* جبار بچاي
ربما تكون تجربة الفرق التطوعية الشبابية في واسط منفردة عن غيرها من التجارب المماثلة ، المتطوعون في تلك الفرق شباب من كلا الجنسين بأعمار متقاربة وبمستويات علمية متنوعة جامعة مابين الطبيب والمحامي والمدرس والاعلامي والمهندس والطالب والكاسب والشرطي وحتى سائق الستوتة واللي عنده ذبانه توديه واجيبه وأبو الكنتر وغيرهم .
بحدود معلوماتي لا توجد مرجعية جامعة لتلك الفرق وعددها غير معلوم لكن المعلوم واليقين كلها تعمل بعيداً عن السياسة وترفض بشكل قاطع دعم أي جهة مهما كانت ومهما قدمت ما يعد مؤشراً واضحاً على استقلالية هؤلاء الشباب والشابات المثابرات .
أغلب تلك الفرق التي تعمل على امتداد المحافظة أو كلها لا تمتك مقار ولا مكاتب وهي بعيدة عن الاجتماعات الرسمية وتدوين محاضر جلساتها.. تواجدها هو الميدان قريباً من بيوت الفقراء والمعوزين وممن يعانون من ضنك العيش لسبب أو لآخر ، فهم يبحثون عن الحالات الإنسانية والمناشدات لغرض تلبيتها ، وإذا ما كانت هناك ضرورة لعقد لقاء بين أعضاء فريق معين فيكون في منزل أحد الاعضاء.
النافذة الوحيد التي تصدر عنها دعوات ومناشدات هذه الفرق وحتى نتائج اعمالها وإنجازاتها هي مواقع التواصل الاجتماعي والكروبات التي تجمع أعضاء كل فريق، والجميل في عمل هؤلاء الشباب رفضهم لفكرة الرئيس والمرؤوس، الجميع يعملون بروحية واحدة تحت مبدأ الانسانية وعمل الخير وما عدى ذلك لا شيء يهمهم .
قسم من الفرق التطوعية يقدم مساعدات على هيئة مواد غذائية وهناك من يقدم مساعدات مالية وعلاجات وأدوية مختلفة وملابس، آخرين ينسقون مع الجهات المعنية لإجراء عمليات أو فحوصات لمرضى معوزين ، طرف آخر يبني البيوت للفقراء أو يجلب المواد الإنشائية لمحتاجين لها ، وهناك من يقوم بدفع الايجارات لعوائل ليست عندها القدرة المالية لدفع الايجار، فريق يشتري أجهزة كهربائية وملابس وأفرشة للمحتاجين، وآخر يساهم بتزويج الشباب إضافة الى المبادرات والحملات الجماعية المختلفة و … و …و ..
خارطة عمل الفرق التطوعية غير محددة ، فهي مفتوحة نحو كل الاتجاهات وفي أي مجال عندهم قدرة ابداعية في تلبية أي مناشدة تصل اليهم مهما كانت وأحيانا بسرعة البرق كما يقال وفي بعض الحالات يتعاضد أكثر من فريق إزاء قضية معينة وإنجازها سريعاً إذا كانت تتطلب على سبيل المثال مبلغاً مالياً كبيراً.
ثمن اسئلة قد تتبادر عند البعض .. كيف يجري ذلك ومن أين يحصلون على تلك الاموال ؟ ماهي الدوافع التي تدعوهم لاستنزاف جيوبهم وإطلاق مناشدات للحصول على المال ؟ لماذا لم يفكر كل شاب بمستقبلة وحياته بعيداً عن هذا التعب .
الجواب ببساطة .. أحياناً يجمعون من مصروفهم اليومي مع أن الغالبية بينهم بلا مورد سوى مساعدة الأهل وجيزدان الوالدة اللي ما تنسد سحابته أو محفظة الأب التي تعاني أحياناً من الضيق المادي، أو من تبرعات الخيرين بعد اطلاقهم مناشدات فيها حاجة للمال لهذه القضية أو تلك، أما الدوافع عندهم هي إنسانية لا أكثر، وصار ذلك هاجسهم اليومي ، هم يفكرون في كيفية إسعاد المعوزين ومد يد العون لهم قبل أن يفكروا بمستقبلهم المجهول .
الفرق التطوعية مظلومة في الجانب الاعلامي إلاّ ما ندر ، والاحتفاء بهذا الفريق أو ذاك أو تكريم المتميزين فيها لازال خجولاً عدا بعض الاستثناءات البسيطة جداً ، ولو لا سيد مارك وفيسه ما كان لأحد أن يعرف عملها وإنجازاتها ومبادراتها التي لها أول وليس لها آخر، ومن الطريف جداً أن فريقا من هذه الفرق ساهم قبل فترة برأب الصدع بين زوجين وصل الخلاف بينهما حد الطلاق وتمكن شباب الفريق وشاباته من إعادة الوئام بين الزوجين وهما الآن يعيشان حياة مكللة بالسعادة بعد مرارة التجربة .