الرازي استعمل امعاء الحيوانات في خياطة الجروح و العرب أول من اكتشف الجراحة ورسم خرائط الأوعية والشرايين
كانبيرا/ وطن برس اونلاين – اشواق شلال الجابر:
اكدت الدراسات أن المعلومات الجراحية منتشرة عند العرب منذ القدم ، وعرف من الجراحة الكي والفصد والحجامة ، بالأضافة إلى تجبير الكسور، ولم تكن هذه الأمور تجري من قبل الطبيب وإنما غالباً من قبل الحلاق وذو الخبرة ، فقد ورث العرب احتقار الجراحة من اليونان ، و الجراحة تعني بالترجمة الحرفية ( صناعة اليد ) كما ورث العرب الخوف من إجراء العمليات الجراحية ، لما في ذلك من خطر على الحياة التي يعاقب عليها قانون حمورابي ( العين بالعين والسن بالسن ) وعد الطب نوعا من الفلسفة من نتاج العقل .
وقد عبر ابن سينا عن رأيه في الجراحة فحقرها وقال إنها من الصناعات وأنها لاتستحق ان ترفع إلى مقام الطب في كتبه . وإذا كان العرب قد ترجموا العلوم اليونانية والفارسية والهندية القديمة
فإنهم لم يقفوا عند احترام هذه فحسب ، بل إنهم مع مرور الوقت ومع تراكم المعلومات والخبرة قد كونوا افكارا جديدة ودفعوا إلى مستويات جديدة وكانت التشريحية والطبية المكتسبة قد ساهمت إلى حد كبير في معرفة جسم الإنسان وطريقة عمله ـ كما ان الحروب واستمرارها طوال الفترة قدراتكم كثيرا من الخبرة الجراحية والطبية ايضا وكانت اول كتابة حفلت بموضوع الجراحة في مؤلف الجراحة علي بن الطبري ( فردوس الحكمة وهو جزء قليل ، ثم جاء الرازي الذي سمي ( جالينوس العرب) فخصص جزءين من كتابة ( الحاوي ) المكون من اثنين وعشرين مجلدا للجراحة وأمراض المسالك البولية والتناسلية والسفر الحادي عشر مخصص لعلاج المرض والفسخ الذي يشق جراحات العصب والعقل والوتر والربطة ، وفي علاج رخي العصب وفي خياطة جراحة البطن والمراق والأمعاء والقرحة وفي إدمان الجروح، وفي تولد العروق وفي عسر التئام الجروحات وسهولتها حسب الأعضاء وفي جراحات الدماغ والخراجات الحادثة من داخل الأذن وفي قواعد علاج القروح الباطنية ونزف الدم من باطن البوق وفي نزف الدم الناجم عن نسخ العروق او فتحها فيما خصص الرازي المقاله السابعة من كتابه ( المنصوري ) للجراحة في تسعة عشر فصلا ، وللرازي ،إبداعات في الجراحة في الجراحة والرازي هو اول من استعمل امعاء الحيوانات في خياطة الجروح الداخلية حيث استعمل ( مصران القطة) ، وقد اكتشف الرازي كثيرا من المعلومات في كتب جالينوس التي لاتتوافق مع خبرته فكتب كتاب ( الشكوك على جالينوس ) كما استعمل الرازي القساطير للمجاري البولية وأدخل عليها الفتحات الجانبية حتى لاتسد الدم او الصديد، وكان الرازي أول طبيب عمد على أستخدام الكحول في الأغراض الطبية .
* الزهراوي منشء الجراحة الحديثة *
ولاشك ان الزهراوي (912-1012) هو المبدع العربي الأكبرفي الجراحة وقد قال عنه عنه ( ان ابا القاسم هو منشء الجراحة الحديثة وسماه جاي دي شولياك جراح القرن الرابع عشر ابو قراط وجاينوس ، وكان الزهراوي اول من اجرى عملية استئصال الغده الدرقية عام 952م كعلاج لتضخم الغدة ، كما كان اول من اجرى عملية استئصال اللوزتين ، واخترع الالات اللازمة لذلك ولإزالة الأجسام الغريبة من الحنجرة ، ولقد اوصى ابو القاسم الزهراوي ان يرفع الحوض والرجل ، قبل كل شءوهذه طريقه اقتبسها الغرب مباشرة عن الجراح العربي الزهراوي ، وما زالت تستعمل ( ترندلنبرغ) ولكن مع شديد الأسف لم يذكروا فضل هذا الجراح ، وعنه اخذوا ايضا طريقة فتح رباط الجبس في الكسور المفتوحة وامد الجراحين واطباء العيون والأسنان الأوروبيين بالالات اللازمة للعمليات .
ووصف الزهراوي النزيف داخل الجمجمة وخارجها وإصابات الرأس والالات لفتح الجمجمة وشرح الزهراوي شق المثانة كما ادخل طريقة جديدة لأخراج الحصاة من الحالب وذلك بإدخال لوب من خلال المجاري البولية إلى فوق الحصاة ثم إخراجها بتكسير الحصاة ، ووصف الزهراوي اهمية وضع الانابيب بعد فتح الدمامل ووصف فتق السرة كما شرح عملية الفنق الأربي القربية من العملية الحديثة ن وتحدث عن وقف النزيف بالضغط او بالرباط او بالكي . وتطرق الى استئصال السرطان في الثدي والفخذ ونحوها من الأعضاء الممكن إخراجه منها لاسيما إذا كان مبتدئاً صغيراً وأما إذا كان الورم عظيماً فلا ينبغي . ويصف علاج الأستسقاء بالأدوية والشق ويصف مكان الشق فوق العانة إلى جانب السرة . وقدم الزهراوي اراء مبتكرة في حقل الجراحة ومن اهمها تعقيم الجروح
وضرورة تشريح الأجسام بعد الموت لمعرفة سبب الوفاة كي يتسنى الاستفادة من المعلومات والنتائج التي تحصل عليها في الاحوال المماثلة .
*ابن سينا يضع القانون في الطب *
وفي الوقت نفسه الذي كان الزهراوي يحمل رايه الطب والجراحة في الاندلس كان ابن سينا يضع اسطورة اخرلا ويضع القانون في الطب ليكون اعظم كتاب في الطب والجراحة غير العصور.
شمل ترتيبا وتنظيما للمعلومات التشريحية المقتبسة عن جالينوس
وابو قراط واراءه فيها اوضح جراحة الأعصاب والبواسير والكسور
وشق المثانةوعلاج الكسور ، ووصف استئصال اللوزتين ودافع الجراحة وعواقبها .
ووصف ابن سينا جراحة الأشياء ، بدقة إذا يقول ( وأصلح الأشكال والنصب للمريض ان كانت الجراحة اتجه إلى فوق ، فالشكل والنصبة المتجهة إلى اسفل وليكن غرضك الذي تقصده في الأمرين جميعا أن لاتقع سائر الأمعاء على المعي الذي برز فتنقله وإن فعلت هذا او جعلته غرضك علمت أنه كانت الجراحة في الشق الأيمن فينبغي أن يأخذ المريض بالميل إلى الأيمن ، ويكون قصدك دائما ان تجعل الناحية التي فيها الجراحة ارفع من الناحية الاخرى ، فإن هذا أمر يعم جميع الجراحات وأما حفظ الأمعاء في مواضعها التي لها خاصة بعد ان ترد إلى البطن ، إذا كانت الجراحة عظيمة فتحتاج إلى خادم جذل وذلك انه ينبغي ان يمسك موضع تلك الجراحة كله بيده من خارج فيضمه ويجمعه ويكشف فيه شيئابعد شيء للمتولي خياطتها .
*ابن القف اخر العمالقة الجراحين *
ويأتي بعد ذلك الطبيب والجراح العربي أبو الفرج بن القف ( 1233-1286) مكان اخر العمالقة الذين أضافوا وأبدعوا في الجراحة ولعل أول إبداع له هو في إدخال كلمة جراحة بدل صناعة اليد فسمي كتابه
( العمدة في الجراحة ) ويقول في مقدمة كتابة ( وبعد فقد شكا لي بعض جراحي زماننا اهتمام أرباب هذا الفن بأمر هذه الصناعة وان واحدا منهم لم يعرف سوى تركيب بعض المراهم وإضافة مفرداتها ولم لاتستعمل هي بمفرداتها لم يكن عنده مايجيبه عن ذلك سوى انه رايت معلمي وهو يستعملها في مثل هذه الصورة فأستعملها )
ثم قال وهذا خطأ زائد لما عرفت من تركيب الأمراض والسياب والأعراض وأنه لابد للمعالج من معرفة مايعالجه ، ثم أعتذر بأنه
ليس لهم كتاب يرجعون إليه في هذا الفن بحيث أن يكون جامعاً لما يحتاج إلية من صاحب هذه الصناعة ، ثم سألني سؤالاً وهو أن أصنف له كتاب في ذلك وأن أذكر أولاً حد هذه الصناعة ثم أذكر ما يحتاج إلية من الأمور الطبيعية التي هي مبادئ الصناعة .
أي أنه أول كتاب مخصص للجراحة ثم يحدد معنى الجراحة في المقالة الأولى في حد الجراحة ، الجراحة ينظر بها في تعريف أحوال بدن الإنسان من جهة مايعرض بمظاهرة من انواع التفرق في مواضع مخصوصة ومايلزمة وغايتها المادة العضو إلى الحالة الطبيعية الخاصة به ، ثم يقول واعلم أن هذه الصناعة لها مطالب ومبادئ فمبادئها الأخلاط والأعضاء من الأمور الطبيعية ، والناظر فيها الطبائعي والمطالب معرفة الأورام والقروح وانواع التفرق الحاصل في الاعضاء الظاهرة , وتحدثت عما يجب ان يعرف الجراح ( يجب
الجراحي قبل معالجة العضو ان ينظر في امور أربعة ، ومزاجة ، ووصفة جوهرة ورتيبه في الحس أما مزاجه الطبيعي فإنه متى عرفته
عرفت كيفية الدواء المستعمل في المداواة لأن المداواة بالضد على عرف في علم بالطبيعة وأما جوهرة علم ان من الأعضاء ماهو مجوف ومنها ماهو مصمت ومنها ماهو متخلخل ومنها متكاثف ثم يتحدث عن انواع التفرق وهي ثلاثة طبيعي كفتح الطبيعة للخراجات وغير طبيعي كالشخيات وضرب السيف والسهام ) ويتحدث في مرة اخرى عن التفرق على انه نوعان بسيط ومركب والمراد بالبسيط ان لايكون قد ذهب من جوهر العضو شيء ، والمركب هو ان يكون قد ذهب منه شيء ، والأول له علاج عام وعلاج خاص والعام حضره الأطباء في اربعة انواع احدها جمع ما قد تفرق وذلك لان الغرض من علاجه عود العضو إلى اتصاله الأول وتارة يكون بالخياطة وتارة يكون بأن يجعل شفتي الجراحة في فم شيء من الحيوان كما يعمل
بالنمل الطائر فإنه يفتح فاه ويلقم بشيء من اجزاء الثرب عند تفرق اتصاله ثم يقص رأس النمل ويترك على ماهو علية ويبقى قمه مطبقاً وتارة يكون بالعصب ، ولاشك ان هذه وطريقة مبتكرة تستعمل في أيامنا هذه بالملاقط .
كما يتحدث عن ضرورة النظافة ( ان يتحرز من وقع شيء ، بين شفتي الجراحة فإنه يمنع التقاءهما وذلك الشيء، اما شعر أو دهن وأما غبار )
وقد عرف العرب ايضاً تسكين الآلآم والتخدير في الجراحة كما عرفوا الإسفنجية المخدرة حيث توضع هذه مع عصير من الحشيش والأفيون والزؤان ثم تجفف في الشمس ولدي الأستعمال ترطيب ثانية
وتوضع على انف المريض إلى النوم عميق يحرره من أوجاع العملية
وأخيراً استطيع ان نقرر ان العرب قد طوروا الطب والجراحة وقفزوا به إلى الامام ولم يكونوا مجرد ناقلين للعلوم االيونانية، كما لم تكن العلوم اليونانية نقلا للعلوم عن الشعوب القديمة فقط وإنما تطورت ايضا من خلاله ، كما هي طبيعة التراكم في التاريخ .
المصادر
أولاً ، لمحات من تاريخ الطب عند المسلمين الأوائل علي عبد الله
الدفاع .
ثانيا القانون في الطب – ابن سينا الجزء الثالث مؤسسة اغرين للطباعة والنشر بيروت
ثالثاً :- الطب عند العرب ، حنيفة الخطيب 1986