مر عقد من الزمن على التغيير الذي شهده العراق في التاسع من نيسان عام 2003 ولازال البلد مضطربا لا يهدأ من ازمة الا ويدخل في اخرى، ولعل قائل يقول ان من طبيعة عمليات التغيير التاريخية، كالتي يشهدها العراق، انها تاخذ وقتا طويلا ولذلك فان العقد والعقدين لا يعنيان شيئا في عمر الشعوب والامم التي تنشد التغيير الجذري. واقول، نعم، ولكن ذلك صحيح اذا كانت عملية التغيير تسير الى الامام،وان كانت بتوئدة وبخطوات قصيرة، وبتقدم سلحفاتي بطئ، ولكن المهم ان تسير الى الامام، اما ان تخطو خطوة الى الامام وتتراجع خطوات الى الوراء، او انها تعود بين عام وآخر الى نقطة الصفر والى المربع الاول، كما هو الحال اليوم في العراق الجديد، فذلك لا يبشر بخير ابدا، وهو من علامات الفشل وان جبن كل الفرقاء من تسميته.
وقد يسال البعض ويقول: ومن قال ان حال العراق كذلك؟ من قال انه يتقدم خطوة الى الامام ويتراجع خطوات الى الوراء؟.دعونا نكون علميين وواقعيين ونضرب الامثلة التالية، كشاهد اثبات بغض النظر عن الاسباب والمسببات:
اولا: في العام الماضي كانت علاقات المركز واقليم كردستان على احسن ما يرام، اما اليوم فانها في اسوء حالاتها، ما يعني ان العملية السياسية تراجعت.
ثانيا: في العام الماضي كانت العلاقة بين السيد رئيس الوزراء والقيادات السنية المشاركة في حكومته على احسن ما يرام، اما اليوم فانها في اسوء حالاتها، ما يعني ان العملية السياسية اصيبت في انتكاسة.
ثالثا: في العام الماضي كانت الخلافات السياسية تحت السيطرة، لانها كانت تدور بين السياسيين وزعماء الكتل السياسية فقط، اما اليوم فان الخلافات نزلت الى الشارع، ما يعني بان العراق تراجع الى الوراء.
رابعا: في العام الماضي كان حليف العراق الجديد، واقصد به الولايات المتحدة الاميركية التي ترتبط معه باتفاق استراتيجي طويل الامد يرسم معالم شراكة حقيقية بين البلدين، يامل خيرا من العملية السياسية ولذلك كان يدافع عنها بكل ما اوتي من قوة سياسية وديبلوماسية واقتصادية وغير ذلك، كما انه كان يدافع عنها في عواصم (العربان) وعلى راسهم الدوحة والرياض من الذين يحاولون بكل جهد ممكن اسقاط العملية السياسية والاجهاز على النظام السياسي الديمقراطي، اما اليوم فان واشنطن تئن من صداع قوي في الراس اسمه (العراق الجديد) لدرجة بات بعض حلفائها السياسيين في بغداد يتهمونها بالسعي لاسقاط العملية السياسية وهم يسوقون احتفاظها باحد ايتام النظام البائد من المدرجة اسماءهم على لاحئة المطلوبين اميركيا، كدليل على ذلك، وليس بيان المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الاميركية بشان التظاهرات والاعتصامات التي تشهدها عدد من المدن غرب البلاد ببعيدة عن امثلتهم التي يسوقونها بهذا الصدد.
خامسا: في العام الماضي كانت السلطة القضائية اكثر استقلالية، اما اليوم فان رئيس السلطة التنفيذية يتدخل بشكل مباشر بمهامها، ان من خلال القرارات المباشرة او من خلال ما يسميه بلجنة الحكماء او ما اشبه، ولعل في عملية اطلاق سراح المعتقلات مؤخرا خير دليل على ذلك، ما يعني ان النظام الديمقراطي اصيب بنكسة خطيرة.
سادسا: في العام الماضي نجحنا بعض الشئ في تقليل تدخل (علماء الدين) في السياسة، ليدير السياسيون العملية السياسية، بعد ان ظل كثيرون يتهمونهم بانهم يوظفون الدين والمذهب لاغراض سياسية، اما اليوم فان (علماء الدين) الذين ظلوا صامتين على مدى (35) عاما من حكم الطاغية الذليل يرفضون التدخل في الامور السياسية على الاقل من اجل ان يحتفظوا بمرتباتهم الشهرية التي كانوا يقبضونها من النظام، وتحديدا من وزارة الاوقاف، هم الذين يقودون التظاهرات والاعتصامات.
سابعا: في العام الماضي نزعنا بالكامل فتيل الازمات الدينية والمذهبية، اما اليوم فقد عاد الاحتقان (المذهبي) الى اوجه، حتى بات العراق مرة اخرى على حافة حرب طائفية لا سامح الله، لدرجة ان رئيس الوزراء يعدها احدى الاحتمالات التي قد تواجه البلاد، فيما كان يدعي في العام الماضي بانه قد تم تجاوز احتمالات الحرب الاهلية والى الابد.
هذه بعض الادلة التي تثبت بان عملية التغيير التاريخية التي يشهدها العراق مصابة بمرض عسير ربما تحتاج الى عملية قيصرية اذا ارادت الشفاء منه، ويمكنني هنا ان اجزم بان لب المشكلة في العراق الجديد، هو الاستبداد كثقافة وظاهرة تعيش في دم العراقيين وهم يتنفسونها شهيقا وزفيرا مع الهواء الذي يستنشقونه، وهو الذي يسبب كل هذا الاضطراب وعدم الاستقرار في العملية السياسية.
فعندما يلجا الحزب الحاكم الى اجبار الناس للتظاهر تاييدا لسياساته، كما حصل ذلك يوم امس في عدد من المحافظات الجنوبية، فيعطل المدارس والدوائر الحكومية ويهدد من لا يشترك فيها، فان ذلك من علامات الاستبداد الذي بدا ينمو شيئا فشيئا في قلب عملية التغيير التاريخية، ما يشير الى ضعف المطلوب من كل هذا الاضطراب.
وعندما يرفع بعض المتظاهرين شعارات وعلامات تحن الى الماضي الاسود، فهذا يعني انهم مسكونون بالاستبداد، ما يشير الى ضعف الطالب.
ومن علامات الاستبداد:
ترتعد فرائصنا بظهور تافه لاحد ايتام النظام البائد ممن كان ينعته العراقيون زمن سيده الطاغية الذليل صدام حسين بانه (ابو الثلج) او انه (جرذ القائد).
فبعد مرور (10) اعوام على التغيير لا زلنا نتخوف من ايتام النظام ومن عودة (حزب البعث) مع كل القوانين التي تصورنا بانها اجتثتهم من جذورهم، لنكتشف اليوم بان القضاء على مخلفات النظام البائد وابعاد شبح عودته الى السلطة والحياة السياسية مرة اخرى، لا يتم بالقوانين او بالقتل والاعدام وما اشبه وانما بالانجاز الصحيح والسليم الذي يطمئن الشارع بان عهدا جديدا قيد الانجاز بالفعل لا بالكلام.
كل الاطراف السياسية تتحدث عن عرائض تواقيع، ضد الاطراف الاخرى، تارة لسحب الثقة من هذا وحجبها عن ذاك، وتارة لاستجواب هذا وطرد ذاك، حتى مل الشارع العراقي من هذه اللعبة التي تشبه الى حد بعيد لعبة الاحجار التي كنا نلعبها في شارع المحلة عندما كنا اطفالا صغارا.
كل الاطراف السياسية تتهم بعضها البعض الاخر، تارة بحملها اجندات خارجية واخرى لتخريب العملية السياسية وثالثا بالتدخل في شؤون هذه القوة او تلك من القوى الثلاث في البلاد، التنفيذية والتشريعية والقضائية.
وكلهم يتحدثون عن الفساد المالي والاداري ولكن لم نسمع لحد الان ان احدا منهم قدم احد عناصر كتلته البرلمانية للقضاء طواعية ومن دون فضائح، علما بان كل الاطراف متورطة بهذا الملف.
كل الاطراف تدافع عن الدستور وتتهم الاخرين بالتجاوز عليه، وكلهم يدعون للعودة الى الدستور كمرجعية لحل الازمات، ولكن لا احد يعود اليه بالفعل، بل انهم جميعا تجاوزوا عليه بشكل او بآخر.
المواطن شريف اذا كان (صم بكم عمي فهم لا يعقلون) اما اذا تظاهر او اعتصم او انتقد او كتب ما يختلف ورؤية المسؤول فهو مشكوك في ولائه وارتباطاته ووطنيته ودينه ومذهبه وعشيرته وخلفيته الثقافية وفي انتمائه الحزبي وفي كل شئ.
اما الحل، والذي يجب ان ينفذ اليوم تحديدا وليس غدا، لان للزمن تداعياته واستحقاقاته، فيمكنني تلخيصه بما يلي:
اولا: ان يمتنع كل السياسيين من جر خلافاتهم الى الشارع، وعدم نقل هذه الخلافات الى الاعلام المباشر، وذلك يتطلب من كل وسائل الاعلام الوطنية عن الامتناع عن استضافتهم في اي برنامج او نشرة خبرية او تقرير اخباري، خاصة بعد ان ثبت للجميع بانهم يكذبون بامتياز وانهم يقولون نصف الحقيقة وانهم يتهمون بلا دليل وينقلون الخبر بلا تثبت، وان كل ذلك يزيد الازمة اشتعالا وانه يضيف زيتا الى النار ولا يساهم في حل الازمة.
ثانيا: ان تتحول اكبر كتلة برلمانية، واقصد به التحالف الوطني، الى مؤسسة قيادية، تتحمل مسؤولياتها التاريخية على اكمل وجه من خلال توحيد الخطاب السياسي والاعلامي وكذلك توحيد المواقف ازاء القضايا الاستراتيجية، وترك ظاهرة العصبية والتعصب والفعل ورد الفعل والتازيم والانفعالية في القول والفعل.
ان رئيس الوزراء الحالي لا يمثل راي التحالف، في الوقت الذي يجب ان يكون كذلك كونه مرشحه لرئاسة الوزراء وليس مرشح حزب او قائمة انتخابية ما، فهل رايتم في العالم مرشح حزب لتولي رئاسة حكومة لا يمثل راي حزبه؟.
ولعل اكبر دليل على ان رئيس الوزراء لا يمثل راي التحالف، وربما حتى انه لا يمثل راي قائمته الانتخابية، فضلا عن المكون الاكبر في المجتمع العراقي، هو ان الذين يظهرون على الشاشة الصغيرة للدفاع عن سياساته ينتمون اليه حصرا، الى الحلقة الضيقة التي تدور في فلكه، فلا احد منهم ينتمي الى كتلة (مستقلون) مثلا، وهي كتلة منضوية تحت قائمته الانتخابية كذلك، ولا الى حزب نائب رئيس الجمهورية او من كتلة (كفاءات) وهي كذلك كتل سياسية منضوية تحت قائمته الانتخابية، ما يعني انه ربما لا يمثل الا جماعته والذين لا يمثلون سوى (18%) فقط من مجموع عدد نواب المجلس.
هذا على الرغم من ان مبدا التوافق الذي اعتمده السياسيون لتشكيل مؤسسات الدولة لا يقوم على اساس العدد وانما على اساس الانتماء الى المكون الاجتماعي.
ثالثا: ان يعيد السيد رئيس الوزراء الامانة الى التحالف الوطني، كما اعادها اليه من كان قبله، على اعتباره ممثل الكتلة البرلمانية الاكبر وليس باعتباره من حزب ما او قائمة ما، ويطلب منه اختيار شخصية مستقلة بشكل كامل بعيدا عن كل الانتماءات الحزبية، لتشكيل حكومة تكنوقراط مؤقتة ومختصرة مهمتها تصريف الاعمال وتهيئة كل الظروف اللازمة من اجل اجراء الانتخابات البرلمانية القادمة وفي وقتها.
ان مثل هذه الخطة دليل قوة وحرص وايمان بالعراق وبشعبه الابي، وهي ليست دليل ضعف او هزيمة ابدا، كما يحاول بعض المستشارين تفسيرها لمن يهمه الامر، فلقد استقال عظماء كثيرون في التاريخ ممن وصلوا الى طريق مسدود مع شعوبهم، بعد ان حققوا اعظم الانجازات لاممهم ودولهم، فلماذا لا يتكرر مثل هذا المشهد في العراق الجديد؟ الى متى يظل الزعيم في بلادنا تنتهي حياته السياسية بالسحل في الشوارع او الى مقصلة الاعدام؟ لماذا لا تنتهي حياته، ولو لمرة واحدة، الى منزله معززا مكرما؟.
ان مثل هذه الخطوة ستغلق الباب بوجه ايتام النظام البائد، ممن يتحينون الفرص للنزو على السلطة.
رابعا: ان يسرع مجلس النواب الخطوات لتشريع القوانين التالية:
الف؛ اصلاح قانون الانتخابات من خلال تقسيم العراق الى دوائر بعدد مقاعد المجلس، والغاء القاسم الانتخابي واعتماد عدد الاصوات للفوز بالمقعد النيابي على قاعدة (صوت واحد لمواطن واحد) وكل ذلك من اجل ان يفتح الطريق امام التغيير الحقيقي ان على مستوى الوجوه او على مستوى السياسات والبرامج الانتخابية.
باء: اصدار قانون الاحزاب لتنظيم العمل الحزبي.
جيم: تشريع كل القوانين اللازمة لتهدئة الشارع العراقي كقانون العفو العام والتقاعد والميزانية العامة وما يخص سجناء (رفحاء) وغير ذلك.
خامسا: ان يسرع القضاء في حسم الملفات العالقة بما يضمن تحقيق العدالة وحماية حقوق المواطن.
ان الدعوة اليوم لحل البرلمان هي دعوة خطيرة جدا، لانها تعني الغاء الجهة التشريعية الوحيدة في البلاد القادرة على تشريع القوانين اللازمة لتصحيح مسار العملية السياسية.
ان العراق يمر اليوم بازمة حقيقية، يحتاج تجاوزها الى الاعتراف بها اولا، والى الحكمة والتاني والصبر وسعة الصدر، اما العنتريات والفعل وردود الفعل والصراخ الخاوي من على الفضائيات، خاصة الطائفية التي لا تريد بالعراق خيرا، فان كل ذلك دليل على ان صاحبها ليس رجل دولة ابدا، وانما هو (ابن شوارع) او في احسن الفروض (من طلاب السلطة).
وكلنا يعرف جيدا، بان ابواب الازمة الحالية مشرعة على كل الاحتمالات، خاصة وان العراق تحيطه ازمات كثيرة ومعقدة، وبعد ان كان بعض الساسة العراقيين يفتخرون على غيرهم باستقرار العراق قياسا الى بقية بلدان الجوار، بل ان بعضهم ذهب الى اكثر من ذلك عندما تحدث عن استعداد العراق لحل مشاكل غيره من دول المنطقة والجوار، اذا به اليوم محاصر بازمة خطيرة قد تنفجر حربا اهلية لا سامح الله اذا لم يأخذها السياسيون على محمل الجد، فيجدوا لها الحلول الحقيقية والمناسبة وليست الحلول الترقيعية والزئبقية التي لا تغني ولا تسمن من جوع، بعيدا عن لغة التهديد والوعيد والاستهزاء والطعن واللغة السوقية وغير ذلك، فلقد ثبت بالدليل القاطع ان مثل هذه اللغة لا تبني دولة ولا تنقذ بلدا من ورطة، وما تجارب الطغاة السابقية كصدام والقذافي ومبارك ومن لف لفهم ببعيدة عن ذاكرتنا مهما تناسينا او تغافلنا.
ان العراق الجديد بحاجة الى اسس جديدة ليعيد على اساسها بناء النظام السياسي، فلقد ثبت بالتجربة خلال العقد المنصرم بان الاسس التي بني عليها فاشلة وغير قادرة على الصمود وبناء الدولة الحديثة، كما انها اسس مهزوزة بنيت على الرمل او الطين، ولذلك نراها تهتز امام ابسط العواصف السياسية التي يمر بها البلد.
ان شعارات مثل (حكومة الوحدة الوطنية) و(الشراكة الوطنية) و (المصالحة الوطنية) التي اشركت في العملية السياسية كل من هب ودب، هي شعارات فاشلة ولا اساس لها من الصحة على ارض الواقع.
كما ان من ظل يتصور بانه قادر على توظيف مثل هذه الشعارات (الخزعبلات) لتحقيق استقرار البلاد، عليه ان يحترم نفسه ويستسلم للحقيقة ويعلن عن فشله على الملأ، فلا يظل يظهر على الراي العام منظرا ومتفلسفا.
واذا اردنا ان نسلم بمثل هذه الشعارات ونعتبر الحكومة الحالية هي حكومة شراكة وطنية تقاسمها الشركاء بالتساوي (ثلث لكل مكون) كما يدعون، فان ذلك يعني ان ثلثي الشعب العراقي فك ارتباطه بهذه الحكومة، واقصد بهم الكرد والسنة، بالاضافة الى ثلث المكون الثالث وهم الشيعة، فما الذي بقي من هذه الشراكة سوى الاسم؟.
هذا من جانب.
ومن جانب آخر، من قال بان (العربان) لا يتربصون بالعراق الدوائر؟ ومن قال بان نظام القبيلة الحاكم في دول الخليج لم يفعل كل ما بوسعه للاجهاز على النظام السياسي الجديد في العراق؟ ومن قال بانه لا احد في العراق لا يتمنى ان تعود عقارب الساعة الى الوراء بالرغم من انه عمل جنوني لا يفكر به الا من به لوثة عقلية؟ لا احد يختلف على وجود مثل هذه المخاطر واكثر، ولكن السؤال هو: كيف السبيل الى تجاوز كل هذه المخاطر؟ وكيف السبيل لحماية العراق وتجربته السياسية الجديدة من الانزلاق في مهاوي الحرب الداخلية والتاثر بازمات المنطقة؟.
ان الازمة الخطيرة التي نمر بها الان اثبتت لكل ذي عين بصيرة بان جل من تصدى للعملية السياسية الجديدة منذ سقوط الصنم ولحد الان هم ساسة فاشلون وبامتياز لا يحسنون سوى صناعة الازمات للاعتياش عليها الى حين.
ان فشلهم هو الذي يعرض العراق الجديد لكل المخاطر التي يتحدثون عنها وربما يبشروننا بها، كما فعل مؤخرا السيد رئيس الوزراء عندما عدد لنا المخاطر وكان العراقيين يجهلونها او انهم لا يلمسون اثرها.
ان الحديث عن مثل هذه المخاطر هو واجب المواطن لينبه المسؤول، اما ان يتحث عنها المسؤول، خاصة اذا كان بمستوى رئيس الحكومة، فما هو دوره اذن؟ ماذا كان يفعل طوال السنوات العشر الماضية؟.
ان كل السياسيين الحاليين مسؤولون عن هذه المخاطر التي تحدق بالعراق الجديد، بل انهم هم الذين عرضوا البلاد لها، فعندما تمر (10) اعوام من دون ان يتمكنوا من حل مشاكلهم، ليس تلك القائمة بين الكتل فحسب وانما حتى تلك القائمة داخل الكتلة الواحدة، بل داخل التيار الواحد، فان ذلك يعني بانهم فاشلون ويجب ازاحتهم عن السلطة ليتسنم المسؤولية اناس آخرون ربما يكونون اقدر على ادارة البلاد وانتشالها من هذه الفوضى الخطيرة.
لقد انشغلوا، وعلى مدى عشرة اعوام، في تقاسم الغنائم فيما بينهم وتركوا الشعب يئن تحت المشاكل العويصة التي تعصف بالبلاد، فبالاضافة الى انعدام الخدمات الاساسية من الماء الصالح للشرب والكهرباء، فان قطاعات حيوية مثل الصحة والتربية والتعليم والزراعة والصناعة وغير ذلك، تعاني من مشاكل حقيقية وتخلف مرعب، وكل ذلك بسبب الفساد المالي والاداري وسياسات المحاصصة والتوفق وغير ذلك، والتي شلت عمل مؤسسات الدولة ومرافقها الحيوية، فضلا عن عمل مجالس المحافظات بالتبع للمركز.
يجب على كل السياسيين ان يتحملوا المسؤولية لحين تسليمها الى الشعب العراقي الذي سيقف قريبا مرة اخرى على اعتاب صناديق الاقتراع ليختار ممثليه في مجلس النواب، والا فان الانهيار لا سامح الله سيصيب الجميع بالضرر وعندها فسوف لن يرحم العراقيون من خان الامانة وعبث بمصيرهم وعرض بلادهم للخطر.
NAZARHAIDAR@HOTMAIL.COM