وطن برس أونلاين

جريدة عربية مستقلة

مقالات

حين يولد الارهاب من رحم الفساد !!

طعمة البسام
في تقرير مشترك للشفافية الدولية ووزارة التخطيط العراقية فان 60% من الموظفين العراقيين مرتشون … ويقول التقرير ان معدل ما يدفعه المواطن العراقي لموظفي دولته سنويا هو اربع رشا لتمشية معاملاته واذا علمنا ان عدد الموظفين في العراق هو نحو خمسة ملايين موظف فان اربعة ملايين منهم مرتشي … واذا اعتبرنا ان سكان العراق يبلغ ثلاثين مليون نسمه فان هؤلاء الاربعة ملايين يتسلمون ما مقداره مئة وعشرين مليون رشوة في السنة الواحدة …. وهذا يكشف ولا ريب عن (حركة ) رشى هائلة يعيشها المجتمع العراقي الذي اعتبر الرشوة قدرا مقدور لا يمكن الفكاك او الخلاص منه … وبتعاقب الايام والسنين اضحت الرشوة فعلا عاديا غير مستنكر … بل ان الامر الاستثنائي هو ان لايأخذ الموظف رشوة التي تغير اسمها الى (هديه ) سائرين على هدي الحديث الماثور : تهادوا تحابوا !!! فالرشوة عندهم انما هي هدية … والقصد من الهدية هي المحبة…. وما دامت المحبة موجوده فكل شيء سهل !!!!!
هذا الفساد انما هو فساد صغار الموظفين الذين ياخذون المليون والمليونيين من الدنانير … غير ان الفساد الاعظم في العراق هو الفساد المشرعن !!! الفساد القانوني !!! الطبقة السياسية في العراق هي الاشد والاعجب … الساسة والبرلمانيون مثلا يشرعون لانفسهم الرواتب والامتيازات والمخصصات وعدد افراد الحمايات وانواع واعداد سيارات مواكبهم وجوازات السفر الدبلوماسية لهم ولعوائلهم في حين تصل نسبة الفقراء العراقيين الى نحو 35% من سكان البلاد … وممن هم دون خط الفقر هم من يتقاضون اقل من (75) الف دينار اي لا يحصلون في اليوم الواحد على الفين وخمسمئة دينار … وهكذا وخلال اربعة عشرة سنة ظهرت طبقة جديدة تتمتع بامتيازات لا لشيء الا لانها عملت حينا في السياسة … فالمعلم العراقي مثلا يتقاضى راتبا لا يتعدى الـ(500) الف دينار في حين يتقاضى البرلماني وحمايته (45) مليون دينار … فضلا عن ان راتب رئيس الجمهورية يصل الى نحو (80) مليون دينار … والمفارقة الموجعه ان ملك العراق كان يتقاضى راتبا قدره ( 50) دينار في حين كان المعلم يتسلم راتبا قدره (29) دينار اي ان المعلم كان ياخذ اكثر من نصف راتب الملك !!!!!!!!
هذه الارقام والمعلومات ليست جديدة !! معروفة للجميع … …ومعظم ميزانية العراق تذهب رواتب لفئة قليلة في المجتمع … وهكذا تنعدم العدالة الاجتماعية .. انعدام العدالة يعني ظلما اجتماعيا … الاحساس بالظلم يولد التمرد .. والتمرد يولد الفوضى … والفوضى تعني القتل والسلب والنهب وكل هذا يودي بالمجتمع الى الخراب … الفساد اسوء من الارهاب … بل ان الارهاب لم يخرج الا من (معطف ) الفساد !!!! (والله لا يحب الفاسدين ).

اترك ردا

Developed and designed by Websites Builder Ph:0449 146 961