كتابة / مصطفى الشعباني :
الْيَوْمَ الثالث الجمعة 2017/4/14
في حضرة صاحبة القداسة
حين وصلنا المخيم. في حدود الساعة 4:30فجر يوم الجمعة كان التعب والإرهاق قد سيطر على الجميع. …انحشر كل واحد منا في مكانه يبحث عن فرصة كي يحظىً بغفوة. للحظات. قصيرة. ولم نتمكن من النوم. فالكل بات ينتظر بزوغ. تباشير ضوء الفجر ليستعد لمغادرة المخيم. ومشاهدة الصخرة في لحظات الفجر الاولى. …البعض منا لم يحتمل البقاء في السيارة وخرج يستطلع المكان حين عاد أشار الى وجود الأماكن المخصصة لراحة المخيمين لذلك توجهنا للوضوء وصلينا صلاة الفجر ومع بزوغ ضوء النهار توجهنا بالسيارة الى موقع صاحبة القداسة Uluru وحين وصلنا البوابة الرئيسيّة اشترينا تذاكر الدخول والتي تسمح لحاملها استخدامها لمدة ثلاثة أيام.
وانطلقنا عبر طريق. طويل كثير التلوي والمنحنيات. وفجأة برزت علينا بضخامتها غير المعتادة كتلة هائلة يبدو لونها الأحمر مائلا القتامة في تلك اللحظات …توقفنا وأخذنا جانبا من الطريق ونزل الجميع يتراكض كل يتخذ وضعا يلائمه ليحظى بصورة جميلة لها وله. كنّا نرى أيضا الزائرين الآخرين وهم يتوقفون. لتصوير جوانب متعددة من الصخرة …انطلقنا. نتبع الطريق. فإذا بها تقودنا عبر رحلة دائرية طويلة حول الصخرة التي كلما اقتربنا منا ازدادت علوا وارتفاعا …الصخرة كتلة واحدة من مادة واحدة يخيل لمن يراها من الوهلة الأولى أنها مكونة من مادة الحديد ولكنها ليست حديدا. وإنما مادة جيرية وبعد أن تجولنا قررنا العودة إلى المخيم. كي نرتاح قليلا ونتناول الفطور ونستحم لننفض عنا مظاهر التعب وآثار الطريق ثم نعود مرة ثانية لتقضي وقتا ممتعا وطويلا مع Uluru العزيزة وهكذا عدنا وكنا محظوظين فقد وجدنا المخيم وقد غادره معظم النزلاء وكانت كل الأماكن متاحة لنا لنستخدمها بسهولة ودون تأخير. وتولى الشابان حاتم وحسام إعداد الفطور لنا وتبرع محمد وامراجع بمساعدتهما وحين انتهينا من إتمام كافة متطلباتنا. عدنا نسرع الخطى. كي لا تغضب صاحبة القداسة خاصة وأن محمد بكر قرر تقديم أوراق اعتماده سفيرا لدى صاحبة القداسة. ومؤملا ان تمنحه الحظ السعيد تجولنا حول الصخرة وتتبعنا الإرشادات وقرأنا المعلومات التي. كانت متاحة للزائرين. …رأينا (حقفة )وقد كتب عليها انها مجلس للشيوخ فقط ممنوع على النساء والأطفال الدخول اليها أو الجلوس فيها …في مكان آخر. هناك رسومات جدارية قديمة للسكان الأصليين …في بعض الجهات كان المنع مرتبط بقداسة المكان وكان هناك منع للتسلق فهو خطر جدا ولا مجال فيه لو قدر الله وسقط احد من المتسلقين. في أن يحظىً بأية فرصة للنجاة. بل سيكون قطعة مهشّمة تماما
معلومات عن الصخرة Uluru
على بعد حوالي 335كم جنوب غرب مدينة أليس سبرينغز Alice Springs أكبر مدن الأقليم الشمالي لوسط أستراليا تنتصب صخرة ضخمة يبلغ ارتفاعها حوالي 348مترا وترتفع فوق سطح البحر بما يقارب 876مترا ..تمتد الصخرة بطول يزيد عن 2.4كم وبعرض 1.6كم ويبلغ محيط قاعدتها 8كم وهي أكبر صخرة في العالم مكونة من مادة واحدة .
الصخرة جزء من حديقة اولوو كاتا تجوتا الوطنية كما أدرجتها اليونسكو ضمن مواقع التراث العالمي ويقع بالقرب من الصخرة عدد كبير من الينابيع والبحيرات الطبيعية والكهوف الصخريةوالرسوم القديمة يعود تاريخها إلى نحو 5 آلاف عام .
لايوجد معنى محددلاسم الصخرةUluruفي لغة ( البتجانتجاتجارا) وهم جزء من السكان الأصليين لأستراليا
تمثل الصخرة قيمة مقدسة عند السكان الأصليين (الابوريجنيز) وتمثل لهم رمز الحياة ويعتقدون أن موقعها في ذلك المكان من الأرض المنبسطة نتيجة لبعض الأعمال البطولية العظيمة التي فعلها أجدادهم ويقولون أنهم يعيشون في هذا المكان منذ 30ألف سنة وان الصخرة نشأت زمن الحلم Dream time وهو الزمن الذي خلق فيه العالم الطبيعي والانساني من قبل كائنات أسطورية حيث يعتقدون أن الانسان هو جزء من الطبيعة وعالم الحيوان التي تتشارك جميعها بقوة روحانية راء في الماضي أو الحاضر أو المستقبل .
كما يقولوا حسب معتقداتهم الدينية بأن الصخرة جوفاء من الداخل وأنها تحتوي على مصدر كبير للطاقة الروحانية وأن بداية الحياة كانت هناك مع العصر الذهبي زمن الحلم وأن الأرض المحيطة بها ماتزال مسكونة بأرواح أجدادهم .
السكان الأصليون لا يتسلقون الصخرة بسبب أهميتها كمكان مقدس ويطلبون من الزوار عدم التسلق ويقولون لهم (نحن لا نحظر التسلق بصورة مطلقة لكننا نفضل أن يحترم الزائر كضيف على أرضنا عاداتنا وتقاليدنا ولا يتسلق الصخرة ) حيث يعتبر تسلق الصخرة من أهم مايجذب الزوار ولتشجيع هواة التسلق تم بناء سلسلة من الحلقات المعلقة في الصخرة وقد رأيناها وذلك ليستخدمها المتسلقون للصعود ووضعت الحلقات الأولى عام 1964 وتم تمديدها عام 1976كي يصبح التسلق سهلا ومع ذلك فما يزال الانحدار شديدا
تشتهر صخرة Uluru بتغير ألوانها في الأوقات المختلفة من الْيَوْمَ والسنة فمع شروق الشمس وغروبها تتوهج باللون الأحمر الذي يتغير إلى الأصفر ثم الأرجواني وتكتسب الصخرة خلال سقوط الأمطار اللونين الفضي والرمادي ولمراقبة الصخرة وتغير ألوانها تم بناء مناطق خاصة عند جبل ( أولجا) الذي يقع على بعد 25كم إلى الغرب من Uluru لإعطاء السياح أفضل الزوايا لمراقبة الصخرة وقت الشروق والغروب .
يعتبر وليم غوس أول شخص أوروبي يكتشف صحراء أستراليا من وسط القارة حين لمح الصخرة عام 1872 وأول من صعد إلى قمة الصخرة وقال إن جمال الطبيعة المذهلة لم ير مثله قبل ذلك وقد أطلق عليها اسم إيرز روك Ayers Rock نسبة إلى رئيس وزراء جنوب أستراليا. السير هنري إيرز .
بتاريخ 1985/10/27 قام الحاكم العام الأسترالي آنذاك. السير نينان ستيفن بتسليم ملكية الصخرة المقدسة إلى السكان الأصليين وقامت الحكومة الفيدرالية بتوقيع عقد استئجار واستثمار سياحي للصخرة والمنطقة المحيطة بها
وإلى الجزء السادس والعودة إلى كانبيرا