متابعة/ وطن برس اونلاين:
تواصل وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون زيارتها لمصر وسط عاصفة من الاحتجاجات, وصلت إلى محيط مقر إقامتها في أحد فنادق العاصمة القاهرة. واحتشد بضعة آلاف من المصريين مساء أمس حول فندق ‘فورسيزونز’ حيث تُقيم كلينتون، وقطعوا شارع كورنيش النيل على طريق التحرير/المنيل مقابل الفندق،
فيما فرضت عناصر الأمن أطواقاً أمنية على المنطقة خشية اقتحامها، خاصة مع حفظ تزايد أعداد المتظاهرين. وردد المتظاهرون هتافات ‘تسقط المؤامرة الأميركية/الإخوانية’، في إشارة إلى اتهامات يوجهها نشطاء مصريون بوجود تفاهمات أميركية مع جماعة الإخوان المسلمين. كما رفعت لافتات باللغتين العربية والإنجليزية تحمل شتائم للولايات المتحدة وللوزيرة كلينتون ولجماعة الإخوان المسلمين. كما رفع عدد من المتظاهرين الأحذية متوعدين من أسموهم ‘المتآمرين على مستقبل مصر’، فيما أحرق آخرون العلم الأميركي والإسرائيلي. وفي سياق متصل كان عشرات المصريين تظاهروا بمحيط مقر رئاسة الجمهورية المصرية احتجاجاً على زيارة كلينتون.
وكان عدد كبير من المواطنين والنشطاء المصريين نظموا -في وقت سابق من مساء أمس- وقفة احتجاجية أمام مبنى السفارة الأميركية بالقاهرة، رفضاً لزيارة كلينتون لمصر.
وقال مشاركون في الاحتجاج ليونايتد برس إنترناشونال إن عدد المحتجين يزيد على 1500 شخص ينتمون إلى مختلف التيارات الاشتراكية والليبرالية إلى جانب منتمين لتيار ‘الإسلام السياسي’ من المتعاطفين مع الشيخ عمر عبد الرحمن، المحكوم عليه بالسجن مدى الحياة في الولايات المتحدة والمطالبين بالإفراج عنه. وردد المحتجون هتافات ‘يا حرية فينك فينك.. أمريكا بيننا وبينك’، و’تسقط الهيمنة الأميركية’، وحملوا لافتات تندِّد بزيارة كلينتون وبالسياسة الأميركية في الشرق الأوسط.
وفي غضون ذلك، بدت الحالة الأمنية في محيط مبنى السفارة الأميركية بحي غاردن سيتي القريب من ميدان التحرير، طبيعية ولم تشهد وجوداً استثنائياً، باعتبار أن أمس السبت عطلة رسمية بالسفارة كما في باقي البعثات الدبلوماسية المعتمدة لدى القاهرة. وكانت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون وصلت إلى القاهرة أمس، في زيارة تستغرق يومين بدأتها بجلسة مباحثات مع الرئيس المصري محمد مرسي، تركزت على الأوضاع الإقليمية والعلاقات المصرية/الأميركية، وتستكملها بلقاءات مع رئيس والمجلس العسكري المشير حسين طنطاوي وعدد من القادة المصريين، لمناقشة جملة من الملفات في مقدمتها مستقبل التعاون بين البلدين خاصة في الجانب الاقتصادي.
وعقب لقائها بالرئيس محمد مرسي, أكدت كلينتون دعم بلادها للتحول الديمقراطي في مصر, ورغبتها في عودة الجيش المصري إلى دوره في حماية الأمن القومي. وتأتي زيارة كلينتون لمصر في ظل أزمة سياسية بين القوى الثورية ومرسي من جهة، والمجلس العسكري من جهة أخرى، بسبب إصداره إعلانا دستوريا مكملا يوصف بأنه مقيد لصلاحيات الرئيس ويقضي بحل البرلمان.
وفي هذا الصدد, قالت الوزيرة الأميركية أمس -في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيرها المصري محمد كامل عمرو- إن القضايا الخاصة بالبرلمان المنحل والدستور يجب حلها بين المصريين, وأضافت أنها تتطلع إلى بحث هذه القضايا مع طنطاوي اليوم.
وأثنت هيلاري كلينتون أمس على دور المجلس العسكري أثناء المرحلة الانتقالية, وقالت إن بلادها تؤيد الانتقال الكامل إلى الحكم المدني بكل ما يستتبعه ذلك. وتحدثت في هذا السياق عن العمل على دعم عودة الجيش إلى دوره في حماية الأمن القومي, في إشارة على ما يبدو إلى ضرورة ابتعاده عن الحياة السياسية. وكان مسؤولون أميركيون قالوا -قبيل وصول الوزيرة إلى القاهرة- إنها ستحث الرئيس مرسي والمشير طنطاوي والمجتمع المدني على التحاور بشأن قضايا كالبرلمان والدستور, وتجنب مواجهات قد تؤدي إلى خروج التحول الديمقراطي عن مساره. وكان مراسل الجزيرة في القاهرة قد نقل عن محللين قولهم إن زيارة كلينتون للرئيس مرسي الذي كان مرشحا لحزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الإخوان, قد تفسر بأنها إقرار ضمني بشرعية ‘الإسلام السياسي’، ودعم لموقف الرئيس في مواجهة معارضيه. وقد قالت وزيرة الخارجية الأميركية إنها بحثت أمس مع الرئيس المصري تعزيز العلاقات بين القاهرة وواشنطن، سواء على الصعيد الثنائي أو من خلال المؤسسات والهيئات الدولية والجهات المانحة. وأعلنت -في هذا السياق- أن بلادها ستساعد مصر لدعم الاستقرار الاقتصادي، مشيرة إلى استعداد واشنطن لتقديم 250 مليون دولار كضمانات قروض لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة في مصر، إلى جانب دعم صندوق للأعمال أميركي مصري بستين مليون دولار كمبلغ أولي. وأشارت أيضا إلى أن وفدا كبيرا من رجال الأعمال الأميركيين سيزور مصر مطلع سبتمبر/أيلول المقبل لاستكشاف فرص الاستثمار والتجارة فيها. وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما تعهد في مايو/أيار الماضي بإسقاط نحو مليار دولار من الديون المصرية المستحقة للولايات المتحدة. وأثنت الوزيرة الأميركية على تعهد مرسي بأن يكون رئيسا لجميع المصريين وبالحفاظ على جميع المكتسبات، مشيرة إلى أن المصريين فقط هم الذين يحلون مشاكلهم.
وقالت إنها تحدثت إلى مرسي عن دور مصر كدولة قيادية في المنطقة، وضرورة احترام المعاهدات الدولية في المنطقة، في إشارة إلى معاهدة السلام الموقعة بين مصر وإسرائيل، مضيفة ‘لم نقم بأي جهود أو خطوات لعقد لقاءات بين الرئيس المصري والمسؤولين الإسرائيليين’. وعقّب وزير الخارجية المصري بأن مرسي أعلن مرارا أن مصر تحترم جميع التعهدات والاتفاقيات التي دخلت فيها طواعية طالما أن الطرف الآخر يحترمها.وقد غادر مرسي القاهرة إلى إثيوبيا لحضور القمة الأفريقية, وسط توقعات بإعلان تشكيل حكومة جديدة عقب عودته للقاهرة.