بلاسخارت تدعو القادة العراقيين إلى التغلب على حالة الجمود السياسي وتلبية تطلعات الشعب العراقي
جددت الممثلة الخاصة للأمين العام في العراق، جنين هينيس-بلاسخارت التأكيد على أهمية التغلب على حالة الجمود السياسي في العراق، مشددة على أهمية أن تسود إرادة صادقة وجماعية وعاجلة لحل الخلافات السياسية في العراق كي تمضي البلاد قدما وتلبي احتياجات مواطنيها.
وأشارت، خلال حديثها في جلسة لمجلس الأمن، يوم الثلاثاء 17 / 5 /2022 ، إلى العديد من القضايا التي قالت إنها “باتت مألوفة للغاية، حيث لا تزال الجوانب السلبية من الحياة السياسية العراقية تعيد نفسها في حلقة مستمرة على ما يبدو من سياسة المحصلة الصفرية”.
وقالت الممثلة الخاصة إن العراقيين مازالوا بانتظار طبقة سياسية منشغلة بمعارك السلطة، التي عفا عليها الزمن، بدلا من أن تشمر عن سواعدها لإحراز تقدم في تحقيق القائمة الطويلة من الأولويات المحلية المعلقة في العراق.
وتساءلت قائلة: “ما الذي يتطلبه الأمر لإدراك أن هذا وضع من المتعذر الدفاع عنه على الإطلاق؟”
“حتى الآن، يؤيد القادة السياسيون فكرة الحوار أو خوض جولة أُخرى من المفاوضات. لكن هل هناك الاستعداد اللازم لتقديم تنازلات؟ إنه غائب بشكل مؤلم. إذا قمتم بزيارة لأي من الأسواق سيخبركم العراقيون: إن المصلحة الوطنية -هذه المرة أيضا- تتراجع لصالح الاعتبارات قصيرة النظر والرامية للسيطرة على الموارد ولعبة السلطة”.
وقالت السيدة جنين هينيس-بلاسخارت إن الوقت قد حان لإعادة التركيز على ما يتوجب التركيز عليه هو الشعب، وبرنامج عمل، مشيرة إلى إن للتقاعس السياسي في العراق ثمنا باهظا، ليس لمن هم في السلطة، ولكن لأولئك الذين يسعون جاهدين لتأمين معيشتهم من يوم لآخر.
وشددت على ضرورة بناء الثقة، بما في ذلك التعهد بالامتناع عن القيام في المستقبل بإجراءات أحادية الجانب ذات دوافع سياسية.
فيما يتعلق بالهجمات الصاروخية في العراق، وصفت ذلك بأنه أمر مزعج ومربك وخطير. وقالت إن العراق يرفض فكرة أنه يمكن معاملته “بمثابة الفناء الخلفي للمنطقة حيث ينتهك الجيران وغيرهم بشكل متكرر سيادته وسلامة أراضيه.“
وقالت إن “دبلوماسية الصواريخ” هي أفعال متهورة، مع ما قد يترتب عليها من عواقب مدمرة محتملة، مشددة على أن “العراق ليس بحاجة إلى حكام مسلحين ينصبون أنفسهم زعماء”. وشدّدت مرة أخرى على الأهمية البالغة لتأكيد سلطة الدولة.
كردستان العراق
أما بشأن العلاقة بين بغداد وأربيل، دعت المسؤولة الأممية كافة الأطراف المعنية إلى الاسترشاد بروح الشراكة والتعاون، بما في ذلك ما يخص الحكم الصادر مؤخرا عن المحكمة الاتحادية العليا بشأن قانون النفط والغاز لحكومة إقليم كردستان.
وحول الانتخابات في الإقليم، قالت السيد بلاسخارت إنه من الأهمية بمكان تهيئة الساحة الانتخابية – مع تمتع جميع الجهات الفاعلة السياسية، الكبيرة منها والصغيرة بتكافؤ الفرص – بمعنى توفير بيئة انتخابية مواتية.
وأشارت إلى أن تعمق الانقسامات السياسية أثر سلبا على سكان إقليم كردستان
سنجار
بشأن الوضع في سنجار، أشارت الممثلة الخاصة للأمين العام في العراق إلى ما شهدته المنطقة من محن مروعة، بلغت ذروتها في الجرائم البشعة التي ارتكبها تنظيم داعش.
“واليوم، بينما يحتاج السكان المحليون بشكل عاجل إلى إعادة بناء حياتهم، لا يزالون يواجهون عقبات غير معقولة. عقبات بسبب الخلاف على الترتيبات الأمنية وتقديم الخدمة العامة والإدارة الموحدة”.
وقالت إن الافتقار إلى آليات تنسيق وتنفيذ واضحة وهيمنة المصالح الحزبية والوجود المستمر للمفسدين يعوق بشكل كبير إحراز تقدم ملموس.
وأشارت إلى اندلاع الاشتباكات مرة أخرى، في الأسابيع الأخيرة، مما أسفر عن نزوح العائلات في سنجار إلى إقليم كردستان بحثا عن المأوى. وجددت التأكيد على ضرورة أن تكون سلامة وأمن أهالي سنجار أولوية.
“يتعين على بغداد وأربيل تحمل مسؤوليتهما، والعمل معا بشكل عاجل لتحسين حياة الناس على الأرض وتعزيز العودة الطوعية الكريمة للنازحين إلى ديارهم”.
العواصف الترابية والرملية
بشأن العواصف الترابية التي اجتاحت العراق مؤخرا، قالت ممثلة الأمين العام إن الموجة الحالية من العواصف تفوق بكثير ما خَبِرَهُ العراق في السنوات الأخيرة.
“في شهر شباط/فبراير الماضي، تحدثتُ عن أخطار التغير المناخي وآثاره، مع اعتبار التصحر مصدر قلق رئيسي. واستمرار التقاعس عن عمل شيء سيكون له ثمن باهظ”.
وقالت إن تلك العواصف الترابية والرملية الشديدة تدفع الناس للفرار بحثا عن مأوى، بل وتتسبب في المرض والموت.
الدعوة إلى مبادرة دولية لتجاوز حالة الجمود السياسي
وتحدثت في جلسة المجلس أيضا السيدة هناء إدوار، المؤسسة المشاركة ورئيسة جمعية الأمل، حيث ناشدت المجتمع الدولي القيام بمبادرة ملموسة، وضمن سقف زمني محدد، للضغط على السلطات العراقية وصناع القرار بهدف العمل الجدي “لتجاوز حالة الجمود السياسي والانقسامات فيما بينهم وتغليب مصالح الشعب العراقي على مصالحهم الفئوية الضيقة واحترام التزاماتهم الدولية لاتفاقيات حقوق الإنسان”.
وأضافت: “تشير المؤشرات التي تداولتها وكالات الأمم المتحدة والمراكز البحثية الدولية إلى تراجع مريع في الوضع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والصحي والبيئي في العراق، في ظل نظام سياسي قائم على المحاصصة الطائفية والعرقية، بدون سند دستوري أو قانوني”.
وقالت إن القيادات السياسية “نهبت موارد الدولة وموازناتها لأجل مصالحها الضيقة والشخصية، ونشرت الفساد والخراب في مؤسسات الدولة. وحتى حملاتها للإصلاح ومحاربة الفساد هي فساد كبير. كما استبيحت سيادة البلاد أمام التدخلات الأجنبية العسكرية والأمنية المستمرة”.
وأوضحت السيدة هناء إدوار أن سيادة القانون في بلادها “حل محلها انتشار السلاح بيد العشائر والجماعات المسلحة، والإفلات من العقاب هو السمة البارزة في نظام العدالة”.
وقالت الناشطة العراقية إن مصير العديد من الناشطين والإعلاميين المعتقلين والمختطفين مجهولا، “ناهيك عن الآلاف المختفين قسريا. لم يتحرك القضاء لبحث قضاياهم وإنصاف عوائلهم”.
“في ظل الواقع المرير والمحفوف بالمخاطر” الذي يعيشه العراقيون، قالت الناشطة العراقية إن الإصلاح والتغيير أصبحا حاجة آنية ماسة لتحقيق الاستقرار والأمن والتعايش السلمي بين العراقيين.
استمرار جهود التوصل إلى تفاهمات سياسية
أما المندوب العراقي الدائم لدى الأمم المتحدة، محمد حسين بحر العلوم، فقال إن الأطراف السياسية العراقية مستمرة في جهود التوصل إلى تفاهمات وحلول للانسداد السياسي والعمل على تشكيل حكومة جديدة تلبي مطالب الشعب العراقي.
وقدم المسؤول العراقي شكره لمجلس الأمن لتضامنه ودعمه المستمر لبلاده في مواجهة خطر الإرهاب، مشيرا إلى أن القوات العراقية أطلقت في نيسان/أبريل الماضي حملة واسعة النطاق لملاحقة فلول داعش.
وقال إن العراق ملتزم باستعادة العراقيين المحتجزين في مخيم الهول في سوريا، مشيرا إلى إعادة “ما يقرب من 1900 من المقاتلين الإرهابيين، 550 عائلة.. أغلبهم من النساء والأطفال”.
وأكد التزام بلاده بمواصلة التعاون مع المجتمع الدولي لمكافحة الإرهاب، مجددا الدعوة لعدم استخدام أراضي بلاده “لتصفية الحسابات ولتحقيق أغراض سياسية تحت ذريعة مكافحة الإرهاب”.
وقال السفير العراقي إن جهود الحكومة المستمرة، بالتنسيق مع المجتمع الدولي أسهمت في إعادة الاستقرار إلى المناطق المحررة وتنفيذ مشروعات البنى التحتية والصحة والكهرباء والطرق والجسور وعودة نسبة كبيرة من النازحين إلى مناطقهم وإغلاق المعسكرات.
“كما تواصل الحكومة بالتعاون مع دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام جهود التطهير والتوعية بمخاطر الألغام”.
المصدر / موقع الامم المتحدة