كتب المهندس علي جبار الفريجي من العراق

في ضوء المتغيرات السياسية في العراق نتيجة للضغط الأمريكي ونوايا الإدارة السياسية في تغيير السلوك السياسي في العراق، تتضح ملامح مرحلة “التغيير الناعم” التي قد تنطلق بشكل تدريجي في الانتخابات البرلمانية لعام 2025. وفي هذا السياق، يعلن السيد مقتدى الصدر قراره بعدم المشاركة في انتخابات 2025، وهو قرار مفاجئ إلى حد ما، ولكنه يعكس رؤيته الحالية للواقع السياسي في العراق.
من الواضح أن القرار بعدم المشاركة يعد خطوة مبكرة جدًا قد تحمل في طياتها رسائل سياسية متعددة. إذ يرى الصدر أن الفساد المستشري في مؤسسات الدولة هو السبب الرئيس في تدهور الأوضاع داخل العراق، وأنه السبب في تفشي الظلم وتسلط الفاسدين على مفاصل الدولة. وقد أشار إلى أن “الفاسد يعيش أيامه الأخيرة”، وهو تصريح يعكس حجم التغيير الذي يتوقعه البعض في عام 2025.
الانتخابات البرلمانية لعام 2025 قد تكون بمثابة مرحلة فاصلة ستؤدي إلى تحولات جذرية في موازين القوى السياسية داخل العراق. ستكون هذه الانتخابات، إن جاز التعبير، مرحلة “التغيير الناعم” التي تأتي نتيجة لمجموعة من العوامل السياسية الداخلية والخارجية، بما في ذلك الضغط الأمريكي الذي يسعى إلى إعادة رسم ملامح النظام السياسي العراقي. هذا الضغط يشير إلى رغبة الإدارة الأمريكية في إصلاح العملية السياسية بما يتماشى مع مصالحها الإستراتيجية، وذلك من خلال تقليص نفوذ القوى السياسية التقليدية وفتح المجال أمام قوى سياسية ناشئة ترفع شعار “التغيير في العراق”.
ورغم أن هذه القوى السياسية الناشئة ليست نتاجاً مباشرًا لانتفاضة تشرين، إلا أن الخطاب الذي تحمله هذه القوى يختلف تمامًا عن خطابات القوى التقليدية التي تعود إلى ما قبل تشرين. فقوى تشرين، والتي تصدرت المشهد في احتجاجات 2019، أثبتت عدم قدرتها على التأثير بشكل حقيقي في الساحة السياسية العراقية، بعدما تبين أن بعض من انخرطوا في هذه الحركة قد تسلقوا على ظهور التظاهرات لمصلحة شخصية أو حزبية، وهو ما ساهم في تراجع مصداقية هذه القوى في الشارع العراقي.
التغيير السياسي المتوقع في عام 2025 سيكون له تداعيات كبيرة على مستقبل العراق. فالتحديات التي تواجه العراق اليوم تتطلب استجابة سياسية شاملة تتجاوز مجرد انتخابات. بل إن القضية الأكبر تتعلق بتغيير السلوك السياسي، وإعادة بناء المؤسسات بما يضمن مصلحة الشعب ويعزز استقرار الدولة.