الحقبة، وبالخصوص إنْ كانوا من ذوي الدرجات الخاصَّة. هذا كلُّه من جهةٍ ، ومن جهةٍ أخرى يمكن لسائلٍ أنْ يسأل :
هل ذلك يعني أنَّ العامل بالأصالة أفضل من العامل بالوكالة من الناحية الموضوعيَّـة ؟
من الناحية القانونيَّـة المجردة يوجب القانون الإيفاء بكلِّ شرائطه ومتطلباته، ومنها أنْ يكون العمل بالأصالة؛ لأنه هو الأصل وما ينبغي أنْ يكون عليه الحال؛ (وهو ما كان أحد أسباب استقالتنا من رئاسة هيأة النزاهة بعد أنْ وجهنا كتابين رسميَّين إلى رئاسة الوزراء طالبنا فيه عرض ترشيحنا على البرلمان؛ بسبب رفضنا العمل بالوكالة!!). أمّا من الناحية الموضوعية فإننا إذا نظرنا إلى المؤهلات والقدرات الشخصية لملاكات الإدارة قلنا إنَّ الأفضل إنّما يكون بحسب عمله ، سواءٌ أكان يعمل بالأصالة أم الوكالة، فالعمل بالأصالة لا يُحوِّلُ الفاسد إلى صالحٍ، والعمل بالوكالة لا يُحوِّلُ الصالح إلى فاسدٍ . إذ كلاهما يخدم الدولة بحسب موقعه، ويتحمَّل المسؤوليات ذاتها، ويتعرَّضان للخطورة ذاتها، ولا يُوجَدُ فرقٌ بينهما البتة، سوى أنَّ العامل بالأصالة قد حاز ثقة البرلمان أو مجلس الوزراء، والعامل بالوكالة لم يحز ذلك. مع أنَّ التجربة الطويلة في هذا البلد أثبتت أنَّ نيل تلك الثقة لن تمنح صكَّ الغفران، فإنَّ بعضاً من العاملين بالأصالة الحائزين ثقة البرلمان قد تبيَّن فسادهم الواضح، في حين إنَّ بعضاً من العاملين بالوكالة قد أثبتت التجربة صلاحهم وخدمتهم للبلد، والعكس صحيحٌ أيضاً . ثم إنَّ الدولة يتعيَّن عليها تهيئة كلِّ مستلزمات الأمن والاستقرار الوظيفيِّ لجميع العاملين فيها، سواءً أكانوا بالأصالة أم الوكالة . إذ منْ حق الموظف والمكلف بخدمةٍ عامةٍ أنْ يشعر بالأمن والاستقرار الوظيفيِّ ، وأنْ لا يكون عرضةً للاهتزاز والتهديد مع كلِّ انتخاباتٍ جديدةٍ في البلد تُسفِرُ عن انتخاب برلمانٍ جديدٍ وحكومةٍ جديدةٍ ، وما يرافق ذلك من قيام البعض بالكلام في العمل بالوكالة، وكأنَّ العاملين فيها قد ارتكبوا جريمةً بحقِّ الوطن تستدعي التخلُّص منهم، وفي الغالب يُوجَّهُ هذا الكلام من بعض الذين لا يعلمون أصول الإدارة وفنونها، ولا يعرفون شيئاً سوى البحث عن المحاصصة والمغانم !! فالواجب على الدولة تحقيق الأمن الوظيفيِّ للعاملين فيها، وإبعادهم وإبعاد هذا الملف – الإدارة بالوكالة – بالكلية عن التأثيرات والأطماع السياسيَّة المختلفة، ولا سيما إذا علمنا أنَّ المحاصصة تتدخل في اختيار الوزراء ، لكنها ينبغي أنْ لا تتدخل في ملف الهيئات المستقلة وملف الإدارة بالوكالة عموماً؛ ذلك أنَّ القيادات الإدارية من هذا النوع يُراعى بشأنها المعيار الموضوعي القائم على النزاهة والخبرة والتخصُّص وليس الانتماء السياسيِّ، إذ من المفترض أنْ يكون لهذه القيادات طابعٌ إداريٌ بحت لا علاقة له البتة بالشأن السياسيِّ أو الصراعات السياسية . ولهذا نأمل أنْ لا تكون الدعوى لحسم ملفِّ الإدارة بالوكالة عبارة عن كلمة حقٍّ يُرادُ بها باطل؛ وهي تكون كذلك إذا تدخَّلت الأطماع السياسيَّـة والمحاصصة فيها؛ لغرض الحصول على مكاسب سياسيةٍ، وكلما ابتعدت الأطماع السياسيَّة عن هذا الملفِّ كانت الدعوى تمثل كلمة حقٍّ يُرادُ بها حقاً.
ولئن كانت الإدارة – الدولة – قد أخطأت في هذا الملفِّ حينما سنّت سُنَّة الإدارة بالوكالة، التي ما كان ينبغي الاستمرار عليها بداعي الضرورة، فإنَّ هذه الضرورة كان يتعيَّن أنْ تُقدَّرَ بقدرها وأنْ لا يُتوسَّعَ فيها ولا يُلجأ إليها إلاّ في الحالات النادرة جداً وبشكلٍ مُؤقَّتٍ ، كما أنَّ الإنصاف يقتضي عدم تحميل المسؤولية على المكلفين بالإدارة بالوكالة !! وبناءً على كلِّ ما تقدَّم ينبغي أنْ يكون معيار التقويم الرئيس هو العمل ذاته وخدمة البلد، بصرف النظر عن كونه أصالةً أو وكالةً .
المسألة الثانية :
ما هي الآلية القانونية المثلى لمعالجة ملفِّ الإدارة بالوكالة ؟
لا ريب في أنَّ معالجة هذه المشكلة تحتاج إلى آلياتٍ قانونيَّةٍ سليمةٍ تتَّفقُ مع القانون، وتنسجم مع السياقات الإداريَّـة . بيد أنَّ ما حصل في الأشهر المنصرمة من تداعياتٍ لم تسهم بحلها بشكلٍ قانونيٍّ، فقد تصاعدت الأصوات لحل هذه المشكلة وحسم هذا الملف، وعلى الرغم من إيماننا بصدق نوايا بعض هذه الأصوات، لكنَّنا نكاد نجزم أنَّ بعضها الآخر ينطلق من منطلقاتٍ سياسيَّةٍ تمثِّل أطماعاً لبعض الكتل السياسيَّة في إقصاء بعض العاملين بالوكالة، والاستحواذ على مواقعه . ولربما يكون هذا ما دفع البعض لإقناع البرلمان بوضع المادة (58) في قانون الموازنة العامة، وتحديد الثلاثين من حزيران الجاري موعداً لحسم الملفِّ. وعلى الرغم من الانحراف التشريعيِّ الواضح في هذا النصِّ، فإنَّهم لم يكتفوا بذلك، بل رتَّبوا أثراً آخر يُـمثِّلُ بدوره خطأً آخر وانحرافاً تشريعياً ثانياً، وهو القول بضرورة كفِّ أيدي العاملين بالوكالة بعد انتهاء الموعد المذكور، وعدم استحقاقهم مستحقاتهم الماليَّة، وما شابه ذلك من آثارٍ خطيرةٍ غير مقبولةٍ من الناحية القانونيَّة وردت في ذيل المادَّة (58) ، التي جاء فيها : ( ويُعَدُّ أيُّ إجراءٍ بعد هذا التأريخ يقوم به المعَّينبالوكالة باطلاً ولا يُرتِّبُ أي أثرٍ قانونيٍّ على أن تقوم الدائرة المعنيَّة بإيقاف جميع المخصَّصات الماليَّة والصلاحيات الإداريَّة في حالة استمرارها بعد التأريخ المذكور أعلاه) !!. ولستُ أدري كيف يمكن لسلطةٍ تشريعيةٍ تلتزم بالدستور والقانون سنُّ مثل هذا النصِّ البعيد عن القانون بُعد الأرض عن السماء، فضلاً عن مخالفته للعدالة والإنصاف وروح القانون !! فما هو السند القانوني لهذا النص ؟ وكيف يتحمل الموظف والمكلف بالإدارة بالوكالة خطأ الإدارة ذاتها ، مع أنَّ الخطأ ليس منه ، بل هو خادمٌ للدولة طيلة هذه السنوات ؟ ومَنْ ذا الذي أفتى لهم بترتيب هذه الآثار المخالفة للقانون، والمُعطِّلة لسير المرافق العامة، وكأنَّ النصَّ يخفي وراءه أمراً غير معلن !!
وتأسيساً على ذلك كلِّه أدعو كلاً من الحكومة والسيِّدات والسادة النوَّاب إلى ضرورة الالتزام بالنهج القانونيِّ السليم في معالجة هذا الملفِّ وحسمه، فلديَّ الثقة باستعدادهما لذلك. وإسهاماً في معالجة هذه المشكلة معالجةً قانونيَّـةً موضوعيَّـةً، أقدِّمُ لهما مقترحين اثنين:
الأول: وهو الأساس، ويتمثل بقيام البرلمان على وجه السرعة بتعديل نصِّ المادَّة (58) من قانون الموازنة العامة، وذلك عبر رفع القيد الزمنيِّ منها والاقتصار فيها على دعوة الحكومة إلى ضرورة معالجة وحسم هذا الملفِّ بالسرعة الممكنة فقط ، دون تقييدها بأمدٍ زمنيٍ محدودٍ، ودون التطرُّق للقضايا الأخرى المخالفة المذكورة آنفاً. ويمكن للسيِّد رئيس مجلس الوزراء طمأنة البرلمان عبر التعهُّد – شفهياً – بحسم الملفِّ خلال مُدَّةٍ لا تتجاوز نهاية هذا العام مثلاً .
إنَّ هذا المقترح يحققُ هدفين: الأول هو حسم هذا الملفِّ بشكلٍ ينسجم مع القانون، والثاني هو انتظام سير المرافق العامة وعدم تعطيلها أو إصابة الدولة بالشلل. أمَّا التغاضي عن المسألة بعد فوات المدَّة أو إيقاع الدولة في حالة الشلل التامِّ الناجم عن عدم القدرة على استكمال متطلبات هذا الملفِّ فسيُفضي إلى الكثير من المشكلات القانونيَّة والإداريَّـة التي لها أولٌ وليس لها آخر. ثم إنَّ هذا المقترح أولى من تمديد المدَّة لأمدٍ آخر، كأن يكون تسعين يوماً مثلاً، إذْ يبقى الاحتمال قائماً بعدم قدرة الحكومة على الإيفاء بكلِّ متطلبات حسمه خلال المدَّة الجديدة، فنقع وقتئذٍ فيما وقعنا فيه سابقاً مرةً أخرى؛ لذا يغدو عدم تقييد الحكومة بمدَّةٍ مُحدَّدةٍ هو الأوفق والأولى، مع التأكيد على ضرورة حسم الملفِّ بالسرعة الممكنة؛ فذلك سيمكِّن الحكومة من اختيار الكفاءات الأفضل؛ بسبب فسحة الوقت، بخلاف تقييدها بمدَّةٍ مُحدَّدةٍ ، إذ ربما يدفعها للاختيار غير الدقيق الناجم عن ضيق الوقت .
المقترح الثاني: قيام الحكومة بالطعن دستورياً في نصِّ المادَّة (58) من قانون الموازنة العامَّة أمام المحكمة الاتحاديَّـة، وعندها ستسقط هذه المادَّة دستورياً، وأنا بذلك زعيم – من الناحية الدستورية -؛ وآنذاك تتحلل الحكومة من القيد الزمني ؛ ويتخلَّص البرلمان من الإحراج الناجم عن عدم القدرة على حسم لملفِّ خلال المدَّة المضروبة سلفاً. وتستطيع المحكمة الاتحاديَّـة إيلاء الأولويَّـة لهذه الدعوى؛ بغية الإسراع في حسمها، لكن المقترح الأول يبقى هو الأولى والأوفق؛ لما ذُكِرَ آنفاً .
المسألة الثالثة: ما مصير المكلَّفين بالوكالة ؟
يمكن أنْ نُقسِّمَ الملاكات العاملة بالوكالة إلى فئاتٍ ثلاثٍ، لكلِّ واحدةٍ منها حكمٌ خاصٌّ:
الفئة الأولى: وتشمل أولئك الذين خدموا الدولة بالوكالة، ويتمتَّعون بالنزاهة وحسن السمعة والخبرة، فهؤلاء يجب عدم التفريط بهم والقيام بتثبيتهم أصالةً؛ للإفادة من خبرتهم من جهةٍ، ولكي يشعروا بالأمن الوظيفيِّ وحماية الدولة لهم؛ جزاءً وفاقاً لما قدَّموه وما كابدوه من جهةٍ أخرى. فلقد أسلفنا القول إنَّ المعيار الرئيس في ملفِّ الإدارة بالوكالة هو المعيار الموضوعيُّ القائم على مراعاة شروط النزاهة والخبرة والتخصُّص، وليس المعيار الشخصيّ القائم على مجرد التغيير للتغيير ، أو مجرد تغيير زيدٍ بعمرو.
الفئة الثانية: وتشمل بعض المكلفين بالوكالة من الذين يتمتَّعون بالنزاهة، دون الخبرة، والمعروف عنهم الضعف أو الفشل الإداريُّ؛ فمثل هؤلاء يجب إقصاؤهم عن مواقعهم، والإفادة منهم بدلاً عن ذلك في مواقع أدنى تتناسب مع قدراتهم .
الفئة الثالثة: وتشمل أولئك الذين تواترت الأدلة على فسادهم وعدم نزاهتهم؛ فمثل هؤلاء يتعيَّن إقصاؤهم، وعدم تعيينهم في أيِّ موقعٍ إداريٍّ ، صَغُرَ أو كَبُرَ !!
- رئيس هيئة النزاهة السابق