وطن برس أونلاين

جريدة عربية مستقلة

أهم الأخبار رياضة

علي رياح يستذكر الكابتن الراحل ناظم شاكر

كتب / علي رياح 

قال بعفوية وطيبة قلب : أبو حسين .. على كيفك ويانه ، هاي اسئلتك صعبة وتقلـّب المواجع؟!

– قلت له : تفضل أبو غزالة ..أطرح الاسئلة على نفسك وأجب عليها .. هل هذا ما تريده؟

* قال : عمي يا چلـمة ردي لمچـانـچ .. يالله .. السؤال اللي بعده!

* * *

الحوار كان يجري في مكاتب أستوديوهات الطلبة والشباب وشاهدُنا عليه الزميل العزيز الدكتور غانم نجيب عباس الذي كان يتدخل بين حين وآخر بأسئلة كان يريد بها تهدئة وتيرة الحوار الذي نشرته لاحقا على أربع صفحات في مجلة (الرياضي العربي) الكويتية ..

* *  *

منذ ذلك اليوم التشريني من عام 1983 ، وأنا – طالب في المرحلة الثانية بكلية الآداب – قسم الترجمة – لا أحمل في ذهني إلا صورة النجم الكروي الكبير الذي أخذه التواضع الجم والبساطة دونما تصنع وروح المرح وحب الحياة ،  من كل أضواء النجومية .. في تلك الحقبة ، كان ناظم شاكر في ذروة عطائه الكروي ، حتى مشاكساته كانت في الذروة ، لم يجن منها سوى التحذير مرات كثيرة والعقوبة مرات أقل!

لكن الرجل كان يحقق الإجماع لدى محبيه أو غرمائه أو حتى حُسّاده ، بأنه لا يحمل ضغينة لأحد ، ولا يتأخر عن أية وقفة إنسانية للغريب كما القريب .. كان ناظم شاكر صاحب صاحبه بكل ما لهذه العبارة الأثيرة من معنى ..

قد أجد في هذه الميزة الآن وأنا أراجع شريط ذكريات طويلة ، ما كان يبرر وجه ناظم الضاحك على الدوام .. لم أره يوما خارج الملاعب مهموما أو قد غلب الضيق على نفسه لتنعكس الصورة على وجهه .. أما كرم النفس لديه ، فهو العلامة الفارقة .. اتصل بي الزميل لأخضر بالريش من الدوحة عام 2001 وقال إنه يريد أن يقابل النخبة من النجوم الذين مثلوا العراق في مونديال مكسيكو 1986 وذلك في إطار برنامج توثيقي طويل (العرب وكأس العالم) ، وقد زرنا معا أهم النجوم ، وحين خرج لأخضر من دار ناظم شاكر قال لي : بزززاف .. يا أخي بزززاف .. ماذا فعل ناظم بحق السماء؟!

(بزاف) تعني الكثير لدى إخوتنا في المغرب العربي ، وكان الزميل الجزائري يتحدث عن كرم ناظم شاكر حين استقبلنا نحن الثلاثة – بالريش والمصور مهدي التميمي وأنا – فقد أعدّ سفرة تكفي لوفد كروي بلاعبيه ومدربيه وإدارييه ورابطة مشجعيه وليس لثلاثة أنفار من الضيوف .. المفارقة أننا حين خرجنا كان ناظم يعتذر : التمس منكم العفو ، فهذا ليس ما يليق بكم!

* * *

ناظم شاكر كان كتابا مفتوحا ، خلافا لعدد ليس قليلا من نجوم الكرة العراقية وخصوصا ممن جايلوه ، وكانوا بطبعهم يضمرون شيئا ويظهرون شيئا آخر مختلفا .. كنت أقول له : أنت نجم كروي كبير يهابك حتى زملاؤك من فرط صراحتك ، ولهذا فأنت لن تسلم منهم ، وكان يقول : أنا فلّاح في داخلي ، لا تغرنـّك ملامحي وجسدي الضخم!

كان هذا الجسد يذوي في أزمته الصحية القاتلة .. كان جسد ناظم شاكر يتضاءل بينما نظراته تتطلع إلى زواره وأطبائه ، علها تجد فرَجا بين الوجوه والعيون ينقذه من هذا الصراع الذي كان يخوضه .. لكنهم خذلوه .. خذله رجال السياسة والرياضة .. وبينما كان الرجل يدخل في أدق مراحل الخطر كان الإهمال يتزايد ، حتى تحرك البعض حين تحولت ذبحة القلب إلى جلطة للشرايين وأصاب التلف الرئتين تماما..

*  * *

ناظم شاكر . دمعة حزينة حرّى أخرى تنحدر على خد العراق ، في نزف لن يتوقف .. بلد الإنسانية لم يعد يرحم أبناءه فضلا عن رموزه .. ذهب أبو غزالة إلى دار الحق كما ذهب علي هادي وأحمد راضي وكثير  من قناديل العراق ، والبركة في هؤلاء الرعاع الذين يُخطئهم الموت .. فلقد قرر الموت أن يمنح الأمان في العراق للصوص وسقط المتاع وشذاذ الآفاق!.

اترك ردا

Developed and designed by Websites Builder Ph:0449 146 961