جاسب عبدالمجيد/ البصرة *
عودة فريق الميناء إلى الدوري العراقي الممتاز تُشّكل مرحلة جديدة في تاريخ هذه المؤسسة الرياضية العريقة, وعليه من الأفضل التخطيط لفترة ما بعد العودة بموضوعية, لأن فريق السفانة سفير مدينة البصرة بحضارتها وثقافتها وأرثها الفني والهندسي والمعماري والتشكيلي والطبي والتعليمي والاجتماعي والبيئي, ولم يكن الميناء يوما ما سفيراً لنفسه, لذا, على إدارة النادي أن تأخذ هذه المسؤولية على محمل الجد, وأن تعيد قراءة تاريخ هذا الكيان العريق وتضع الخطط المناسبة التي تنسجم مع سمعة الميناء ورسالته.
في سبعينات القرن الماضي, كان عمال الميناء ببذلاتهم الزرق يتنقلون من وإلى منشأة ميناء المعقل على دراجاتهم الصفر, فشكلوا هوية المنطقة, وأصبح اللونان الأزرق والأصفر عنواناً للأحياء المحيطة بالميناء . نأمل إضافة شريط أصفر إلى قميص الفريق الأزرق في الموسم الجديد لكي نستعيد هوية الجمال والحيوية, هوية العمال والبحّارة الذين كانوا يشكلون مشاهد سينمائية خلال تجوالهم في مناطق الأبلّة وخمسين حوش والكندي وحطين وخمسميل والسكك وطريق السندباد.
كان الميناء مدرسة عظيمة في التربية والتعليم والأنشطة المجتمعية, وكانت سينما الميناء وسينما البورت تقدمان أروع الأفلام التي تحمل مضامين انسانية واجتماعية, وبناء على هذا التاريخ, نقترح أن يفتح النادي مدرسة أوصفوفاً للاعبين الناشئين والشباب الذين تركوا مقاعد الدراسة, فليس من الجيد أن تقوم هذه المؤسسة الرياضية العريقة بصناعة نجوم أميين يضيعون بعد الاعتزال.
من الممكن أيضا تعليم اللاعبين الصغار لغات أجنبية, مثل الانجليزية والإسبانية والإيطالية والألمانية لغرض إعدادهم للعب خارج الوطن, فتعلم اللغات ُيحّفز الناشئين على التفكير بالاحتراف في الدوريات الأوروبية العريقة, وبالتالي يأتي هذا الأمر بفوائد عدة للمنتخبات الوطنية.
لا بد أن يكون الميناء أحد أهم أبرز نقاط الجذب السياحي للبصرة, ولو للسياحة الداخلية, فأندية كرة القدم في معظم دول العالم تلعب دوراً مهماً في الترويج السياحي للمدن التي تقع فيها, وعلينا أن نخرج من الصندوق ونفكر بطريقة تلائم المتغيرات والمستقبل, فكرة القدم اليوم منظومة اجتماعية رياضية واقتصادية.
تأهل فريق الميناء إلى الدوري الممتاز ليس إنجازا, لأن مكان هذا الفريق بين الكبار, ويجب أن يبقى دائما مع الكبار, لكن مع هذا, نقدم له التهنئة على العودة الميمونة إلى حيث يجب أن يكون, ونأمل أن يستعيد الميناء في العقد المقبل كل سماته المفقودة, فكما أسلفت, الميناء ليس فريق كرة قدم فحسب, بل هو منظومة اجتماعية متكاملة, تقدم خدمات متعددة للمجتمع البصري, بما فيها تحفيز هرمونات السعادة, من خلال النتائج الإيجابية وجمالية الأداء وصناعة النجوم.
تحية إلى جمهور الميناء في كل أنحاء العراق وإلى عشّاقه في المهجر, وإلى لاعبيه وكل من يخلص في خدمته.
شاهد عيان: خلال فترة الحصار, كان بعض مشجعي الميناء يبيعون شيئاً من حصصهم التموينية لكي يشتروا تذكرة دخول إلى الملعب, ويهتفوا مع الجمع: ” يا ميناء يا روحي, يل شايل صفحه من ضلوعي.”
كاتب وصحفي من العراق